أعلن الرئيس الروسي دميتري مدفيديف، أن «مناقشة المواضيع الملحّة للأمن الإقليمي، ستحتلّ مكانة خاصة» في المحادثات التي سيجريها مع الرئيس السوري بشار الأسد، مشددا على أن روسيا «تبذل جهودها الجادّة من أجل المساعدة على إعادة إطلاق الحوار العربي - الإسرائيلي»، ومعبرا عن ثقته بأن الأطراف «ستتخذ خطوات جديدة باتجاه بعضها البعض». ويصل مدفيديف إلى دمشق، اليوم، في أول زيارة لرئيس روسي وحتى ضمن الحقبة السوفياتية، لسورية، على رأس وفد وزاري رفيع المستوى، يضم إلى جانب وزير الخارجية سيرجي لافروف، عدداً من الوزراء والمديرين العامين إضافة إلى وفد اقتصادي. وحسب صحيفة «الوطن»، فإن الأسد سيقيم مأدبة عشاء رسمية على شرف الرئيس الضيف، ويجري معه مباحثات حول العلاقات الثنائية والتطورات في المنطقة، قبل توجهه اليوم، إلى تركيا في زيارة رسمية. وأكد مدفيديف أنه «لا يستطيع تجاهل القضايا الإقليمية والدولية»، خلال زيارته لدمشق التي وصفها ب «أحد أهم المراكز السياسية في الشرق الأوسط»، وقال في مقال افتتاحي له تنشره «الوطن» مع وصوله إلى سورية، «إن مهمّة إقامة نظام عالمي جديد عادل ومستقر، تتصدر اليوم جدول أعمال المجتمع الدولي»، خصوصا في عالم باتت «تفرض تعدّدية الأقطاب واقعها أكثر فأكثر فيه على كل المستويات، وتتقدّم إلى مكان الصدارة ضرورة البحث الجماعي عن أساليب مواجهة التحدّيات والمخاطر الشاملة». وأوضح أنه «وإلى جانب التقلّبات المالية والاقتصادية، تشكل النزاعات الإقليمية والمحلية والإرهاب والجريمة العابرة للحدود والتحدّيات الغذائية والمناخية، تهديداً للتنمية العالمية». معبرا عن قناعته بأن لدى روسيا وسورية «مجالاً واسعاً للتعامل على هذا الصعيد». واعتبر مدفيديف أن من واجب روسيا وسورية «التنسيق مع الدول المعنية الأخرى في خلق نظام الأفضلية، أو بعبارة أخرى بذل الجهود الدؤوبة لتشجيع مثل هذا التحرّك نحو السلام والاستقرار في الشرق الأوسط». وتطرق الرئيس الروسي، في مقاله، إلى العلاقات الثنائية، وقال: «يهمنا اليوم ليس فقط مضاعفة المنجزات القائمة، بل التقدم المطرد إلى الأمام»، معتبرا أن مهمة الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى «مستوى نوعي جديد»، تتطلب «قبل كل شيء تفعيل الحوار السياسي المتعدد الأبعاد». وأكد «أهمية توسيع التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والعلمية والتقنية والثقافية والإنسانية وفي مجال الطاقة والنقل وعلى الأصعدة الأخرى»، مطالبا بضرورة السعي ل«إعادة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ما كان الحال عليه عام 2008، حينما بلغ ملياري دولار تقريباً وثم زيادته». وكشف مدفيديف عن انفتاح روسيا للتعاون في أوسع نطاق ل «استخدام التكنولوجيا المتفوقة» من أجل تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية، وقال: «أقصد المشاريع المشتركة في مجال الاتصالات والتكنولوجيات المعلوماتية واستخدام الفضاء الكوني»، مشددا على أنه «سيناقش كل هذه المسائل أثناء المباحثات مع الرئيس الأسد». وأشارت مصادر سورية إلى أن الزيارة ستشهد التوقيع على ست اتفاقات في مجالات السياحة والبيئة وخدمات النقل الجوي والتعاون بين غرف تجارة البلدين ومجالس رجال الأعمال والاتصالات والتقانة. ورأت أوساط مراقبة، أن من بين أهم مؤشرات الزيارة أنها تتزامن مع ارتفاع حدة التوتر في المنطقة اثر التهديدات الإسرائيلية المتواصلة لكل من سورية ولبنان، على خلفية ادعاءات بتهريب أسلحة إلى «حزب الله»، مع الإشارة إلى اعتماد الجيش السوري في شكل شبه كامل على السلاح الروسي. وزار سورية بداية الشهر الجاري وزير خارجية جورجيا غريغول فاشادزة، وذكرت تقارير صحيفة محلية حينها، أن المسؤول الجورجي بحث إمكانية أن تلعب سورية دور وساطة بين بلاده وروسيا لما تتمتع به دمشق من علاقات طيبة مع كل من تبليسي وموسكو، وأن هذه الوساطة ستندرج ضمن الرؤية السورية بضرورة خلق إقليم اقتصادي خال من التوترات، يمتد من القوقاز إلى ضفتي الخليج العربي مرورا بتركيا وسورية والعراق. واول من امس، قال الأسد من اسطنبول التي يزورها حاليا، إن و«خلال 10 سنوات سنرى خريطة أفضل بكثير من الخريطة الحالية تمتد من القوقاز إلى منطقتنا». وحسب مصادر صحافية، فإن استقرار هذه المنطقة، وخصوصا الشرق الأوسط والوضع داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والتهديدات الإسرائيلية لسورية ولبنان، كانت الموضوع الرئيس خلال القمة الثلاثية السورية - التركية - القطرية التي احتضنتها اسطنبول أمس، بمشاركة الأسد وونظيره التركي عبد الله غول وامير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، إضافة إلى رئيس وزراء تركيا رجب طيب أرودوغان، الذي أولم للقادة الثلاث على مأدبة غداء. المصدر: الرأى العام الكويتية 10/5/2010