* بعد أن بدات الحقائق تتكشف وفهم الرأي العام والعاملون بالحقل الصحي المطالب التي أجيزت من قبل وزارة الصحة لنواب الاختصاصيين، ردد الجميع ((أحسنت يا وزارة الصحة صنعاً)).. ولكن بعد أن عرف الداني والقاصي أن النواب ينوون الدخول في اضراب حدد له يوم غد الثلاثاء تفاجأ الجميع .. بالرغم من لغة الحوار الهادئة النبرة من قبل الوزارة، والوعد الذي قطعته بتحقيق كل المطالب الا ان بعض النشاز وبدفعة قوية كما يسميها صديقي الصحفي المقدام الأستاذ ضياء الدين بلال ((عيار ثقيل)) لتحدث زلزلة على اثرها تستجاب لها المطالب. * الآن القضية تسير في اتجاه التصعيد ولم تعد مطالب مهنية بل تحولت الى قضية سياسية خاصة بعد دخول العنصر الشيوعي في خط الأزمة.. الآن تهمس مجالس المدينة بأن هنالك تحركات ماكوكية وجلسات سرية لتحريض الفئات الأخرى من الاطباء للتضامن مع زملائهم النواب .. وهذا التحرك يعتبر في المقام الأول عمل سياسي يأتي متزامنا مع ظروف العملية الانتخابية التي بدأ العد التنازلي لميعادها. دخول الشيوعيين في قضية النواب هو تغطية لمسائل أخرى ولصرف النظر عن ما يحدث في أروقة الشيوعي ومدى قدرته على خوض الانتخابات خاصة والقوى السياسية مجتمعة تعرف تماماً الحقائق عن محدودية العضوية للحزب العجوز الذي ضعفت ووهنت قواه وعجز عن استقطاب عضوية جديدة منذ زوال عهد مايو، العهد الذي شهد فيه الحزب البطولات والتضحيات، وكان الشيوعي في طليعة أحزاب النضال ضد العهد المايوي. الآن يشهد الحزب ظروفاً صعبة جداً وهو مقبل على الانتخابات بأنواعها رئاسية وولائية وبرلمانية وتشريعية. ونحسب أن فرصه في إحراز نتائج تعينه على أن يكون ضمن منظومة القوى السياسية الأخرى ضعيفة، خاصة ومنذ ميلاده لم يحرز الحزب أي نجاحات في دوائر جغرافية، إلا في حدود 3 دوائر أو دائرة واحدة. لذا فإن الشيوعيين ليس أمامهم لإظهار رؤوسهم إلا عبر النقابات وخاصة المهنية .. ولعلهم يحلمون بعهود ما قبل مايو حيث انتشرت كوادرهم وتحكمت في النقابات المهنية وكان عهد أبريل فرصة طيبة لإظهار عضلاتهم عبر الإضرابات حتى قوضوا الديمقراطية الثالثة وتباكوا عليها الآن وأطلقوا الأكذوبة الكبرى بأن العسكرتارية لم يتركوا الديمقراطية لتؤكل ثمارها.. وينسون حقيقة هامة أن العسكر لا يخرجون من ثكناتهم للشارع في ظل ديمقراطية قوية.. هكذا يقول المنطق ومن واقع تجارب الشعوب. سؤال نطرحه يحتاج إلى إجابة شافية، ما الذي يدفع الشيوعيين للتدخل في قضية الأطباء النواب.. ولماذا يدفعون الأطباء رسل الرحمة والإنسانية إلى الإضراب وترك المرضى للموت والهلاك.. وما هي الدوافع وراء تحرك شيوخ الشيوعيين من الأطباء للزج بأنفسهم في قضية مطلبية، علماً بأن المساعي الجادة جارية لإيجاد الحلول لها، خا صة إذا علم الرأي العام أن غالبية المطالب أُجيزت ولم يبقَ من مطالب النواب إلا الجزء اليسير لتنتهي المشكلة برمتها.. وماذا يضير شيوخ الشيوعيين من الأطباء إذا دخلوا وساطة للتوفيق وإقناع النواب بعدم الدخول في إضراب، حيث تقتضي المصلحة الوطنية إلغاء ما ينوون الإقدام عليه غداً. عموماً نقول على النواب النظر بمنطق الحكمة والعقلانية والرحمة لمسألة الإضراب من ناحية سلبياته وآثاره المدمرة بالنسبة لمستقبل المهنة واحتمالية فقدان أرواح المرضى.. عليه كل الأمل معقود على أصحاب الضمائر الحية من النواب والأطباء أن يكونوا بمنأى عن أي عمل لتَسْيّس قضيتهم وأن يكونوا حذرين من العناصر المدسوسة في أوساطهم لتعقيد القضية وتحويل مسارها من مطلبية مهنية إلى سياسية تخدم أغراض حزب بعينه. الآن أصبح الموقف واضحاً بدخول العنصر الشيوعي في قضية الأطباء. إن التحريض ودفع الأطباء النواب للإقدام على الإضراب لا يخدم قضية النواب التي وجدت الاستجابة من قبل وزارة الصحة باعتراف لجنة ممثلي النواب وهذا مكسب لا يستهان به يصب في مصلحة النواب.. والاعتراف بمطالبهم ليس عن خوف أو تهديد أو ضغوط، ولكن استجابة وزارة الصحة جاءت عن قناعة تامة بمشروعية المطالب، ووعدت لجنة ممثلي النواب بأن المطالب المتبقية سيتم تنفيذها وتم الاتفاق على ذلك بين الطرفين.. فما الذي جد حتى يجعل شيوخ الشيوعيين ومن ورائهم حزبهم العجوز أن يزجوا بأنفسهم في القضية.. وبدلاًمن أن يركز الحزب على التعبئة والحملات الانتخابية ويجوب القرى والمدن يحمل برنامجه السياسي ليقنع ما تبقى من قواعده.. يركز بصفة أساسية وبكل ثقله على شريحة مهنية يريد أن يستغلها لتعميم الظاهرة وتشوية صورة الأطباء ورسم خريطة مليئة بالتضاريس والمنحنيات للحقل الصحي. اتخاذ اليقظة والحذر واجب من هؤلاء الذين بعد أن فشلوا في أي شئ.. ما زالوا يقولون نحن هنا.. ولكن لا حياة لمن تنادي.. نقلاً عن صحيفة آخر لحظة 15/3/2010م