إطلاق سراح الدكتورة مريم الصادق المهدي أولى بشريات الحوار الجاد.. وانفتاح الحكومة على الآخر بغض النظر عن التباين والخلافات في الرؤى والأفكار والتي يمكن أن تقرأ في إطار الاختلاف الطبيعي. سبقت الحكومة اجتماع حقوق الإنسان بجنيف، المعد مسبقاً لمضاعفة القرارات على السودان خاصة وان الخبير مشهود بدرين قد ضمن في تقاريره السنوية أوضاعاَ لا علاقة لها بالواقع بل تدخل في إطار المكايدات السياسية التي وقع ضحيتها الرجل الفاقد للذمة والضمير. واعتقال مريم كان ضمن الأجندة الموضوعة للتداول والاستناد على واقعها باعتبار أن الدولة السودانية تمارس عمليات إرهاب علني على بعض القيادات الموجودة بمسببات مختلفة رغم يقينهم أن قضية مريم وغيرها لم تخرج من إطار القانون الذي يحكم البلاد. وخروج مريم لا يعني أن الحكومة قد وافقت على خطواتها أو اعترفت بما قامت به في باريس.. لأن الإمام نفسه قد تم إطلاق سراحه في السابق رغم التهم التي وجهها ضد الدعم السريع احد الأذرع القوية والمساندة للحزب الحاكم.. وعليه يمكن أن تقرأ وضعية كليهما بالنظرة الجديدة والايجابية للحكومة وسعيها لتوسيع ماعون العمل السياسي والتفاوض الجاد بالتغاضي عن أخطاء الخصوم وحراكهم السلبي. وزيارة ثامبو امبيكي رئيس الآلية الإفريقية للخرطوم صباح اليوم تعضد مسار التصحيح الذي شرعت فيه الحكومة رغم الصراعات التي ما زالت تتباين في وجهات نظرها داخل الحزب الحاكم.. ما بين موافق ورافض للانفتاح الكامل باعتبار أن أوراق اللعبة ما زالت بيد الحكومة. ونتيجة الصراعات الداخلية حول قرار المفاوضات السياسية في الحزب الحاكم ستفضي بقرار يمكن أن يوضح الرؤية في شكلها النهائي.. مع استصحاب تقرير امبيكي ورؤيته في الحل الذي أشارت إليه بعض وسائل الإعلام المختلفة بمقترح يطالب بقيام مؤتمر جامع للقوى السياسية السودانية بأديس أبابا لإحداث التقارب المطلوب. اعتقد أن مقابلة الرئيس المشير عمر البشير مع امبيكي لن تخرج بقرار فوري.. لأن الرئيس سيستمع الى نتائج الاجتماعات التي تمت في أديس أبابا ووثيقة المبادئ العامة التي تم التوقيع عليها بين مجموعة باريس وآلية 7+7 الأقرب أن يتابع اللقاء البروفيسور إبراهيم غندور باعتبار ان الرجل قريب من الملف.. ليكون ممثلاً للرئيس عقب اللقاء في إطلاق التصريحات الصحفية التي لن تخرج من إطار استمعنا وسيتم الرد على ما جاء في اللقاء قريباً بعد عرض التقارير على الحزب ومؤسسات الدولة والأحزاب المشاركة. التوقعات والتكهنات لا يمكن أن تجدي في هذا التوقيت بالذات.. لأن الرؤية ضبابية.. والشكل العام لم يبين ملامح القرارات المرتقبة في ظل شد وجذب عدد مقدر من شخوص الداخل. لا أظن أن هناك سودانياً يمكن أن يعارض السلام أو التوافق والتفاوض الايجابي الداعي للم الشمل ولكننا ضد العنتريات التي تظن أن المؤتمر الوطني يحاول أن يخرج من أزمات متكورة في أذهانهم ولا علاقة لها بالواقع. حراك الحزب الحاكم.. حراك طبيعي ويعضد على برامج الحزب الموضوعة مسبقاً والتي حاول مرارا وتكرارا أن يجد لها موطأ قدم وسط الصراعات والأجندة وحرب الذات التي وضعت السودان في وضع لا يحسد عليه. لابد أن نقرأ الأحداث بإيجابية بعيداً عن التجريم أو إطلاق التهم حسب الأهواء الشخصية لأن القرار في نهاياته يمكن أن يضر المواطن ويحطم المتبقي من الآمال. نقلاً عن صحيفة الصحافة 10/9/2014م