تصاعد الجدل الفترة الأخيرة عن العلاقة مع إسرائيل ودخلت القضية طاولة الحوار الوطني، والمنتديات السياسية ومجالس المدينة، وزاد من وتيرة ذلك، إفادات مسؤولين في الحكومة والحزب الحاكم تركت الباب موارباً أمام مناقشة الموضوع وهو ما اعتبره مراقبون مقصوداً لذاته من أجل إزالة الحساسية المرتبطة بطرح الملف وجعله اعتيادياً. تاريخياً كان لليهود وجوداً في السودان بشكل مباشر قبل استقلاله، وتطورت العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والمستعمر في عام 1949م، بعد الاستقلال ناصب السودانيون إسرائيل العداء. لم تعمد أي من الحكومات التي تعاقبت على حكم السودان إلى خلق علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، ولكن تواترت معلومات عن لقاءات لحزب "الأمة" الحاكم في عام 1954 بشخصيات إسرائيلية، وتعاون نظام الرئيس الراحل جعفر نميري في عملية ترحيل اليهود الفلاشا إلى إسرائيل عام1984م. ومنذ وصول النظام الحالي إلى الحكم، ناصب إسرائيل العداء، وعمد إلى تقديم يد العون للفصائل الفلسطينية التي تقاتلها، وجاهر بتأييد ودعمها، ولا سيما حركة "حماس"، وظلت إسرائيل تتهم الخرطوم بدعم المقاومة الفلسطينية. غير أن النظام الحاكم الذي تحلل من جلده الأصولي، تبني منهجاً براغماتياً ونشرت تقارير عن لقاءات سرية جمعت نافذين مع يهود في عواصم عربية، وسرب موقع "ويكيليكس" برقية بتاريخ يوليو 2008 أرسلها دبلوماسي أمريكي لخارجية بلاده، أكد فيها مسؤول سوداني أن أوجه التعاون التي تقترحها الخرطوم مع واشنطن تتضمن التطبيع مع تل أبيب. ومؤخراً وصلت قضية التطبيع مع إسرائيل إلى مؤتمر الحوار الوطني، وانقسمت لجنة العلاقات الخارجية حول التطبيع، ومال الغالبية إلى التمسك بعلاقة مشروطة مع الدول العبرية. موقف مؤتمر الحوار الراجح، يتسق مع موقف الخرطوم الرسمية المساند لخطة السلام التي قدمها ملك السعودية الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، في قمة بيروت العربية في عام2002، وحددت الخطة شروطاً في مقابل علاقات عربية طبيعية مع إسرائيل. من المستبعد أن تلجأ الخرطوم إلى تطبيع مع إسرائيل بسبب الوجدان الشعبي المناهض للدولة المغتصبة للحق الفلسطيني، ونفور قواعد الإسلاميين الذين يستند عليهم النظام الحاكم من أي تقارب مع تل أبيب كما أنه لا فائدة ترجى من التطبيع فقد سبقت موريتانيا وجربت الخطوة، وتراجعت عنها. من الحكمة أن لا تنفرد الخرطوم بموقف لا تتحمل تبعاته بحكم ظروفها المعروفة، والأسلم لها الإلتزام بمقررات الجامعة العربية، حتى لا تتبنى خطوات تحسب انبطاحاً أو ينظر إليها مزايدة تتجاوز أصحاب الحق الفلسطيني الأصيل. نقلاً عن صحيفة الصيحة 21/1/2015م