ظلت قضية العقوبات الأمريكية المفروضة على الخرطوم منذ منتصف تسعينات القرن الماضي ترواح مكانها ، ووبين الفينة وآخراها تتجدد الدعوة لرفعها ، وتنوي الخرطوم ولأهمية رفعها طرحها على طاولة المباحثات التي سيجريها المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، وجنوب السودان، دونالد بوث،الذي يزور البلاد هذه الايام خاصة وان تلك العقوبات لم يعد لها أي مبرر. وقال الأمين السياسي للحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) دكتور مصطفى عثمان إسماعيل، إن المباحثات التي سيعقدها المبعوث الأمريكي سيتم خلالها طرح عدة محاور، من بينها العلاقات الثنائية والعقوبات المفروضة على السودان، وأضاف "هدف زيارة بوث الرئيس إلى الخرطوم، مناقشة ملف العلاقات الثنائية بين الخرطوموواشنطن"، وأوضح إسماعيل أن السودان سيطرح ملف العقوبات المفروضة عليه من قبل الإدارة الأمريكية، والتي تأذى منها الشعب السوداني،على حد تعبيره. تأتي الزيارة وقد جرت خلال الفترة الماضية حوارات ونقاشات عميقة بين الحكومة والإدارة الأمريكية في العاصمتين وعواصم أخرى، وكانت هناك تحركات هنا وهناك آخرها مشاركة وزير الخارجية بروفيسور غندور في الاجتماع الذي عقده الرئيس الأمريكي خلال زيارته الأخيرة للمنطقة في إديس أبابا بحضور قادة الإيقاد حول الوضع في جنوب السودان، وجرى خلاله حديث خاص بين أوباما وغندور، ثم حديث آخر نادر الحدوث مع مستشارة الأمن القومي سوزان رايس عقب اجتماع أوباما مع رؤساء إيقاد.. وخلال هذه اللقاءات والحوارات تم الاتفاق على زيارة المبعوث الأمريكي ومعه وفد كبير لمناقشة تفاصيل كثيرة حول القضايا العالقة بين البلدين. فمع العلم إنه لا توجد ملفات عالقة بشأن العلاقات الثنائية، فإن النقاط العالقة هي قضايانا الداخلية وموقف الإدارة الأمريكية منها وضعفها في مواجهة الحملات الضخمة التي تقودها جماعات الضغط في الداخل الأمريكي، تنحصر في قضية الحرب في المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) ودارفور، وكيفية تحقيق السلام ووقف الحرب والعلاقة مع جنوب السودان، بينما تركز الخرطوم في مطالبها على قضية العقوبات الاقتصادية والرفع الفوري لها مع رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، ودور واشنطن في إعفاء الدين العالمي الذي فاق ال«35» مليار دولار، وضرورة تراجع الولاياتالمتحدة عن ممارسة ضغوطها على المجتمع الدولي للحيلولة دون إعادة إدماج السودان في منظومة التعاملات المالية، ومن بينها التحويلات والقروض والمِنح التي حُرم منها منذ نهاية عقد السنوات الثمانين من القرن الماضي. ويبدي عدد من المراقبين عدم تفاؤلهم من الزيارة الأمريكي ويدعون لعدم التعويل على زيارة الوفد الرسمي الأمريكي بقيادة ا دونالد بوث مبعوث البيت الأبيض للسودان ومعه مسؤول مكتب متابعة العقوبات (أوفاك)، فبعد رفض متكرر قررت الحكومة السماح للمبعوث الرئاسي بدخول البلاد بعد منحه التأشيرة المحروم منها لأكثر من عامين تقريباً بسبب عدم حرصه على ملاقاة السيد رئيس الجمهورية، شأنه شأن المبعوثين الذين سبقوه (روجر ونتر، ويليامسون، وسكوت غرايشون)، فكلهم قد انتهجوا نهجاً غير مبرر في التعامل مع السيد الرئيس، ولم يحرصوا على لقائه مبررين ذلك بملف المحكمة الجنائية الدولية. وعندما تم تعيين السيد دونالد بوث وتكرر منه ما كان يحدث من سلفه، منعته الحكومة ورفضت إعطائه تأشيرة دخول، هذا بجانب أسباب أخرى منها عدم وقوفه على مسافة واحدة من أطراف النزاع في السودان، وتبنيه بالكامل لمواقف ما يُسمى بالجبهة الثورية وقطاع الشمال وحركات دارفور، خاصة في جولات التفاوض السابقة. عموما ومع أن الزيارة بحسب هؤلاء المراقبين لا تبعث تفاؤلاً كبيراً في سرعة نتائجها وتمخضاتها، إلا إنها خطوة في الاتجاه الصحيح، تتيح عبر لقاءات مباشرة إدارك الحقائق على الأرض، وتمكُّن المبعوث الخاص من التعرُّف على تطورات الأوضاع في البلاد، خاصة الحوار الوطني وانحسار القتال والحرب بعد هدوء الأحوال في دارفور.