تباين الآراء والمواقف السياسية في داخل كل الأحزاب السودانية وبلا استثناء وتقاطعات الأفكار القديمة والمستحدثة مع واقع الحال الذي بات يهدد الاستقرار وينبئ بمخاطر جديدة أكثر تعقيداً مما نحن فيه، فالصراعات الحزبية قد بلغت مداها وتجاوزت خطوطها الحمراء في كل التنظيمات السياسية ذات التأثير المباشر والوجود الفعلي وسط الجماهير التي تتطلع باستمرار إلى وحدة الصف والكلمة حفاظاً على السيادة الوطنية الحرة إلا أن نظام الإنقاذ في سنواته الأولي وبمخطط مباشر من الدكتور حسن الترابي قام بابتداع قانون التوالي السياسي الذي أسس لصناعة أحزاب صغيرة تدور في فلك الإنقاذ بديلاً للقوى السياسية الفاعلة والأحزاب العريقة والتي على رأسها الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة أصحاب الثقل الجماهيري الحقيقي في الشارع السياسي السوداني الذي لم يتجاوب مع فكرة التوالي السياسي ولم يساند أي حزب جديد ولد في رحم الإنقاذ لتعود القوى الرئيسة لممارسة نشاطها الحزبي وتصطدم بذلك التباين في الأفكار والمواقف والذي لا تخطئه عين في حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي، كما أن الصراع ما بين الأحزاب قد بلغ مداه، ووصل مراحل الاتهامات بالخيانة العظمي مما يشكل خطراً على استقرار البلاد وتماسك نسيجها الاجتماعي بعد ازدياد وتيرة الأحزاب في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور، وبعد أن فشلت كل الحوارات والمباحثات الثنائية في الوصول إلى سلام مستدام، وكما ذكرت هناك تباين في المواقف داخل كل الأحزاب وصراعات ما بين حزب وآخر والوطن يوشك على الانهيار والتجزئة من جديد بعد انفصال الجنوب، ومهما اختلف الحزبيون داخل البيت الحزبي الواحد فلا يمكن أن يختلفوا على الثوابت المتعلقة بسلامة الوطن وأهله ووقف الحزب إحلال السلام في الدولة السودانية الديمقراطية المرتقبة وبالتالي فنتحمل الأخطاء الحزبية إن كانت هناك أخطاء من أجل العبور بالوطن إلى بر الأمان وأن يكون همنا الشاغل في الوقت الراهن إنجاح الحوار الوطني وصولاً إلى دولة الوطن والعدالة والمساواة بأهلنا في مخيمات النازحين وسفوح الجبال الباردة ومناطق العمليات التي لا ترحم صغيراً أو كبيراً ولندرأ كل احتمالات الضغوط والعقوبات الأممية التي قد تلجأ إلى تقسيم جديد لهذا الوطن أن لم نحسن الخروج به نحو آفاق الحوار الوطني الجاد باعتباره الوسيلة الوحيدة المتاحة لوحدة الصف ومعالجة كافة الإشكالات العالقة عبر حكومة انتقالية أو سمها كما تشاء،ولكنها بالضرورة حكومة برنامج غير مرتبطة بزمن معين، إلا أنها لن تتجاوز الأربعة أعوام وبالتالي على حزب المؤتمر الوطني أن يكون أكثر جدية وفعالية في الدعوة العاجلة لاجتماعات المائدة المستديرة، وأن تتحرك لجنة (7+7) تجاه الحركات المسلحة لإقناعها بالمشاركة، كما أن السيد الصادق المهدي أهمية في الوجود داخل قاعات الحوار، ولقد استبشرت خيراً بالوساطة التي يقوم بها مساعد رئيس الجمهورية عبد الرحمن الصادق المهدي من أجل عودة والده إلى أرض الوطن والمشاركة في الحراك السياسي تجاه الحوار وصولاً إلى غاياته، فالصادق المهدي الذي وقع على إعلان باريس مع الجبهة الثورية يستطيع أن يلعب دوراً إيجابياً في إقناع الحركات للمشاركة في الحوار، وبالتالي مهما تباينت الآراء في داخل كل الأحزاب السياسية حول قضايا الراهن السياسي أجدها متفقة في منظومة واحدة ورؤية إيجابية للدخول المباشر في الحوار الوطني الشامل، حيث لا قيمة للخلافات والصراعات الحزبية في وطن مهدد بالتقسيم والانهيار، فالأولويات تقتضي الحفاظ عليه من المهددات والمخاطر عبر الحوار الذي يفضي إلى وفاق على طريق الدولة السودانية الديمقراطية الحديثة الملتزمة بكل المواثيق الدولية والقائمة على المواطنة ركيزة أساسية في الحقوق والواجبات والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة. نقلاً عن صحيفة التيار 2015/1/14م