فى الفترة الممتدة من الثامن والعشرين من ديسمبر الى الثاني من يناير 2014 عاثت حركة العدل والمساواة المتمردة التى يقودها جبريل إبراهيم فساداً من نوع فريد خلف خطوط القتال الجنوبي الدائر بضراوة. ففي الجزء الشمالي من ولاية الوحدة وقد خلا الجو، وانشغل الفرقاء الجنوبيين بمعركة إثبات الذات وجدت حركة العدل المساواة أغلى فرصة لكي تجني مكاسب لوجستية وتستولي على مواد غذائية ومؤن وأسلحة وذخائر. الحركة بقرت بطون المنظمات الإنسانية غير الحكومية واستولت على قطع الغيار والوقود والأدوية والمواد الغذائية المعلبة، كما ولجت الى داخل مخيمات النازحين (وهي مدججة بالسلاح وأخذت كل ما ثقل وخف وزنه وكانت (منطقة ييدا) مسرحاً لوجستياً عامراً لم تدع الحركة مخازنه الكبيرة إلا لما خلت تماماً من أيّ مخزون استراتيجي. قادة حركة العدل المتمردة فى ولاية الوحدة محمد بليل عيسى ومهدي حسب الله وبشارة آدم -بحسب شهود عيان تحدثوا لوكالات أنباء غربية- أشرفوا إشرافاً ميدانياً مباشراً على إفراغ مخازن المنظمات هناك من أي مواد غذائية وأسلحة وذخائر، وتم إقامة (جسر بري مطول) ما بين ولاية الوحدة وأماكن تمركز الحركة فى بعض مناطق جنوب كردفان ليتم إيصال الإمدادات المسروقة الى تلك المناطق، وامتدت عمليات النهب واللصوصية أيضاً الى مناطق (فاريانق) و (الحفرة) و (الوزرين) حيث شركات النفط ومعداتها ولم تسلم حتى الأثاثات المكتبية وبعض المعدات الصغيرة من السرقة! وتشير الأنباء –(على نحوٍ مخجل)– الى أن بعض قادة الحركة الذين كانوا (ضيوفاً) بمعية أسرهم فى المزرعة الخاصة بحاكم ولاية الوحدة السابق (تعبان دينق) مثل عبد الكريم شالوي قاموا بعمليات نهب وتخريب وعاثوا فساداً فى المزرعة التى كانت تأويهم، بل لم يتورعوا فى الفتك بقبائل النوير سواء كانوا مدنيين أو عسكريين ذكوراً أو إناثاً، أو شباباً. هذا المشهد للأسف الشديد جرت وقائعه فى الفترة الماضية وما تزال بعض الوقائع المماثلة تجري الآن، حيث تستغل الحركة الدارفورية المتمردة الشديدة الولع بالمغامرات والأعمال الإجرامية، سانحة الصراع الجنوبي الدامي لكي تحصل على تجارة حربية سهلة، لا تراعي فى ذلك أنها حركة مستضافة، ولا تراعي لمن استضافها، ولا تنظر الى أبعد من قديمها، فمصلحتها الخاصة ومصالح قادتها هي فوق كل اعتبار، والواقع أن هذا الدرس لم يتعلمه القادة الجنوبيين حين قامت ذات الحركة هذه على أيام زعيمها السابق خليل إبراهيم بفعل الشيء ذاته فى ليبيا أيام الثورة الشعبية الكاسحة التى اقتلعت نظام القذافي، فقد لعبت الحركة يومها ذات اللعبة لصالح مصلحتها الخاصة وقاتلت فى صفوف القذافي مقابل المال والذهب، ولم تتورع فى سرقة الأموال وحملها عبر الصحراء فى قوافل عائدة بها الى السودان لتشوين عملياتها العسكرية. حركة العدل والمساواة الدارفورية المتمردة تسقط –للمرة الثانية– فى امتحان الثقة، والمصداقية، وإن كان لنا من عزاء هنا، فهو أن يأخذ القادة الجنوبيين العبرة من هذه الأحداث عقب انجلاء غبار المعارك ويدركوا أن هذه الحركة مثل الفئران التى تعقب سقوط الأشلاء وتناثر الدماء وهي تبحث عن (الفتات) و(بقايا الخبز) ولا تستكنف أن تعمل أسنانها الحادة في أجساد الضحايا وجيوبهم وبقايا طعامهم!