قال النيجيريون إن نتائج الانتخابات الرئاسية تعزز بداية الديمقراطية في بلادهم وقالوا إن يوم إعلانها يشبه أيام الأعياد السعيدة . ووصفها مراقبون بأنها الأكثر حماسة في تاريخ البلاد الحديث، فهي المرة الأولى التي يزيح فيها مرشح المعارضة رئيساً في السلطة عبر صناديق الاقتراع . لقد خاض المرشحون منافسة حقيقية انتهت بفوز مرشح المعارضة محمد بخاري بأعلى منصب سياسي، واعترف الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان، في خطوة لم يسبق لها مثيل، بخسارته وهنأ الرئيس الفائز وتعهد بتقديم العون والمساندة . لم يعلن الحزب الحاكم فوزه بنسبة 90 في المئة، لكنه أقر بالخسارة في درس ديمقراطي بليغ ولم يشكك في نزاهة الاقتراع ولا هدد بتخريب العملية برمتها . عملية ديمقراطية نظيفة وحماسية ورائدة خاضها مرشح معارض مخضرم من مناطق المسلمين في مواجهة الرئيس وحزبه الحاكم، وشارك فيها 69 مليون ناخب من أصل 173 مليوناً هم سكان البلاد . فاجأت الانتخابات النيجيرية المراقبين والقادة السياسيين، وفي مقدمتهم وزيرا الخارجية الأمريكي جون كيري والبريطاني فيليب هاموند، اللذان أطلقا توقعات متشائمة بأن عملية جمع الأصوات لفرزها "قد تكون عرضة لتدخلات سياسية متعمدة"، رغم اعترافهما بأن العملية لم يتم بها أي تلاعب منهجي . وقال الاتحاد الإفريقي إن الاقتراع احترم "بشكل مرض المبادئ القارية والإقليمية لانتخابات ديمقراطية" . بخاري فاز بعشرين ولاية مقابل 15 لجوناثان، قبل ظهور نتائج ولاية بورنو في الشمال الشرقي حيث تنشط جماعة "بوكو حرام" الإرهابية . ورفع أنصاره آلاف المكانس الصغيرة دلالة على العزم على كنس الفساد وسوء الإدارة وإعادة استتاب الأمن الذي زعزعته الجماعة الإرهابية . وبينما يقول مراقبون إن الناخبين النيجيريين عاقبوا الرئيس جودلاك جوناثان على تردي الوضع الاقتصادي ونقص الطاقة والفساد، كما عاقبوه أيضا وخاصة سكان ولاية بورنو على تردده إزاء قضية الحسم العسكري ضد جماعة "بوكو حرام" التي قتلت وشردت آلاف الأشخاص في بورنو وولايات أخرى مجاورة . نيجيريا بالمقابل كافأت الجنرال السابق، الذي استند في حملته الانتخابية إلى شهرته كرجل عسكري قوي يمكنه سحق الجماعة الإرهابية، وكان قد تعهد بالقضاء على "بوكو حرام" خلال أشهر في حال انتخابه، وذلك بعدما نجا من محاولة اغتيال في كادونا في يوليو/تموز الماضي . والجنرال بخاري ليس قادماً جديداً قليل الخبرة، ولا هو غريب عن أروقة الحكم والإدارة، فقد استولى على السلطة في انقلاب عسكري عام ،1983 بعد تفشي الفساد وسوء الإدارة، وحكم نيجيريا لمدة عامين اتخذ خلالهما إجراءات صارمة ضد الفساد، قبل أن ينقلب عليه قائد الجيش إبراهيم بابانجيدا، ويحيله إلى الإقامة الجبرية التي قضى فيها فترة طويلة . اتجه بخاري بعد ذلك للعمل السياسي من خلال حزب ''مؤتمر كل التقدميين''، وتعرض للهزيمة في ثلاثة انتخابات رئاسية سابقة، بما في ذلك ضد جوناثان عام ،2011 لكنه بقي في مضمار التنافس السياسي، ويقول عنه منافسوه إنه من أنظف ساسة نيجيريا وجنرالاتها . المصدر: الخليج 2/4/2015م