ذرف الكاتب الليبرالي السعودي عبد الرحمن الراشد، الموغل في الليبرالية، أحد أشهر الصحفيين الذين سوقوا للمشروع الليبرالي العربي خلال عقود بأكملها، ذرف دموعاً غزيرة علي ما أسماه الفهم الخاطئ (للاتفاق النووي الإيراني الغربي) الأخير، والذي بحسب الراشد لن يكون خصما علي العلاقات الأمريكية الخليجية التاريخية، علي أن واشنطن لا ولن تتخلي عن أصدقائها الخليجيين مطلقاً، ويري الراشد في رؤية هستيريرة يخذلها الرشد ولا يسعفها المنطق والواقع. بأن فك أرصدة إيران لدي الغرب والتي تبلغ مائة وخمسون مليار دولار، فصلاً عن تدفق الشركات الغربية علي طهران، لن يزد إيران قوة بحساب اقتصادها المتراجع، ويذهب الراشد إلي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لن تضحي بمصالحها لدي دول الخليج التي تنتج مجتمعة خمسة عشر مليون برميل يومياً من النفط، مقابل ثلاثة ملايين برميل إيراني و..و..و!! وليس سوي عاطفة جارفة تجاه الغرب، فعبد الرحمن الراشد الذي يرقد علي تجربة إعلامية ليبرالية كبيرة، لا يمكن أن نتهمه بالسذاجة وعدم استيعاب ما يجري من حوله، لكن الرجل يكتب تحت عامل الصدمة الباهظ، لطالما كان واحداً من الإعلاميين العرب الذين رسخوا لذلك الوهم. بأن ليس بمقدور واشنطن تمسك بثديها وتحلب لبنها!! قد يدري المسكين أو لا يدري أن واشنطن التي حطمت أسطورة النفط باستخراجها للنفط الحجري، بجعل أسعاره تتدحرج لما دون الخمسين دولاراً، إن طموحها أكبر من النفط المتراجع اقتصادياً القابل للنفاذ طبيعياً، فواشنطن تبني تحالفات جديدة وفق مصالحها الجديدة القديمة التي لا تعرف الآسي والحب والمشاعر. فضوء الشمس في رابعة النهار الذي ينكره الراشد، قد أقه الخليجيون صحافة ونخبة وساسة وجمهور وهم يرونه رأي العين علي أرض الواقع، بأن واشنطن قد باعت أصدقاءها الليبراليين رخيصاً ولم يطرق لها جفن، علي أن هذا الاتفاق سيعزز لا محالة من نفوز إيران في المنطقة، وإن لم يحرمها تماماً من الذهاب في بناء مشروعها النووي!!. هنالك (غصة) أخري هي الأفظع في حلق السيد عبد الرحمن الراشد ورفاقه الليبراليين في المنطقة وهو كما لو أن هذا الاتفاق الذي زعزع ثقة الخليج العربي في دول الغرب عموماً، كما لو أنه بمثابة بداية نهاية حقبة الليبراليين العرب، لصالح الإسلاميين الذين فتح أمامهم الديوان الملكي السعودي وسط شاشات التلفزة العالمية يذكر في هذا السياق استقبال الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله ورعاه، الأستاذ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والشيخ الدكتور عبد المجيد الزنداني مرشد الإخوان اليمنيين، والأستاذ راشد الغنوشي رئيس الإسلاميين التونسيين، بل هذا ما دفع أصوات الدكتور سلمان العودة وإخوانه لتكون هي الأعلى وكلمة الليبراليين الخليجيين عي السفلي و..و.. وليس هذا بتقدير مؤسسة الملاذات، الجناح العقدي، إلا تقديراً من العلي القدير الذي قال في محكم تنزيله " وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ"، ربما ولو حاكماً آخر غير الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله ورعاه، لما وسعه إلا أن يذهب في ركائب الراشد بأن واشنطن لا ولن تتخلي عنهم!! لكن الملك سلمان كان (غير)، علي طريقة الخليجيين وكانوا غيورا علي رؤية الوطنيين، وكان له فضل وشرف وأجر التغيير بحساب الإسلاميين وهو يستسمك بالعروة الوثقي التي انفصام لها، الآن خادم الحرمين الشريفين يضع الحصان أمام العربة، ويتجه بالأمة شطر البيت الذي ببكة بدلاً عن البيت الأبيض.. فحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره. بقي أمام بطل (عاصفة الحسم) أن يضع عنا إصرنا والأغلال التي كبلنا بها إعلان الراشد خلال عقود الهزيمة، فأمة عاصفة الحسم تتطلع إلي ثورة حاسمة علي إعلان الراشد الذي تترك فيه المذيعة نصف ملابسها بالمنزل وتأتي الاستديو بقمصان النوم!! هذا ما لا يشبه أمة استيقظت من غفوتها ونومها الليبرالي الطويل!! نقلا عن صحيفة اليوم التالي 28/7/2015م