كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن قوات الدعم السريع ومهامها القتالية، حيث وجهت إليها بعض الاتهامات والانتقادات، بأنها قوات باطشة لا تراعي حرمه قوانين ونظم الحرب التي ينبغي أتباعها من قبل القوات النظامية في التعامل مع عدوها وأسراها. فلذلك ووجهت بسيل عارم من الاتهامات من قبل المنظومات الإقليمية والدولية وانتقادات لاذعة من بعض الجهات والشخصيات داخل السودان، وزاد بعضهم في هذه الاتهامات بأنها قوات تضم بعض الأجانب في عملياتها. وقد شن عليها السيد الصادق الصديق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، هجوماً عنيفاً مؤخراً، تستدعي أن يفتح جهاز الأمن والمخابرات الوطني بلاغاً ضده، متهماً إياه بإشانة السمعة، والتحريض علي قوات الدعم السريع، وغير ذلك من التهم المنسوبة في مذكرة الدعوي. بينما يري البعض الآخر، أنها قوات بسطت هيبة الدولة في بعض مناطق النزاعات وحققت انتصارات غير منكورة في مناطق العمليات، دعماً للقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، في مواجهة الحركات المسلحة في مناطق جنوب وشمال كردفان وإقليم دارفور. أحسب أنه لكل هذه الأسباب مجتمعة، نظمت إدارة الإعلام بجهاز الأمن والمخابرات الوطني لقاء تنويرياً حول عمل قوات الدعم السريع ومهامها القتالية أمس (الأربعاء)، في النادي الوطني بالخرطوم. وقد وجهت إلي دعوة من قبل الجهة المنظمة لحضور هذا اللقاء التنوري وبالفعل حضرت لقاء مهماً بسط فيه الأخ اللواء الركن عباس عبد العزيز قائد قوات الدعم السريع، طبيعة عمل هذه القوات ومهامها القتالية، وكيفية تشكيل أفرادها، وتنظيم تدريباتها وفقاً لما هو معمول به في القوات المسلحة السودانية، مؤكداً أنها قوات نظامية منضبطة، تتبع لجهاز الأمني والمخابرات الوطني إدارياً ومالياً، ولكنها في شأن العمليات العسكرية تعمل تحت إمرة القوات المسلحة في تصديها للمتمردين في مناطق النزاعات المختلفة. وذهب اللواء عباس عبد العزيز إلي أن هذه القوات تلقت تدريباً عالياً مكثفاً لمدة أربعة أشهر في شؤون القتال، ما يجعلها أكثر فعالية في التحرك في مسارح العمليات، وأن هذه القوات تم تأهيلها في مجالات الضبط والربط وحقوق الإنسان، وألزمت بإتباع تعاليم الإسلام والمعاهدات والمواثيق الدولية في الحرب، معارك وأسراً، وحاول جهداً أن يدحض الأقاويل والاتهامات التي رددت في سياق حملة ضد هذه القوات، والتشكيك في سودانية عناصرها، وعدم مراعاتها لأعراف وتقاليد الحروب والصراعات، مشدداً أنها تهدف إلي رد العدوان عن المواطنين الأبرياء، وحفظ هيبة الدولة. وفي رأيي الخاص، أن إقرار اللواء الركن عباس عبد العزيز بأن بعض أفراد هذه القوات ارتكب بعض المخالفات والجرائم، وأن قيادتهم سارعت إلي عزلهم وتسليمهم إلي الجهات العدلية لمحاكمتهم جراء ما اعترفوا من آثام وجرائم، جميل هذا الإقرار، لأن ذلك يعني أن القيادة ستواجه أي مخالفات أو جرائم، بكثير حزم، وشديد عقوبة. وأحسب أن هذه القوات كسبت بعض معاركها ضد المتمردين؛ لأنها لم تتبع أساليب القتال التقليدية التي تتبعها القوات المسلحة، والقوات النظامية الأخرى، لأنها واجهت حرب العصابات التي تشنها الحركات المسلحة، بأساليبهم ذاتها. واللافت في هذا اللقاء التنويري، مداخلة الأخ العميد محمد حمدان (حميدتي) القائد الميداني لقوات الدعم السريع، حديثه بحماسة عن أهداف ومكونات هذه القوات، معبراً عن استيائه الشديد لما تتعرض له هذه القوات من ظلم، وتشويه سمعتها واتهامات بدواعي عدم مراعاتها بعض الأعراف والتقاليد العسكرية في حروب النزاعات، ومعاملة الأسري. فأدلي بطرفة صفق لها بعض الحاضرين عندما مازحهم قائلاً: "ليتنا تركنا المتمردين يأتون إليكم في الخرطوم". ووجه حميدتي – وقد لفت انتباهي هذا اللقب الذي فيه شئ من البلاغة، إذ أنه تصغير حميد حميدتي، وهو من تصغير التمليح: كان تصغر ولد وليد، فسألته عقب اللقاء التنويري، من أين جاءه هذا اللقب الذي شاع وعم القرى والحضر، فقال: لقبت به منذ صغري – اتهامات وانتقادات إلي الوسائط الصحافية والإعلامية بحجية انحيازها إلي التمرد والتخريب، متسائلاً أين هم مما يحدثه المتمردون من قتل وحرق وتدمير للقرى والمدن؟!، وأشار في زهو وثقة إلي أن قوات السريع، وفق الخطة التي تعمل بها، ستحسم التمرد في خلال فترة وجيزة. أخلص إلي أن محمد حميدان دقلو (حميدتي) تحدث في اللقاء التنويري، بأن التمرد في إقليم دارفور لا يتعدي ثلاث قبائل فقط بينما جموع قبائل دارفور ضده. ومما يري عنه أنه أحد أساطين أبناء دارفور الذين تصدوا للحركات المسلحة منذ أمد بعيد، وعرفته دارفور إيان اشتداد أزماتها وصراعاتها. وكان يؤكد في حماسة أن قوات الدعم السريع هي منظومة أمنية تعمل، وفقاً لموجهات وأعراف القوات المسلحة أثناء العمليات العسكرية، وأن أفرادها يتبعون تنظيمياً إلي جهاز الأمن والمخابرات الوطني، نافياً عنهم صفة أنهم منظومة طوعية تعمل كإسناد للقوات المسلحة، بل هم يقاتلون جنباً إلي جنب مع القوات المسلحة، بل هم يقاتلون جنباً إلي جنب مع القوات المسلحة، وفي بعض الأحايين يتخذون أساليب حرب العصابات التي تتبعها الحركات المسلحة في معاركها ضد القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى. ودعا حميدتي الوسائط الصحافية والإعلامية إلي أن تتحري الدقة والموضوعية في تعاطيها مع قوات الدعم السريع، وأنهم في تصديهم للمتمردين يهدفون إلي حماية الوطن والمواطن، ويحرضون إخوانهم في شتي بقاع السودان للانضمام إليهم في هذه المهمة الوطنية، لتحقيق السلام حرباً أو تفاوضاً. في هذا الصدد، قول الله تعالي: "وإن جنحوا للسلم فأجنح لها وتوكل علي الله إنه هو السميع العليم". نقلا عن صحيفة التغيير 15/5/2014م