حتى لو حدث هذا الأمر وبأي كيفية.. فعلى الحكومة الإسراع بالاستجابة لطلب الوحدة من الجنوب!!.. على الأقل لتصحح الخطأ الذي وقعت فيه ولتنجُ من حكم محكمة التاريخ العادل والذي سيكتب بأحرف بارزة أن الإنقاذ تسلمت وطناً كاملاً مليون ميل مربع وسمحت بانفصال الثلث وبذهاب نسبة مقدرة من شعبها إلى الدولة الجديدة!! سيكون هذا رأي الشعب السوداني بكامله في الحديث الذي قاله الرئيس البشير بأنه تلقى طلبات من أطراف في الجنوب للوحدة مع الشمال! الشعب في الشمال لم تتم مشورته أو استفتاؤه في أمر «الانفصال».. وجرت العملية في الاتفاق الثلاثي بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والمجتمع الدولي الذي خدع الطرفين ونفذ مخططه بتمزيق الوطن وهو يعرف أنهما سيقبلان بذلك في سبيل الاحتفاظ بكراسي السلطة!! لقد حدث الانفصال ونحن نعرف أن الأغلبية الغالبة من أهل الجنوب لا يد لهم فيما جرى، فحالة الشد والجذب والصراع الذي دار حول تفسير وتنفيذ اتفاقية نيفاشا زاد من مخاوف الجنوبيين.. إضافة لتصريحات النخب الحاكمة في الوطني ك «حقنة» كمال عبيد وهياج الأصوات العنصرية في الشمال والقريبة أيضاً من الوطني.. كلها ساهمت في حدوث عملية الانفصال والذي مثل كابوساً مخيفاً عرف الناس نتائجه بعد ذلك، فالشمال لم ينعم بالأمن والاستقرار وزاد لهيب الحرب وامتد إلى ما يعرف الآن بالجنوب الجديد. خلفت عملية الانفصال بعد انقطاع إيرادات النفط أسوأ كارثة اقتصادية شهدها السودان منذ استقلاله وحتى اليوم! أما الجنوب فإن الحرب الدائرة الآن بين طرفي الصراع وبكل مآلاتها من قتل وتشريد وانتهاك فظيع لحقوق الإنسان وتدخل دولي وإقليمي في شؤون الدولة الوليدة.. كل هذه أدلة وشواهد وبراهين تؤكد خطأ الانفصال من أساسه!! لا نعرف الظروف التي جعلت البشير يخرج مثل هذه المفاجآت!! ولا نعرف هل يمكن أن تذهب هذه الخطوة كثيراً إلى الأمام أم هي جزء من مناورة سياسية يقوم بها طرف من الأطراف هرباً من أزمة!! وما أكثر الأزمات هنا وهناك! لا نعرف كل هذا ولكن الذي نعرفه أن مسألة العودة للوحدة مرة أخرى لن تكون بالسهولة التي يتخيلها الكثيرون من دعاة الوحدة شمالاً وجنوباً.. فالظروف غير مواتية والبلدان في حالة وضع انتقالي.. والمطلوب أولاً إطفاء بؤر الحرب والاقتتال في الشمال والجنوب والعمل معاً على تسهيل حركة انتقال الشعوب والإقامة بالبطاقات!! وفتح الحدود وعودة النشاط الاقتصادي إلى صورته الطبيعية بين شطري الوطن. وبعدها ستعود الوحدة «براها» ولن تحتاج لطلبات سرية وسيحققها هذه المرة الشعب بكامل حريته واختياره والتاريخ يقول ذلك. نقلا عن صحيفة آخر لحظة 20/4/2014م