تمر الذكرى ال25 لانهيار السلطة المركزية في الصومال، بينما لا يزال هذا البلد العربي يواجه تحديات سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة، في سعيه لبناء دولة حديثة، بعد سنوات الدمار والعنف والفوضى وكوارث الطبيعة . وخلال مسيرة متعثرة بدأت منذ سقوط نظام "سياد بري" في 28 يناير/ كانون الثاني من العام 1991 وصولاً إلى العام ،2012 مرت البلاد بتجارب عديدة لإنشاء نظام مركزي للحكم، لكن النزاع على السلطة وصراعات أخرى تورطت فيها دول إقليمية ودولية بينها الولاياتالمتحدة، أجهضت تلك المحاولات، وتركت البلاد مسرحاً لحروب لا تنتهي، وموطناً لعصابات التطرف والعنف والإرهاب . وفي عام ،2012 بدأت العملية السياسية تكتسب زخماً وظهرت ملامح الدولة الجديدة مع مصادقة النواب الصوماليين على الدستور الانتقالي وانتخاب رئيس "حزب العدالة والتنمية" حسن شيخ محمود رئيساً في أول انتخابات تجرى منذ أكثر من عقدين، وذلك في مؤشر على دخول البلد مرحلة التعافي والشفاء . وما عزز روح التفاؤل بشأن المستقبل أن الذكرى السنوية لسقوط الدولة، تزامنت هذا العام مع حدثين مهمين أحدهما سياسي والآخر أمني، ويؤشران أيضاً لقرب استعادة هذا البلد إلى المنظومة العربية والدولية في وقت تبدو الحاجة كبيرة في عالمنا العربي خاصة إلى نجاحات قومية تبدد الصورة القاتمة للواقع الماثل . ففي الجانب السياسي أكد الرئيس حسن شيخ محمد ورئيس الوزراء عمر عبد الرشيد، توصلهما إلى توافق على تشكيل حكومة جديدة تشارك فيها الأطراف السياسية كافة وذلك بعدما رفض البرلمان منح الثقة للحكومة السابقة بعد أسابيع قليلة من إعلانها . ويعني ذلك حدوث تحول كبير في اتجاهات حسم الخلافات حول هيكل الدولة من الحلول العسكرية وإراقة الدماء إلى الحلول السلمية وسياسات التفاوض والوفاق . أما الحدث الآخر فقد تمثل في ظهور القائد السابق لحركة الشباب زكريا إسماعيل أحمد أمام وسائل الإعلام في مقديشو، ودعوته قادة الحركة وأنصارها إلى إلقاء السلاح ونبذ العنف والإرهاب . وإسماعيل هو رئيس استخبارات "حركة الشباب" واستسلم للسلطات الصومالية في أواخر ديسمبر/ كانون الأول في منطقة غيدو الجنوبية المحاذية للحدود مع كينيا وأثيوبيا لأن "حركة الشباب هي الآن في حالة انهيار تام" . إذاً، حدثان يشجعان على التفاؤل بالمستقبل، تضاف إليهما أحداث أخرى من بينها انعقاد مؤتمر دول منظمة "إيغاد" في مقديشو في يناير الحالي، وزيارة الوفد التركي قبل أيام وقبله وفد الجامعة العربية برئاسة محمد العربي، علاوة على تزايد أعداد الصوماليين العائدين من المهجر . وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي، أكد الرئيس حسن شيخ، أن بلاده سوف تستجيب لتطلعات العالم حول مستقبل أفضل . وقال: "لدينا بلد يتوحد كأمة خلف رؤية ستقود إلى دولة صومالية اتحادية وموحدة سنة 2016" . وتحدث عن تدابير لإشراك جميع الصوماليين بمن فيهم النساء والأقليات في العملية السياسية لبناء الأمة . والصومال اليوم يحتاج إلى دعم أشقائه ومساندتهم لأن استقراره قوة للعرب . المصدر: الخليج الاماراتية 29م1/2015