يلحظ المتتبع تاريخياً لمسيرة (عرمان) يجد انه خرج من الوطن منضماً لما يسمى بالحركة الشعبية لتحرير السودان في العام 1986م ذلك الزمن الذي كانت فيه نسمات الحرية والديمقراطية تعطر أجواء الحياة السياسية في السودان ... دعنا هنا نسقط احتمالية اتهامه انه خرج مذعوراً من محاكمته بتهمة مقتل طالبي الجامعة (الأقرع وبلل) .. فالرجل الذي خرج من اجل الحريات والرأي والرأي الآخر خرج يقاتل ضد مبادئه ... نعم خرج والشعب السوداني يعيش اسعد لحظاته ... نعم انتفاضة ابريل 1985م ... هل هو الانفصام ..!؟ اشك في ذلك لكن دعنا نمضي خطوة خطوة نحو الأمام ... ذهب عرمان معجباً بشخصية الراحل (جون قرنق) جاعلاً منه (ملهمه السياسي) و مثله الأعلى...!!! نعم قاتل بلا هوادة بل ساهم وبقوة في إضعاف فترة الصبر على الديمقراطية ... قاتل ضد مبدئه الأول ادعاء عشق الحرية والديمقراطية ... بعد أشهرٍ من هروبه من السودان سمعنا به في أديس أبابا، ليعلن التحاقه بالحركة الشعبية. قبلها بشهور علقت عضويته في الجبهة الديمقراطية للطلاب، وهي تنظيم يجمع الشيوعيين ومن تبع برنامجهم السياسي. نفذ ياسر إلى صفوة قيادة الحركة الشعبية، معجوناً بذخيرة فكرية وثقافية ثرة، التصقت به منذ الصغر، وصدقٍ في الانتماء ووفاء، تشربه من أهله في منطقة الجزيرة بوسط السودان وتحديداً من قريته حلة سعيد. لأول مرة في تاريخ الحركات الجنوبية السياسية يلتحق شمالي شاب بصفات ياسر وطاقاته. أخلص ياسر لوضعه الجديد وتزوج من بنت سلطان لأحد بطون قبيلة الدينكا التي تسكن منطقة أبيي الغنية المتنازع عليها على حدود الشمال والجنوب. وشغل ياسر بال سودانيين كثر استغربوا انضمامه للحركة وثباته رغم هزاتٍ عنيفات لم تبق أقرب الأقربين لجون قرنق (القائد المؤسس). كانت خصائل القيادة فيه كما كان يردد سياسيون تمكنه من الصفوف الأولى في أي الأحزاب شاء في المعارضة أو الحكم. وياسر سعيد عرمان المولود عام 1961 بقرية (طابت) في ولاية الجزيرة ،يعد من أوائل الشماليين الذين أنضموا للحركة الشعبية في جنوب السودان وذلك في بداية تأسيسها العام 1983،عندما كانت الحركة شيوعية التوجه وهو ما تماشى مع هواه، وهو الكادر الشيوعي منذ أيام الدراسة الثانوية وحتى حينما كان طالبا بجامعة القاهرة فرع الخرطوم، حيث كان قياديا في الجبهة الديمقراطية احدى التنظيمات الطلابية التابعة للحزب الشيوعي..بدأت رحلة ضياع ياسر عرمان وهو طالب في الجامعة حينما أتهم بقتل طالبين يتبعان للاتجاه الاسلامي في نفس الجامعة التي كان يدرس فيها... بعد اتفاق السلام العام 2005 ودخول الحركة الشعبية الخرطوم..رسم دور جديد للرفيق ياسر عرمان وهو دور المهرج الذي أجاده ايما اجادة...تصريحات نارية في الفضائيات،تظاهرات،انسحابات من الحكومة والبرلمان،اعتصامات وصلت حتى الامتناع عن الكلام في اشارة لتكميم الافواه...مظاهرمنوعة من التهريج الغرض منها خلق حالة من الفوضى حتى يتم تمرير اجندات الحركة المتعددة وخلق حالة من السخط والروح الرافضة لكل توجهات الدولة،ولتطويع قادة المؤتمر الوطني حتى يقدموا من التنازلات المزيد والمزيد...خبرة في التهريج اكتسبها عرمان منذ أركان النقاش والتظاهرات في الجامعة...نفذ ياسر عرمان سيناريو مرسوم له بعناية منذ لحظة التحاقه بالحركة الشعبية نفذ هذا السيناريو بعلمه أو بدون علمه ولكن المحصلة واحدة ..ضياع كامل فبعد فصل الجنوب لن يكون له موطئ قدم في الشمال وذلك للسيرة السيئة التي تركها منذ مرحلة الجامعة،وكذلك لن يجد مكانا في الجنوب لأنه مغضوب عليه من تيار كان يعمل ضده في حياة قرنق وعرمان ابنه المدلل،الشئ الاخر انه صار ورقة محروقة استنفذت أغراضها. فعرمان مثل صبى مشاكس يتسلق السلم من الداخل ويبصق على من يتصعدالسلم بالطريقة الصحيحة ناسياً أن بصاقه سيرتد عليه لأنه بالاسفل ويحلم يوماً بأنه سيكون نائباً لرئيس الجمهورية ولعمرى لن يفلح من يعيش على فتات الموائد ان يكون جلسياً للملوك .