لا تزال علاقة السودان بدولة جنوب السودان عرضة للتدهور بعد كل الذي شهدته من زيارات متبادلة بين الرئيسين وقمم رئاسية ولقاءات جانبية بينهما على هامش القمم الأفريقية في أديس أبابا. ولا تزال ثلاجة أديس تحتفظ باتفاقية التعاون التي وقع عليها البلدان قبل نحو عامين ونصف العام. كون ما اشتملت عليه من اتفاقات ست لم تجد طريقها إلى أرض الواقع وفي مقدمتها الاتفاق الأمني الذي يقضي بعدم إيواء الحركات المسلحة المتمردة ضد أي من الدولتين أو تقديم أي شكل من أشكال الدعم لها، وهو ما عانت منه الخرطوم كثيراً لأن المرجعية الفكرية والسياسية واحدة بين الحركات المتمردة في جنوب كردفان والنيل الأزرق التي هي جزء من الحركة المتمردة في جنوب كردفان والنيل الأزرق التي هي جزء من الحركة الشعبية لتحرير السودان التي انفصلت بالجنوب، فهذا الترابط المرجعي والعضوي هو الذي يفسر الدعم المتصل الذي تقدمه حكومة الجنوب للحركة الشعبية قطاع الشمال ولنظيراتها في دارفور خاصة تلك التي كانت قد ولدت تحت رعاية الحركة الشعبية قبيل توقيع اتفاق السلام الخاص بجنوب السودان، وهي تحديداً حركة تحرير السودان التي كانت تتسمى عند بداياتها الأولى باسم حركة تحرير دارفور قبل أن تحتضنها الحركة الشعبية وتغير اسمها إلى تحرير السودان وتقدم لها خدمات التسويق والدعم في علاقاتها الدولية والإقليمية، وللحركة الشعبية تاريخ قديم في محاولات فتح جبهة في دارفور لتلحقها بجبال النوبة والنيل الأزرق ولتقلل من سندها للحكومات المركزية في الخرطوم من جهة أخرى، وكان أشهر هذه المحاولات حركة يحيى بولاد وها هي تواصل سياستها التدخلية وتستمر في تقديم الدعم والإيواء والإمداد لمتمردي الجبهة الثورية ، ولا تزال الكثير من القضايا العالقة بين البلدين ذات مساس مباشر بالأمن القومي السوداني مثل عدم إنفاذ الجنوب للاتفاق الأمني الذي يحدد خطا صفريا وامتداداً شريطياً على الحدود ينزع فيه السلاح ويخضع للمراقبة المشتركة لمنع أي أعمال تسلل للقوات أو إمداد لها، فضلاً عن الوفاء بالكثير من الالتزامات المالية التي نص عليها الاتفاق كتعويض للسودان في وقت هو أكثر احتياجاً لها. حاشية : لا يمكن تجاهل كل ما يحدث من حكومة الجنوب تحت حجة أن الجنوب يمر بمشكلات وأزمات داخلية لا تمكنه من التعامل مع السودان بالشكل المطلوب هو ليس ميزة سلبية بل ايجابية، فهذا هو التوقيت المناسب لتحقيق الأهداف في وقت الخلافات الداخلية في الفريق المناوئ والضغط على يده التي توجعه، فقد بلغ التدخل ذروته في جانبين الأول هو تعقيد الوضع الاقتصادي السوداني أما بالأزمات مثل العدوان على هجليج أو دعم الجبهة الثورية أو يتعمد عدم الوفاء بالاتفاقات حول عبور النفط لتأزيم الوضع ظناً بأنه سيؤدي إلى تغيير النظام في الخرطوم، وها هو التدخل يأخذ شكلاً جديداً للحيلولة دون قيام الانتخابات تارة بتبني الحركة الشعبية قطاع الشمال لهذا المطلب بعدم قيامها، وتارة أخرى بما أثارته حكومة الجنوب من مراجعة لما تسدده من رسوم عبور وتكلفه معالجة النفط، وهو ما يعني أنها تريد المباغتة بتأزيم الوضع الاقتصادي للتأثير على نتيجة الانتخابات أو إعاقة قيامها. أما آن الأوان للتعامل الحاسم مع حكومة الجنوب التي تسعى لقيام انتخاباتها رغم حربها الطاحنة؟ نقلاً عن صحيفة الرأي العام 1/2/2015م