تتزايد التكهنات حول دور كويتي وقطري خلال الفترة المقبلة من أجل العمل على تحسين العلاقات بين تركيا ودول الخليج الأخرى وربما ترميم العلاقة مع نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك بالتزامن مع زيارة نائب رئيس الوزراء التركي إلى الكويت، التي جائت بعد أيام من زيارة أمير قطر إلى أنقرة. وبعد وقت قصير من التصريحات التي أكد فيها ضرورة تحسين علاقات أنقرة مع مصر ودول الخليج، زار نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينتش العاصمة الكويتية، والتقى بكبار المسؤولين في الدولة، ووصف العلاقات التركية الكويتية ب«الممتازة والممتدة منذ مئات السنين». وزار أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الأسبوع الماضي، العاصمة التركية أنقرة، حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، تم التوقيع خلالها على مذكرة للتعاون الاستراتيجي بين الحليفين. وتشهد العلاقات التركية القطرية تطوراً متزايداً خلال السنوات الأخيرة، وذلك في ظل توافق البلدين حول قضايا المنطقة لا سيما إزاء الأوضاع في مصر وسوريا والعراق، وتنامي العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بينهما. وقبل أيام، قال أرينتش في حوار مع قناة «الجزيرة تورك»: «لدينا علاقات عريقة وعميقة وتاريخية مع دول الخليج، من غير الممكن أبداً أن نكون بعيدين عن بعضنا، وأن نتصرف ببرود إزاء بعضنا البعض». وعن مصر قال: «علينا أن نقيم علاقاتنا مع مصر على أرضية سليمة بسرعة. قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولًا، لكن علينا تحقيق ذلك». هذه التصريحات والتي تحمل لغة تصالحية لم يتحدث بها المسؤولين الأتراك في السابق، تأتي بعد أيام من المصالحة التي أشرفت عليها المملكة العربية السعودية بين قطر ومصر، حيث اشرف مبعوث الملك السعودي على لقاء جمع ممثلين عن قطر والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، تبعه بأيام اقدام قطر على وقف بث قناة «الجزيرة مباشر مصر» من الدوحة. لكن وعلى الرغم من تصدر قطر للمشهد المعارض للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسي، يبدو «خط العودة» لتركيا وعراً أكثر من الطريق القطري، لا سيما وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصدر مشهد مهاجمة السيسي طوال الأشهر الماضية، عكس قطر التي عارضته بشكل غير مباشر. وفي هذا الإطار تظهر أهمية وتأثير «كاريزما أردوغان» الذي وبحسب محللين من الصعب عليه سحب تصريحاته السابقة أو الامتناع عن اطلاقها لاحقاً وهو الشخصية المعروف عنها «العناد» وعدم التراجع تحت أي سبب من الأسباب، وذلك على الرغم من تخفيفه لحدة الهجوم على السيسي خلال الأسابيع الأخيرة، أو –تجنب الحديث عنه- بشكل أدق. وفي الوقت الذي كانت فيه الدوحة تستضيف قيادات بارزة من الاخوان المسليمن المصريين ولكن بشرط عدم الإدلاء بأي تصريحات أو ممارسة أي نشاط سياسي، لا زالت قيادات الإخوان في إسطنبول تمارس نشاطها السياسي بحرية وتطلق التصريحات اليومية عبر الفضائيات، حيث أعلن عدد من أعضاء البرلمان المصري نيتهم العودة لممارسة نشاطهم «النيابي» من تركيا خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع استمرار العديد من الفضائيات التابعة للإخوان المسلمين والمناوئة للسيسي بالعمل من الأراضي التركية. ويرى محللون أن أنقرة ربما تلجأ إلى تخفيف حدة مهاجمتها للسيسي والتجاوب مع أي مبادرات لترميم علاقاتها التي توترت بشكل كبير مع القاهرة والعديد من الدول الخليجية الحليفة لمصر لا سيما السعودية والإمارات والبحرين، وذلك في محاولة للتخفيف من عزلتها الدولية المتصاعدة، جراء استمرار رفضها المشاركة في عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في كلاً من سوريا والعراق. كما أن إلغاء مصر لاتفاقيتها السابقة مع أنقرة والتي كانت تسمح بتصدر البضائع التركية من خلال الأراضي المصرية إلى الخليج، واستمرار الأزمة السورية أدى إلى تراجع تنامي الصادرات التركية إلى العالم العربي، وهو الأمر الذي أثر على الاقتصاد التركي، في ظل تصاعد أزمة النفط العالمية، ووصول سعر صرف الليرة التركية مقابل العملات العالمية إلى أدنى مستوى لها. المصدر: القدس العربي 28/12/2014م