نحن إزاء المعركة العسكرية في جبل مرة لملاحقة حركة تحرير السودان (عبد الواحد نور) التي تنتهج سياسة الرفض لأي محاولة أو اتجاه نحو التفاوض، حيث تتخذ الحركة من أعالي جبل مرة ملاذا لتخطيط دعايتها السياسية الموجهة لمعسكرات النازحين وقضاياهم كوسيلة ضغط لاستمالة المجتمع الدولي وكخطوة لاستدامة شبح الحرب. ونشاط الحركة في غالبه يقوم على الدعاية السياسية والإعلامية، وعلى ذلك جاءت ردود الحركة على المعارك الأخيرة في الجبل بمبدأ الرد بالمدفعية السياسية عبر تدفقات النازحين في زمن التحولات التي تشهدها دارفور في مسارات التفاوض والاستفتاء والحوار ودعوات لتحديد أمد بقاء قوات اليوناميد ووضع استراتيجيات الخروج لأكبر بعثة دولية في أفريقيا. وقد تم تحديد مارس القادم موعدا لانعقاد اللجنة الثلاثية في نيويورك لبحث مسألة خروج اليوناميد كقوات دولية أفرزها واقع الحرب، والجدير بالذكر أن هذه القوات قامت على تجربة قوات الاتحاد الأفريقي التي جاءت في بدايات الأزمة في 2004 حتى 2007 ومنذ ذلك الوقت دخلت الأممالمتحدة وانتقلت من القبعات الخضراء إلى الزرقاء ومع هذا الانتقال شهدت دارفور موجة من تدفق المنظمات الأممية والأجنبية والوطنية تعمل في مجالات العون الإنساني والاستخباري وأصبحت هي الأخرى جزءا من الأزمة وتعد عاملا محوريا في إعاقة عملية السلام والملاحظ أنه في كل نهاية عام يتم تصعيد الموقف العسكري في الإقليم كمبررات تخدم خيار بقاء البعثة والتمديد لها. إن بقاء قوات اليوناميد بدون تحديد سقف زمني يخدم خطة تجدد الحرب بأشكال متعددة ما بين الحركات والحكومة وتارة بين القبائل في بعضها ورغم أن بعثة اليوناميد تعمل منذ (8 ) سنوات إلا أنها لم تحرز أي تقدم في مجال الخدمات والتنمية ودعم البنية التحتية وتهئية الإقليم للسلام.. وكل ما تقوم به مشروعات صغيرة في تدريب النازحين ورفع القدرات لا تسمن ولا تغني عبر قسم الشؤون المدنية. ومجمل مشروعات المجتمع الدولي ومنظماته العاملة بشقيها المدني والعسكري هي مشروعات إسعافية والجزء الأكبر من الميزانية المخصصة تذهب لآليات ومنصرفات المنظمات والبعثة المختلطة. على أي حال فإن اللجنة الثلاثية أمام تحديات تحديد سقف بقاء اليوناميد بينما يكمن تحدي الحكومة الأكبر في إثبات مبررات الخروج وهي كثيرة من خلال اتفاق أبوجا والدوحة التي مازالت مفتوحة ولعبت الأممالمتحدة دورا مع الوسيط القطري في رعايتها وتنفيذها ومازالت تنتظر الحركات غير الموقعة عليها.. ستظل اليوناميد بعثة أممية ترجح كفة خيارات الحرب المستمرة إن لم يحدد سقف زمني لبقائها. نقلا عن صحيفة اليوم التالي 3/2/2016م