تكاد تهمة الإرهاب أن تلتصق بديننا الحنيف دون سواه، رغم كل ما نصدح به من أن الإسلام هو دين الوسطية والسلام، وأن لا علاقة لهؤلاء الإرهابيين بالإسلام لا من قريب ولا بعيد، كما هو حال الإرهابيين من الأديان الآخرى، الذين لا ينسبون إلى أديانهم كما المسلمين! بيد أن تلكؤ بعض الدول الإسلامية في محاربة الإرهاب، وتداول إشاعات أن تلك الدول تغض الطرف حيناً عن تلك الجماعات الإرهابية لتحقيق مكاسب سياسية جعل التهمة تزداد رسوخاً، وهو ما جعل قيادة المملكة -وهي قلب الأمة الإسلامية- تستشعر أهمية أن أول من يجب أن يقاتل سرطان الإرهاب هي الدول الإسلامية، فكان أن أعلن التحالف الإسلامي العسكري هنا في الرياض، حينما أعلن سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فجر الخامس عشر من ديسمبر الماضي ولادة أول تحالف إسلامي عسكري في العصر الحديث، والذي تكون في البداية من 34 دولة إسلامية، ثم ارتفع خلال أسابيع قليلة إلى 40 دولة تمثل السواد الأعظم لكبرى الدول الإسلامية. كل هذا التجاوب الواسع والسريع من أغلب الدول الإسلامية وترحيب منظمة التعاون الإسلامي ما كان ليحدث لولا أن الدعوة الصادقة ظهرت صادقة من موطن الإٍسلام، ومن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- الذي تشهد مواقفه أنه رجل الحزم والعزم، وأنه قادرٌ بعون الله على قيادة مشروع القضاء على سرطان الإرهاب، وملاحقة هذه الشرذمة من الفئة الضالة، والعمل على بناء الاستقرار والرفاة في الدول الإسلامية. الرائع في الأمر أن هذا التحالف لم يقتصر فقط على الجانب العسكري كما كان متوقعاً، بل جاء متكاملاً بأركان متعددة، فأُنشئ مركزٌ فكري، وجانب إعلامي، وآخر مالي، كلها تصب في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، سواء جذوره الفكرية الفاسدة، أو ظهوره الإعلامي سواء عبر وسائل الإعلام التقليدية أو عبر منصات الاتصال الاجتماعي، والتي ساهمت بوصول رسالة الإرهابيين وتجنيد صغار السن سواء في الدول الإسلامية أو الجاليات المسلمة في الغرب، ناهيك عن مضاعفة الجهود في ملاحقة المصادر الممولة للإرهاب، وقطع الطريق على تلك الجماعات من بيع واستثمار ما تسرقه من نفط أو تسلبه من غنائم. وهاهي خطوات تفعيل التحالف تتواصل، فبعد تمرين درع الشمال، الذي يعد أول وأكبر تمرين عسكري لدول إسلامية مختلفة، هاهو اجتماع قادة أركان التحالف يلتئم في الرياض وبتمثيل رفيع المستوى من الدول المشاركة، مما يؤكد الرغبة الجادة نحو تحقيق هدف التحالف وتوسيع نطاق عمله، ليكون الوسيلة الأسرع لملاحقة الإرهاب والقضاء عليه في أي بورة كانت، وبالطبع هذه الخطوات التأسيسية المتلاحقة تجعلنا نزيد من سقف توقعاتنا من التحالف، وليس فقط القضاء على تلك الجماعات المشوهة لصورتنا، بل الخروج برؤية واستراتيجية فعالة ومشتركة لمكافحة هذا الداء قبل حدوثه، سواء على مستوى منظومة التربية والتعليم أو على مستوى الرفاة الاجتماعي، والعمل على جعل العالم الإسلامي نموذجاً حقيقياً للعمل المشترك المثمر. المصدر: الرياض السعودية 4/3/2016م