هل الوصف الذي أطلقه محللون متابعون للشأن السوداني عام 1987 "أنه بعد 16 سنة من الحكم الشمولي للنظام المايوي فإن السياسيين عادوا وهم يفكرون ويتصرفون ويتعاملون مع الواقع السياسي كأنهم كانوا فى كوكب مجهول". أي أنهم لم يتغيروا ولم يبتدلوا وكأن الارض لا تدور والعالم لا يتغير، لقد تداخلت عليهم الامور ولم يعودوا ينظرون نحو الاتجاه الصحيح، وما يخدم الوطن والمواطن؟ فهل هذا الوصف والتحيلل يمكن استعاته واستعارته عام 2014 حيث الوطن كله مهدد بالخطر وأجندة خبيثة خارجية وداخلية تدفع به نحو الهاوية؟ فأين هم من ما هو ماثل؟ وطوق النجاة للوطن كله يتمثل في مبادرة الحوار الوطني الشامل، للحيولة دون الضياع، ودون سقوط الوطن فى هاوية لا يعلم مداها إلا الله، إن السياسيين والقيادات والرموز وغيرهم يتجادلون فى تفاصيل وهوامش يمكن تجاوزها مباشرة نحو الحوار الوطني الشامل، لأن كسب الزمن مهم جداً واجندة المؤتمر لا تحتاج الى لجان أو آلية موحدة فالقضايا واضحة ومحددة والاتفاق على الثوابت الوطنية والدستور والهوية. والأهم من ذلك كله الحفاظ على الوطن، السودان وسلامة أهله، والذي فقد ثلث مساحته وربع سكانه عام 2011 واصبح مهدداً تماماً فى جنوبه ومن جنوبه بعد قيام الدولة الناشئة والتى تدور فيها النيران والمعارك وسكانها يهربون منها فى اتجاه الشمال الذي قرروا الانفصال عنه بإرادتهم واختيارهم وبنسبة 100% وتندلع فيه اضطرابات وحرائق وضحايا فى مناطق متعددة فى غربه، و انظر الى الاوضاع الاقتصادية الصعبة، بعد ان انهارت الزراعة واصبح مشرع الجزيرة الذي كان ينتج القطن على مدى أكثر من ستين عاماً ويصدر اقطانه الى العالم وبوجه خاص لشركات النسيج فى بريطانيا والولايات المتحدة والهند ويغطي عائده كل احتياجات السودان بما فيها الغذاء والكساء و الدواء وأجور العاملين فى الدولة. واصبح حديث الاقتصاد السوداني اليوم هو توفير (التمويل الاضغر) ومحابة الفقر لدى الأسر فى ولاية الخرطوم وغيرها من مدن وقرى نائية. هل هذا الجانب من الوضع السياسي والاقتصادي والأمني يسمح بترف الاتصالات الجانبية وردود الافعال والبيانات التى تتحفظ وتشترط، وآخر بيان نقلته صحيفة الأيام 8 مايو 2014 بعنوان الشيوعي (ضغوط الاحزاب والسفارات لن تجبرنا على القبول) وأنظر الى اللغة أو النص (أنه، أي الحزب الشيوعي، يتابع الضغوط الدولية والاقليمية التى تمارس على النظام وبعض القوى السياسية الاخرى المرتبطة مصالحها (الطبقية) بالرأسمالية العالمية، من أجل الاسراع بعقد الحوار وتمهيداً لاتخاذ القرارات المتخذة مسبقاً من أجل (الهبوط الناعم) وفرضه كأمر واقع بمساندة القوى التى قبلت الحوار حافظاً على مصالحها والابقاء على النظام الحالي مع أجراء بعض التغيرات الشكلية، هل يكمن ان يكون هذا البيان صادراً من قيادة الحزب الشيوعي أم أنه سرب أو دُسَّ عليه؟ هل تنطبق مقولة ان السياسيين يفتقرون الى الرؤية الصحيحة للمشهد؟ إن الحقائق والأوضاع المضطربة فى مناطق عديدة والازمات الإقتصادية الحادة والمعيشية، وتردي الخدمات والاجندة الخبيثة التى تدفع بالوطن كله فى اتجاهات وسيناريوهات (نحو الهاوية)؛ هذه الاجندة تستهدف الكل، وجميع أهل السودان فى الحكم او خارجه والخطر يحدق يهدد دون استثناء، وحال انفجار الطرفان يغرق الجميع والحوار الوطني وحده والتسريع به وبنتائجه فى تحقيق وحدة الصف والتوافق الوطني وحده الذي يحول دون الخطر، ودون الهاوية ودون الضياع للوطن ولأهله. نقلا عن التغيير 11/5/2014م