تلقت العملية السلمية في جنوب السودان التي ترعاها منظمة الإيقاد دفعات قوية وأخذت مساراً إيجابياً بعد مشاورات أروشا التنزانية بين فرقاء الحركة الشعبية الحزب الحاكم والقمة المصغرة التي عقدت في جوبا وضمت زعماء يوغندا وكينيا وتنزانيا، وأهم ما خرجت به مشاورات أروشا هو اعتراف طرفي النزاع في جنوب السودان الرئيس سلفاكير ونائبه السابق رياك مشار بالمسؤولية الأخلاقية عن ما حدث في جنوب السودان منذ ما يقارب العام من قتال دمر البلاد وقتل وشرد العباد، وعطل انطلاقة الدولة الأحدث في العالم نحو التنمية والاستقرار لتعود لسيرة الحرب التي من أجل نسيانها تماماً صوت الجنوبيون على الانفصال في الاستفتاء الذي نص عليه اتفاق السلام في العام 2005م بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بجنوب السودان. مشاورات أروشا التنزانية التي جاءت مبادرة من الرئيس التنزاني جاكايا كيكويتي شكلت تحولاً مهماً في مسار البحوث عن حل لأزمة جنوب السودان عندما ركزت المشاورات على جذور الأزمة صراع الأجنحة داخل الحزب الحاكم بجنوب السودان أي الحركة الشعبية التي انشطرت بسبب الصراع داخلها بين الإصلاحيين والمتشبثين بإرث الحركة القديم إلى عدة حركات، إحداهما تدين بالولاء للرئيس سلفاكير والحكومة الحالية في جوبا، وأخرى تتبع لنائبه السابق رياك مشار الذي يتزعم المعارضة المسلحة، وثالثه اتخذت المعارضة السياسية السلمية طريقاً للتغيير، وأسمت نفسها مجموعة الطريق الثالث بزعامة الأمين العام السابق للحركة باقان أموم، ونجحت المشاورات التنزانية في جمع شتات الحركة في أروشا، ويبدو أنها كانت ناجحة بدليل أن القمة المصغرة التي انعقدت في جوبا بعد مشاورات أروشا مباشرة أعلنت عن حدوث اختراق كبير في القضايا محل الخلاف في مفاوضات الطرفين بمدينة بحر دار الإثيوبية. مشاورات أروشا كشفت عن أهمية الحوار المباشر بين الأطراف المتصارعة، فرغم أن المفاوضات التي ترعاها الإيقاد استمرت عدة أشهر إلا أن الاختراق جاء من خلال لقاءات مباشرة من دون وسيط، ونتذكر أن كل الاتفاقات على وقف العدائيات التي توصل إليها الطرفان غمض الطرف عن مدى الالتزام بها جاءت من اللقاءات المباشرة، كما أن أهم وثيقة سياسية تناقشها المفاوضات الآن، وهي تشكيل حكومة قومية انتقالية جاءت من اللقاءات المباشرة. إذن عندما يتلقى سلفاكير ورياك مشار فإن اتفاقاً قد يتم أو انفراجاً قد يحدث في الأزمة، وقد تعود الأمور إلى طبيعتها التصادمية بعد انفضاض سامرهما، كل هذا يحدث وأكثر مما يجعل اللقاءات المباشرة ضرورة من أجل تسريع وتائر الحل السلمي لأزمة جنوب السودان التي اقتربت من عامها الأول من القتال والدمار. نقلاً عن صحيفة اليوم التالي 27/10/2014م