أحتضنت الخرطوم الجولة الرابعة من المفاوضات الثلاثية بين السودان وإثيوبيا ومصر، حول إنفاذ توصيات لجنة الخبراء الدولية حول مشروع سد النهضة الإثيوبي.وبالرغم من أن إثيوبيا تواصل في بناء مشروعها، إلا أنه ما زال هناك كثير من التعنت الواضح في التمسك بموقف واحد شد السد، من قبل مصر، في وقت طالبت فيه الخرطوم دولتي مصر وإثيوبيا بإبداء حسن النوايا من أجل التوصل إلي اتفاق حول مشروع سد النهضة الأثيوبي وعدم التقيد بالأفكار التقليدية– طالما أن لكل الدول الحق في الاستفادة من مياه النيل دون الإضرار بالآخرين.و إن الوقت حان للتوصل لاتفاق حول سد النهضة الإثيوبي لتحقيق وتعزيز التعاون المشترك بدول حوض النيل، خاصة وأن هناك قضايا ملحة ستحل ضمن روح التعاون بدلاً من انعدام الثقة، وقول مراقبون أن موقف الدول الثلاث جيد سياسياً وفنياً واقتصادياً ويمكن أن يسهم في التوصل إلي اتفاق بشأن الخلافات حول السد لإرساء أسس تعاون في الإقليم. وأتت الجولة الرابعة لمفاوضات سد النهضة بين وزراء مياه دول حوض النيل الشرقي (مصر والسودان وإثيوبيا)، نتاجاً للقرار المشترك للدول الثلاث، بشأن استئناف هذه المباحثات وتنفيذ توصيات خبراء الهيئة الدولية لسد النهضة الإثيوبي، فالدول الثلاث اتفقت علي وضع آلية لمتابعة تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدوليين، وما أسفرت عنه الاجتماعات الثلاثة السابقة.وأكد تقنو ضرورة إنشاء اللجنة الوطنية لسد النهضة والتي تضم خبراء عن الدول الثلاث. وعقدت الجولة الرابعة في وقت يشكك فيه اعلاميون مصريون في الموقف السوداني من الأزمة بين مصر واثيوبيا حيث يشير بعضهم إلى أن الموقف السوداني قد اتجه بالفعل إلى تغليب الاعتبارات السياسية اللحظية الخاصة بتوازنات السلطة القائمة وتحدياتها الداخلية، دون النظر في التغيرات الاستراتيجية في أوضاع المياه والأمن في النيل الشرقي. الواقع يقول أن السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير عندما أعلن تأييد السودان لسدِّ النهضة في 4 ديسمبر عام 2013م، لم يأت الأمر من فراغ ، فالسيد رئيس الجمهورية يعرف أن نائبه الأول وقتها، ووزيري الموارد المائية السابقين (الدكتور سيف حمد ومن بعده الوزير أسامة عبد الله) يؤيدان السد، لكنه لم يكن قد اتخذ قراره. والسودان لا بُدَّ أنه قد قارن كوارث السد العالي عليه بفوائد سد النهضة،إنه ليس قراراً سياسياً ، إنه قرارٌ بنى على ما شاهده الرئيس بنفسه، وعلى مصالح السودان، وعلى حقائق التاريخوالشواهد تقول أن إثيوبيا قد باعت للسودان مائة ميقاواط من الكهرباء بسعر التكلفة، ووصلت تلك الكهرباء في ذلك اليوم مدن وقرى منطقة القضارف والقلابات التي شاهدت بعضها الكهرباء لأول مرة في التاريخ (رغم أن كهرباء السد العالي بدأ استخدامها عام 1970). وقتها وضحت لرئيس الجمهورية الصورة الكبرى والفوائد التي يمكن أن يجنيها السودان من سدِّ النهضة.وقتها قارن الرئيس البشير كوارث السد العالي على السودان بفوائد سد النهضة، فكان القرار بتاييد قيام سد الألفية الاثيوبي. والواقع يقول أيضا أن الطمي الإثيوبي أنهك سدودَ السودان وقنواته، وقد فقدت خزانات سنار والروصيرص وخشم القربة أكثر من نصف طاقتها التخزينية للمياه ولتوليد الكهرباء بسبب الطمي. وانهارت بنية الري التحتية لمشروع الجزيرة تماماً بسبب الطمي أيضاً.ويصرف السودان أكثر من عشرين ملايين دولار لإزالة الأطماء كل عام بلا فائدة، بل إن السودان يبني حالياً سدّي أعالي عطبرة وسيتيت بسبب إغلاق الطمي لخزان خشم القربة. مما لا شك فيه أن سد النهضة سيقوم بحجز كميات كبيرة من هذا الطمي ويطيل عمر سدود السودان ويجعلها تعمل بكفاءة أكثر بكثير من ذي قبل.