تتساءل الأوساط السياسية عن فحوي رسالة رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوي السيد ثامبو أمبيكي إلي السيد رئيس الجمهورية، الرسالة حملها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة هايلي منكريوس، وتتعلق بؤرية أمبيكي لمسار المفاوضات في أديس أبابا ومواءمتها مع مبادرة الحوار الوطني التي دعا لها الرئيس البشير، ومراجعة مسار المفاوضات التي يديرها أمبيكي تتبين لنا عده مسائل مهمة، المسألة الأولي أن الرجل قطع جولة التفاوض بين أطراف النزاع السوداني، للوفاء بمواعيد مسبقة في ألمانيا، وهي مواعيد تتعلق بالمفاوضات الجارية بين الأطراف السودانية، أما المسألة فهي تتعلق بفحوى ومضامين الرسالة – المشار إليها. بعض المراقبين يشيرون إلي معرفة الوسيط الأفريقي بمفاتيح وكيفية صناعة القرار في الخرطوم، وبما أن المفاوضات التي يديرها أمبيكي في أديس أبابا وصلت إلي طريق مسدود فإن فتح مسار التفاوض جدداً وبطريقة تعيد الأول إلي المفاوضين والوسطاء يمر بالخرطوم، فالخرطوم هي التي حددت للوفد الحكومي حدود وسقف مهمته، والبروفيسور غندور لا يستطيع تجاوز حدود مهمته إلا بالرجوع إلي الخرطوم، وهنا يمكن بيت القصيد. إن مبادرة الرئيس البشير حسب مضامينها تهدف إلي صناعة السلام الشامل في السودان، سلام مستدام وغير مجزأ، والقوة الدافعة للحوار الوطني بيد الرئيس فهو الذي بيده دفع الحوار، واتخاذ القرارات الصائبة، التي تصب في مصلحة الحوار، وبما إن جمود عملية التفاوض في أديس أبابا ناجم عن عدم قدرة الوفد الحكومي علي فتح النقاش حول القضايا السياسية المفضية إلي فتح النقاش حول السلام الشامل فإن الحكمة تقتضي تجاوز عجز الوفد الحكومي مباشرة إلي مطلق مبادرة الحوار الوطني. إن التفاوض حول مجمل أزمات البلاد كان فكرة صائبة، نابعة من رئاسة الجمهورية، تحت مسمي الحوار الوطني، ولكن سرعان ما تم تحويرها إلي شئ آخر، ربما يكون بسبب الاستحقاق الخطير، الذي مثله قرار مجلس الأمن رقم 2046، والقاضي بضرورة استئناف التفاوض بين أطراف النزاع المسلح في السودان، وربما يكون بسبب استمراء مراكز القوي والفساد داخل السلطة لعمليات إدارة المفاوضات العبثية، وكسب الوقت؛ للقفز فوق حقائق واستحقاقات الواقع بأمل الحصول علي تسويات (تحت التربيزة) مع المعارضين وحملة السلاح، وجعلها اتفاقات سلام جزئي وغير مستدام. إن عملية السلام في السودان لن يكتب لها النجاح إذا ما استمرت عقلية التجزئة والتسويات الشخصية مع المعارضين، فالأزمات السودانية استفحلت، ووصلت إلي نهاياتها ولا مجال لتطويل أمد الحرب، ومن المهم الإشارة- هنا- إلي أن وقف أطلاق النار الشامل هو النتيجة الحتمية بعد توصل الأطراف إلي تسوية سياسية شاملة للأزمات – جمعاء- كما إن توحيد منابر الحوار السوداني لن يتأتي برفض منبر أديس أبابا أو غيره، وإنما بتوفير الحد الأدنى من الجدية بإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وفك القبضة الأحادية، وفتح الباب أمام (مونديال سياسي سوداني منظم)، تحتضنه أحدي مدن سودانا الحبيب. نقلا عن صحيفة التيار 4/12/2014م