من حق الحكومة أن تسند شأناً مهماً من شؤون دارفور وهو إرساء العطاءات وتدشين المشروعات التنموية الممولة من قبلها للسلطة الإقليمية، لكن من حق المواطنين أيضاً أن لا تشان سمعتهم بهذا المسلك الذي لا يشبه السودان ولا تسامح أهله وطيب معشرهم في كل أنحاء الوطن، فلماذا يمثل هؤلاء بأهل دارفور بدلاً من أن يحسنوا تمثيلهم؟ لقد أصبح ذلك السلوك الغريب مثار تندر وسخرية لدرجة أبتداع المسميات ومنهم من يطلق على تلك المشاجرة في الصحف (واقعة ذات الفنادق) فقد وقعت في مكان لا يتوقع أحد أن يكون مسرحاً لمثل هذه المشاجرات والفوضى لأنه فندق يمثل واجهة للسودان وشعبه يقيم فيه الأجانب ولا تحرسه إلا شرطة السياحة بإجراءات روتينية حيث يصبح أول انطباع لكل ضيف هو الأمن الذي تنعم به العاصمة الخرطوم والأريحية التي يتعامل بها الشعب السوداني. لقد كان الحرج يومها بالغاً في أمسية حشد لها العديد من ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمدين في السودان، وتنادت لها كل وسائل الإعلام ووسائطه، لكنها وجدت صورة مؤسفة لا تبعث بأي تطور في تفكير الحركات المتمردة المتحولة مؤخراً إلى أحزاب سياسية والتي خاضت الانتخابات البرلمانية القومية والولائية مؤخراً، فهل ينتظر مواطن دارفور من هذه الحركات أن تفعل له خيراً وتحقق التنمية والاستقرار؟ فاذا كانت التنمية تتطلب استقراراً وأمناً مسبقاً فكيف يكون ذلك وهي التي تستخدم العنف لتصفية صراعاتها التنظيمية أو السياسية، فقد كانت حتى وقت قريب حركة واحدة وحزباً واحداً! لقد تفاءلنا كثيراً بسرعة تحول هذه الحركات إلى أحزاب ومن ثم خوضها للانتخابات العامة في وقت ظلت أحزاب عريقة تتخوف من التجربة الانتخابية بعد تأكل قواعدها، بيد أن الذي تبين للمراقب بهذه الأحدان أن التحول كان ظاهرياً لم يتطرق لشئ في جوهر الحركات التي ولدت قبلية ثم تم تجميعها في حركة واحدة من قبل الوسطاء لتسهيل الوصول إلى سلام لكن سرعانما تفككت إلى مكوناتها الاولية سواء كانت حركات أم أحزاب فهي إحدى التمظهرات العشائرية لمشكلة دارفور. حاشية : ليس من استثناء في الإلقاء باللائمة في الأحداث الأخيرة لأي من الحركتين فكلاهما فقد فشلتا في عملية التحول السياسي وخلق نواة متماسكة لإنهاء اتفاقية الدوحة للسلام بسلام مستدام وتنمية متوازنة يتحسسها المواطن بيديه. وقد أتاح لهم المانحون وخاصة القطريين الفرصة على طبق من ذهب وكذلك الحكومة بالوفاء بتمويل هذه المشاريع لتنفيذ ويذهب ريعها السياسي لصالح هذه الأحزاب المكونة للسلطة الاقليمية وقياداتها حتى تقوى بها في تعرية الحركات الرافضة للسلام والتي لا ترغب في مواطن دارفور إلا ولا ذمة. لكن ضاعت الفرصة وعصفت صورة الخلاف بكل ما سبق وذهبت ريح الحزبين. فليبحث مواطن دارفور عن خيارات أخرى يثق فيها بدلاً من التعويل على جسم السلطة الاقليمية المتهالك الذي انقذه تمديد السيد رئيس الجمهورية له بعد انقضاء أجل الاتفاقية، واذا كان ثمة أحد يتساءل عن شرعية السلطة الاقليمية فهو حتماً ليس أي طرف من طرفيها المتنازعين وإنما مواطن دارفور الذي يعلم أن مصدرها هو الرئيس المنتخب عمر حسن أحمد البشير. نقلاً عن صحيفة الرأي العام 30/8/2015م