لا يزال ملف التجسس الأميركي يقض مضاجع دول حليفة لواشنطن، كلما كُشفت تفاصيل جديدة عن مسلسله الذي لم ينتهِ بعد. آخر تلك التسريبات كان نشر معلومات ووثائق عن عمليات تجسس ضخمة قامت بها وكالة الأمن القومي الأميركية على فرنسيين، فضلاً عن التجسس على مسؤولين مكسيكيين كبار. ورغم محاولة وزير الخارجية الأميركي جون كيري طمأنة فرنسا التي قال إنها «حليفة قديمة» لبلاده، إلا أن ملامح الغضب الفرنسي كانت واضحة منذ لحظة نشر صحيفة «لوموند» تفاصيل تلك المزاعم. وكررت باريس أكثر من مرة طلبها بتوضيحات ووقف فوري لتلك العمليات، لكن من دون رغبة في التصعيد. الاستياء الفرنسي تجاوز حدود استدعاء السفير الأميركي وإبلاغ كيري شخصياً بذلك، إذ صعّد الرئيس فرانسوا هولاند لهجته، في مكالمة هاتفية مع نظيره الأميركي باراك أوباما، الذي بدوره اتهم وسائل الإعلام بتحريف نشاطات وكالة الأمن القومي. هو الأمر ذاته الذي أكده من بعده مدير المخابرات الأميركية جيمس كلابر، متهماً «لوموند» بنشر معلومات خاطئة، مؤكداً استمرار تعاون البلدين في مجال الأمن والمخابرات. المكسيك بدورها، أعلنت لاحقاً أنها ستستدعي سفير الولاياتالمتحدة إثر عمليات تنصت على البريد الإلكتروني للرئيس المكسيكي السابق فيليبي كالديرون. أوروبا، اتفقت مع فرنسا في عدم الحاجة للتصعيد، لكنها شددت بعد الفضيحة التي كشفت في فرنسا، على ضرورة انتقال قادتها من الأقوال إلى الأفعال لحماية خصوصية المواطنين الأوروبيين، لاسيما إعلان رئيس الوزراء الفرنسي جان ايرولت أن بلاده تضغط على حلفائها الأوروبيين لإدراج ملف التجسس على جدول أعمال قمة الزعماء الأوروبيين في بروكسل اليوم. مواقف غاضبة، ولكنها تبقى ضمن حدود الدبلوماسية، تكررت من ذي قبل عندما كشف المستشار السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية ادوارد سنودن سلسلة من عمليات التجسس، ولكنها في النهاية تضيع في أروقة المحادثات الجانبية والتصريحات العلنية لمسؤولي جميع الأطراف المعنية، من دون أن تعترف واشنطن يوماً بخطئها. المصدر: البيان الاماراتية 24/10/2013م