رحل فجر الجمعة 23 يناير 2015 – 3 ربيع الثاني 1436ه ملك المملكة العربية السعودية الملك "عبد الله بن عبد العزيز" عن عمر ناهز سن التسعين وبعد عشر سنوات قضاها في كرسي المملكة بعد رحيل شقيقه الملك "فهد" في عام 2005.. فهو الملك السعودي السادس ممن تعاقبوا على ذلك الموقع. الملك الراحل الذي كانت له مجاهداته ومنجزاته الداخلية والخارجية كما تقول الوقائع والشواهد، رحل وترك خلفه ما يذكر ويثير الحزن وألم الفراق على رحيله لدى شعبه السعودي والشعوب العربية الإسلامية والدول الخارجية بلا شك.. وقد جسد ذلك التوافد والحضور الكبير لتشييعه وتقديم العزاء فيه.. ثم ذكر سيرته ودوره إقليمياً وعالمياً عبر المنابر الإعلامية والدبلوماسية. فالسنوات العشرة الأخيرة التي مارس فيها الملك الراحل سلطاته الملكية كانت داخلياً وخارجياً سنوات صعبة، ذلك لأنها شهدت في 2008 الأزمة المالية العالمية التي كان لها تأثيرها في الداخل والخارج شأن ما عرف بعد 11 سبتمبر 2001م بالحرب على الإرهاب والدعاوي الجائرة على الإسلام، وذلك كله ما تعامل معه الملك "عبد الله" بحكمة ومسؤولية شأن التطورات السالبة التي حدثت في دول الجوار السعودي الخليجية ودول عربية أخرى بطبيعة الحال، والمقصود هنا دولتا "الكويت" و"العراق" وعوامل عدم الاستقرار والأمن في دولة "البحرين"، فالجمهورية العراقية ما تزال مركز قلق وإزعاج للمملكة العربية السعودية وللعالم العربي بشكل عام. وجاء ما عرف بالربيع العربي في الجماهيرية العربية الليبية وجمهورية مصر وغيرهما، فضلاً عن الجمهورية اليمنية والجمهورية العربية السورية والصومال ما يضيف إلى ذلك القلق.. ولا ننسى بطبيعة الحال (آسيوياً) ما جرى في "أفغانستان" وآثاره على "باكستان" وغيرها. ولا يستثنى هنا أن نضيف إلى ذلك ما يجري في "الصومال" و"السودان" وغيرهما من دول عربية وإسلامية أفريقية، وقد كان ذلك يشكل هاجساً للمملكة العربية السعودية.. ولا ننسى عالمياً مؤخراً ما يجري من تنازع مصالح بين الأقطاب الكبار "الولاياتالمتحدةالأمريكية" و"روسيا" على وجه الدقة.. واتخذت المملكة في عهد الملك "عبد الله" موقفاً وسطاً في ذلك، إذ كان مؤخراً تبادل الزيارات والتفاهمات بين "المملكة العربية السعودية" و"روسيا". ذلك كله لم يكن ليكون لولا أن نهج الملك "عبد الله" في إدارة الشؤون والعلاقات الخارجية كان يجري ويتم بوسطية في بعض الأحيان إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمبادرات الملكية في عهد الملك "عبد الله" لم تكن قاصرة على الخارج فحسب – رغم الضرورات، وإنما في الداخل أيضاً والإشارة هنا إلى ما حدث من تطور. - على صعيد المرأة في المملكة والتي حصلت لأول مرة على حقوق لم تكن متاحة من قبل. - وعلى صعيد الشرائح الضعيفة في المجتمع وتطور الخدمات المعمارية والطرق بشكل عام. فقد ظهر في الإعلام مؤخراً ما يبرز قيام الملك "عبد الله" بزيارات إلى الأحياء الشعبية فاقدة الخدمات والإمكانات والتي أفاض عليها من الوسائل التي ترفع البؤس والضنك الكثير وذلك بعد التخاطب والتفاهم مع أهلها في تلك الزيارات. وتلك لعمري مبادرة ربما كانت الأولى من نوعها في التواصل المباشر بين المقام الملكي والشرائح المجتمعية الضعيفة التي أصبحت جزءاً من خطة المملكة العامة في التنمية والنهوض بالمجتمع، فالاهتمام بالتعليم والصحة حسب ما قال من هم على صلة كان واضحاً ويعمد إلى أن تعتمد المملكة على نفسها في ذلك، والإشارة هنا إلى مضاعفة عدد الجامعات والمؤسسات العلاجية وتطويرها. ومواصلة لدور من سبقوه في تحسين الخدمات والمعينات في الحرمين الشريفين قام الراحل الملك "عبد الله" بتوسعة خطوط الطواف لتسع مائة ألف شخص على سبيل المثال عوضاً عن (40) ألفاً. الملك الراحل "عبد الله بن عبد العزيز" الذي فارقنا بالأمس سيفتقده الكثير من الدول والشعوب حال أبناء شعبه السعوديين، غير أن التجربة دلت على أن السلف في الملك في السعودية يسير على درب الخلف ويزيد عليه. رحم الله الملك "عبد الله" وألهم من عرفوه الصبر وحسن العزاء.. ووفق خلفه الملك "سلمان بن عبد العزيز" على مهامه الداخلية والخارجية وهو يجلس على كرسي المملكة ليصبح الملك السابع في السلسلة السعودية. نقلاً عن صحيفة المجهر 25/1/2015م