لم يعد الحديث عن تقسيم الدول العربية إلي دويلات صغيرة مجرد تخمينات تدخل في إطار نظرية المؤامرة, بل أضحي حقيقة تتكرس علي الأرض, بعد إعلان إقليم برقة الليبي استقلاله, وتكوين جمهورية مستقلة. وهذا الإقليم الذي يقع شرق ليبيا, بالقرب من الحدود المصرية, يتميز بوجود منابع للمياه والنفط علي أرضه. ومنذ أوائل عام1102 تأسست الجبهة الوطنية لاستقلال برقة, بغرض العمل علي إنشاء جمهورية برقة الديمقراطية والاستقلال عن ليبيا, وفي مارس من العام الماضي استعجلت برقة عملية تقسيم ليبيا التي توقعها كثيرون, وأعلنت فعاليات انفصالها, ولكن في ثوب الفيدرالية, ومنذ أيام قليلة دشنت عمليا هذا الانفصال بالإعلان عن تشكيل حكومة خاصة بها. وهكذا دخلنا مرحلة التقسيم الفعلي لليبيا إلي عدة دويلات, وبات واضحا أن هذا الأمر يمكن أن يتكرر في دول عربية أخري كثيرة, بدأت بالعراق النموذج الأبرز والرهان الآن علي سوريا, ويسعي البعض لأن يمتد إلي مصر ودول عربية أخري. فنحن الآن أمام سايكس بيكو ولكن من نوع جديد, يعتمد علي تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ, والهدف ضرب أي تجمع عربي, والقضاء تماما علي فكرة القومية العربية, بإثارة النعرات القبلية والعرقية والإثنية, وتقسيم الدول العربية إلي دويلات صغيرة علي هذا الأساس لا تملك أي مقومات للقوة, وتضطر للاعتماد علي قوي دولية وإقليمية معينة, ليعود الاستعمار في شكل جديد. واذا كان وجود مؤسسة عسكرية قوية في مصر, هو الضمان الأكبر لعدم وقوع البلاد في فخ التقسيم, فإن وعي الجماهير بما يحاك لها, والإصرار علي عدم الانجرار إلي هذا المستنقع هو الضمانة الوحيدة للحفاظ علي وحدة البلاد والجيش معا. المصدر: الاهرام المصرية 27/10/2013م