البروفيسور إبراهيم غندور له حضور وأفر في أجهزة الإعلام بحكم موقعه في الحزب والدولة؛ لكن أكثر ما لفت انتباهي تصريحات للبروف أطلقها في مدينة الأبيض التي شهدت تكريمه برفقة قيادات (عمالية) أول من أمس . قال مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب:"همنا القادم الاقتصاد وقفة الملاح والأمن والسلام والحوار وتحسين العلاقات الخارجية".. وبهذه العبارة يكون البروف غندور قد اختصر الكثير من الكلام والأحاديث. إذا تحققت حلال الأعوام الخمسة القادمة هذه المطلوبات؛ تكون قد تحققت مطلوبات المواطن السوداني (الاغبش)؛ الذي لا ينظر للسياسة إلا من منظور الاقتصاد و(قفة الملاح).. وجاهد هذا المواطن نفسه في الأعوام الماضية لتوفير التزاماته تجاه أسرته وأبنائه والسعي خلف (معاشة اليومي). وكانت الأعوام التي تلت انفصال الجنوب؛ أكثر الفترات التي هزت الاقتصاد السوداني؛ والتي أسماها بعض خبراء المال وحركته ب(الصدمة)؛ وكان صبر المواطن السوداني علي ضيق معاشه؛ وعنت ومشقة (أكل العيش) السبب الرئيسي الذي مكن الجهاز التنفيذي للدولة من عبور حالة (الصدمة). وما يجب أن يجازي به هذا المواطن في الخمسة أعوام المقبلة؛ هو الالتفات إليه؛ وتحسين ظروف حياته وأول هذه الخطوات ينبغي أن تكون (قفة الملاح) ومكوناتها؛ ثم الالتفات إلي المطلوبات الأخرى من صحة وتعليم وخدمات وتنمية. ما ذكره بروفيسور غندور في تلك المقولة؛ يمكن أن يكون شمول القضايا في إيجار العبارة؛ وهي عبارة صغيرة لكنها جمعت فأوعت.. لا يريد المواطن من أي حكومة تحكمه غير توفير مطلوباته الأساسية.. معاشه ومسكنه وملبسه وعلاجه وتعليمه؛ والحكومة التي توفر هذه المطلوبات هي حكومته (الدائمة). الاقتصاد والأمن والسلام والحوار وتحسين العلاقات الخارجية؛ هي (الأعمدة الخراسانية) التي يقوم عليها بنيان الدولة ورفاه مواطنها؛ وبدونها لا يشعر المواطن بوجود الحكومة.. وفي القرآن الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) صدق الله العظيم. بدأت بشريات التحسن الاقتصادي بعد مواقف السودان الأخيرة في محيطه العربي؛ وانعكس ذلك في توفر ودائع دولاريه أثبتت أثرها في ثبات سعر الدولار مقابل العملة المحلية.. والمطلوب أن تقابل الدولة ذلك بضبط ميزان الواردات أمام ميزان الصادرات حتي تكون هناك وفرة في (الدولار)؛ وهو العامل الحاسم في كسب الجولة. محاربة تجارة (العملة) الحقيقية في استدامة سياسات مالية راشدة؛ تسهم في سد الفجوة بين الدولار والجنية السوداني؛ حتي يصبح (لا فرق) بين السوق الرسمي و(الأسود) في قيمة الدولار؛ وهذه هي الطريقة المثلي لمكافحة تجارة العملة؛ وعودة الدولار إلي صفته الحقيقية ك(عملة) من بين العملات؛ لا ك(سلعة) تخضع للمضاربات. ما قاله بروفيسور غندور في احتفال الأبيض؛ يصبح خير دليل لمحاكمة الجهاز التنفيذي في الخمسة أعوام القادمة؛ وستكون تصريحاته السابقة (وبالاً) عليه وعلي حزب المؤتمر الوطني أذا أخفق في تنزيلها لأرض الواقع؛ فلشعب السوداني ذاكرة لا تصدأ؛ ولكن ذاكرة السياسيين دائماً ما تصاب بالعطب خاصة عندما يجلسون في كراسي السلطة. نقلا عن صحيفة ألوان 4/5/2015م