الحكومة قفزت فوق متاريس الخصومة بينها والإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، إمام الأنصار من أجل دفع عجلة الحوار الوطني خطوة إلى الأمام، فبعثت بالمهندس إبراهيم محمود حامد مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، والعميد عبد الرحمن الصادق المهدي مساعد رئيس الجمهورية، نجل المهدي الاكبر، لدعوة الإمام الصادق لحضور الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوار الوطني المزمع عقده في العاشر من شهر أكتوبر الحالي (السبت المقبل). المؤتمر الوطني صاحب مشروع عملية الحوار الوطني للإصلاح السياسي والمصالحة الوطنية، قال إن هناك (1400) شخصية ستكون حضورا في تلك الجلسة المزمعة السبت، وبالرغم من معارضته إجراء أي من جلسات الحوار خارج الحدود، بيد أنه لا يمانع من حضور شخصيات اعتبارية ورموز سياسية من دول الجوار الاقليمي، ضيوفاً على شرف المؤتمر. الصادق المهدي منذ أن تقطعت سبل التواصل والاتصال بينه وبين المؤتمر الوطنين وإعلان حزب الأمة القومي تجميد نشاطه في آلية الحوار، قال إن العلاقة بينه والحوار القائم لم تعد مثلما كانت قبل الاعتقال، وأعلن انه لن يعود الى طاولة الحوار مرة أخرىدون ايفاء المؤتمر الوطني بمطلوبات باتت ضرورية لتهيئة المناخ للحوار، حتى لا يضار حزب أو أي من قيادات المعارضة بما يقول. ومن ثم ذهب المهدي بعيداً وعقد حلفا مع قيادات تحالف الجبهة الثورية المسلح (أعلان باريس) مما اثار حفيظة الخرطوم ضده، وعبر عن ذلك الرئيس عمر البشير بقوله ان المهدي لن يعفى عنه الا حال تبرئة من ذلك الاعلان، غير ان المهدي حط رحاله بعدد من العواضم للتبشير بالاعلان، وبعث بمراسلات الى الاحزاب والقوى السياسية لمناصرة الاعلان ودعمه، فيما أعلنت قيادات حزب الامة القومي بالدخل عن تمسكها بالاعلان كبرنامج سياسي لحل الازمة السياسية. من جهتها صعدت السلطات الحكومية من هجومها على الصادق المهدي، ولوحت بتقديمه الى القضاء مرة اخرى، وتارة ذهبت الى احضاره الى الخرطوم عبر النشرة الحمراء للبوليس الدولي، وظل المهدي يقول انه عائد الى الخرطوم متى اذن مؤذن العودة بذلك بعد اكمال الملفات التي يعمل عليها، وانجاز كامل المهام المتعلقة بوحدة وتوحيد المعارضة بشقيها المدني والعسكري كأولوية قصوى. وبعد أن أزفت مواقيت انعقاد الجمعية العمومية للحوار الوطني، ظهرت تصريحات ايجابية بضرورة عودة الأمام المهدي ومشاركته في اعمال الجمعية العامة للحوار الوطني، وتحدث عن مبادرة ووساطة لمقابلة المهدي وحثه على العودة الى الخرطوم والحوار، ومن بين الاسماء المتحدث عنها في تلك الوساطة نجله العميد عبد الرحمن الصادق مساعد الرئيس، بيد أن المهدي قال ان زيارات نجله عبد الرحمن لا تخرج عن اطار الزيارات الأسرية العادية بين الابن وأبيه، وانه ليست هناك أية مبادرة سياسية ذات أجندة وبنود واضحة لعودته إلى الحوار، وأوغل المهدي في تمتين علاقته مع قوى المعارضة ووقع على وثيقة (نداء السودان) في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا في ديسمبر الماضي، فاقترب خطوات من تحالف الجبهة الثورية التي ترى الخرطوم ان أي تنسيق بينها وبين القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني خط احمر يستوجب العقاب، ولم تثمر زيارة العقيد عبد الرحمن للمرة الثانية الى القاهرة في تليين موقف المهدي من الحوار، ولم تصلح مؤازرة عبد الرحمن لمسيرة الحوار في ردم الجفوة بين والده والحوار، واتخذ المهدي من عملية الحوار موقف اللا عودة، وشيع الحوار بعبارات العزاء. وظل المهدي من منفاه الاختياري بقاهرة المعز يدفع بالمبادرة تلو المبادرة في شأن تغيير صورةالحوار، حتى أن الرئيس عمر البشير تحمس لطرح المهدي الاخير حول الحوار والذي بثه في خطاب عيد الاضحى الشهر الماضي، وهذه الحماسة من الطرفين، شجعت على ذهاب اثنين من مساعدي الرئيس الى المهدي (ابراهيم محمود وعبد الرحمن الصادق) فيالقاهرة بين عسى ولعل لحضور الجلسة الافتتاحية من مؤتمر الحوار، بوصفه من الشخصيات المهمة في مسيرة الحوار، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة بالنظر الى مجريات الفترة الماضية هو: هل يفلح هذا المرسال الرئاسي في عودة المهدي الى طاولة الحوار؟.. وفي اجابته على هذا السؤال مضى ايوب عباس من دائرة الشباب بحزب الأمة القومي على نحو ما مضى اليه الفريق صديق محمد اسماعيل نائب رئيس الحزب في افادات قبل عدة أيام، اذ قال أيوب إن الصادق المهدي له موقف مبدئي من الحوار، وكذلك موقف العودة الى الحوار ما لم يتم الايفاء بكل مطلوبات واستحقاقات تهيئة المناخ للحوار من قبل الحكومة فيالخرطوم، كما أن المهدي والحزب لم يشاركا في اعمال الجمعية العمومية، وان الامة القومي ليس عضواً في اللجان التحضيرية وتحديد الموضوعات والاجندة المطروحة للحوار، وبالتالي عمليا فان الحزب خارج طاولة الحوار، لذا سيكون بعيداً عن توصيات مخرجات الحوار. واوضح أيوب ل(الرأي العام) أمس، أن أهم مطلوبات عودة المهدي والحزب الى الحوار أن يكون شاملا وتشارك فيه كل القوى السياسية المدنية والمسلحة دون استثناء، والامر الآخر ان قرار عودة المهدي بيد الحزب لجهة أن ثمة ملفات سياسية مكلف بانجازها من قبل الحزب لم تكتمل بعد، كما أن مؤسسات الحزب لم تجتمع لتقرر فيامر عودة المهدي الى الخرطوم وعودة الحزب الى طاولة الحوار. وقال ايوب ان المهدي رهن عودته الى طاولة الحوار بصورة قاطعة بمشاركة المؤتمر الوطني في اللقاء التحضيري باديس أبابا، وأن أهم من كل ذلك ان ادارة الحوار تكون محايدة ومقبولة من كل الاطراف، وان تتوافر رعاية من جهة خارجية كضامن للحوار ومخرجاته. وعودة المهدي ومشاركته في الحوار، واحدة من الامور التي استغرقت كثيراً من الحوار وأثارت كثيراً من الجدل، وإمكانية حدوثها، ونتائج الرسائل السياسية بين الحكومة وحزب المؤتمر الوطني مع الصادق المهدي تنتظر أن نكشف عنها الأيام القادمة وحتى العاشر من اكتوبر المحدد لبدء الحوار. نقلاً عن صحيفة الرأي العام 7/10/2015م