يبدو ان السودانيين سيضعون تجربة إقليم كوبيك بكندا تحت المهجر وذلك للاستفادة من دروسها وعبرها قبل إجراء استفتاء تقرير المصير للجنوب والمقرر في يناير القادم حسب ما نصت عليه اتفاقية السلام الشامل، تواترت الإنباء أن السودان سيستعين بتجربة كندا في استفتاء الجنوب، وأن مسئولين من حزب المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية سيطلعون على تجربة كندا خلال زيارة خاصة بدأت هذا الأسبوع لمعرفة تفاصيل تنظيم استفتاءين حول استقلال إقليمكيبيك وذلك ضمن الترتيبات والتجهيزات التي تجري لإقامة الاستفتاء حول تقرير مصير الجنوب المقرر في يناير القادم. وسيقابل ممثلو المؤتمر الوطني والحركة الشعبية خلال زيارتهم الحالية لكندا مسئولين كبار من الحكومة الكندية ونواب وخبراء ومشرفين على عمليات الاستفتاء التي جرت في كندا. وكان قد وصل إلى كندا أمس الأول وفد مشترك من المؤتمر الوطني برئاسة قطبي المهدي والحركة الشعبية بقيادة أن أيتو. ويشير المراقبون الى أن إقليمكيبيك الوحيد في كندا الذي ينطق معظم سكانه باللغة الفرنسية شهد استفتاءين حول استقلاله بين 1980 و1995. وقد صادق سكان كيبيك بفارق ضئيل على البقاء ضمن كندا خلال آخر استفتاء اجري بكندا. ويتوقع هؤلاء المراقبون أن يخضع السودان تجربة كويبك تحت المجهر وتقييمها واستخلاص الايجابيات منها وأفضل الدروس الممكنة ومحاولة تطبيقها من خلال التجربة السودانية في الاستفتاء المرتقب. ويضيف المراقبون أن دعاة الوحدة تغلبوا على دعاة الانفصال في تجربة كندا، وقد كان هناك الحزب الكيبيكي اكبر دعاة الانفصال وكان يدعو إلى استقلال كيبيك والاحتفاظ بعلاقات ودية مع بقية أجزاء كندا، ولكن دعوات الحزب لم تنجح رغم إقامته تحت شعار الانفصال والاستقلال لمؤتمري ميتشن لايك سنة 1987م ومؤتمر شارلو تاون عام 19992م. خيار الوحدة:- وجاء في الإنباء نقلا عن فرانس بريس أن الحكومة الكندية قد أعلنت أن كندا التي كادت أن تتعرض للانقسام والتفكك قد حسمت خيار الوحدة وعدم استقلال إقليمكيبيك عبر استفتاء جرى بكندا عام 1995م. وقالت الناطقة باسم الخارجية الكندية ليزا مونيت لوكالات الإنباء أن كندا عرضت تقديم دعم لانجاز الاستفتاء، وإنها ستعمل على إنجاح زيارة وفد السودان المكون من حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للوقوف على تفاصيل الاستفتاءين حول استقلال كيبيك اللذين اجريا في عامي 1980م و1985م، وأضافت مونيت أن كندا تعتقد أن الاستفتاء المرتبط بعملية تقنية محددة يعتبر من العناصر الأساسية التي يمكن أن تجلب السلام والأمن في السودان. ومن جهته أوضح سفير السودان بكندا الصادق المقلي أن الشريكين تسلما دارسة وضعتها جامعة اتاوا تحوى التجربة الكندية حول الاستفتاء، مشيراً الى شمولها قضايا المواطنة وتوزيع الثروات والتداخل الثقافي. وأفاد استطلاع للرأي العام نشرت نتائجه أن نسبة المؤيدين من سكان إقليمكيبيك لانفصال الإقليم عن كندا بلغت ادني مستوي لها منذ عامين. وقال راديو كندا الدولي أن نسبة سكان الإقليم المعارضين للاستقلال بلغت 58 بالمائة مقابل 41 بالمائة ما زالوا يفضلون سيادة الإقليم البالغ عدد سكانه 7،3 ملايين نسمة، واظهر الاستطلاع أن 51 بالمائة أكدوا عدم رغبتهم في إجراء استفتاء آخر حول سيادة الإقليم، وكان مؤيدو الاتحاد الفيدرالي الكندي قد حققوا في استفتاء عام 1995م انتصاراً على المطالبين بالاستقلال حيث بلغت نسبة المصوتين لصالح عدم الاستقلال 50،6 بالمائة مقابل 49،4 بالمائة لمؤيدي الانفصال أي بفارق 45 ألف صوت فقط من بين خمسة ملايين ناخب شاركوا في الاستفتاء، وهزم الانفصاليون في استفتاء سابق اجري في عام 1980م بأغلبية 60 بالمائة مقابل 40 بالمائة ، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل يستفيد السودانيون من التجربة الكندية ويحسم الجنوبيون نتيجة استفتاء تقرير المصير القادم على طريقة إقليم كويبك الكندي والذي انجح خيار الوحدة على خيار الانفصال في آخر استفتاء جري عام 1990م؟ استحقاق دستوري:- وقال ياسر عرمان أحد قادة ((الحركة الشعبية)) انها زيارة مشتركة بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان للإعداد لاستفتاء استقلال جنوب السودان. مشيراً إلى أن وفد الحركة الذي تترأسه أن أيتو الأمينة العامة لحزب جنوب السودان توجه إلى كندا، كما غادر أربعة قياديين في حزب المؤتمر الوطني، الخرطوم. وقد اجري إقليمكيبيك الوحيد في كندا الذي ينطق معظم سكانه باللغة الفرنسية استفتاءين حول استقلاله بين 1980و 1995. وصادق سكان كيبيك بفارق ضئيل (6،%50) على البقاء ضمن كندا خلال آخر استفتاء. ويري الكاتب والمحلل السياسي البروفيسور بركات موسي ألحواتي في حديث ل (السوداني) أن الاستفتاء أصبح استحقاقا دستورياً حسب ما نصت عليه اتفاقية نيفاشا، وقال أن الاطلاع على التجربة الكندية يتم في إطار الوقوف على التجارب المعاصرة، مشيراً إلى أن إقليمكيبيك يعتبر فرنسي الثقافة ويختلف عن باقي أقاليم كندا الأخرى المتأثرة بالثقافة البريطانية ويتحدث سكانها اللغة الانجليزية، وأضاف بأن التجربة ممتازة ولكن لا توجد مقارنة مع حالة جنوب السودان. ويري الخبير السياسي الدكتور خالد حسين محمد ضرورة الاستفادة من تجارب العالم المعاصرة، وان حق تقرير المصير حق كلفه ميثاق الأممالمتحدة والمواثيق الدولية وقرارات الجمعية العامة وقرارات مجلس الامن، ولكنه لا يعني الانفصال، ويعني المتمتع بكافة الحقوق السياسية والاقتصادية وحرية ممارسة الشعائر الدينية وغيرها. أن إعطاء الأقليات حق تقرير المصير يؤدي إلى تفتيت الدول الآن بغير استفتاء وحالة بنغلاديش تمثل استفتاء كلياً ووجود قارة الهند بمساحتها الشاسعة بين طرفي باكستان يجعلها استثناءً مقبولاً. وستكشف الأيام القادمة تفاصيل جديدة حول مساعي الشريكين للاستفادة من تجارب الآخرين في إقامة وتنظيم استفتاء مبرأ من العيوب ويرضي تطلعات الجميع باعتبار أن حق تقرير المصير عالمياً قد مر بالعديد من التطورات حيث ظهر كمبدأ سياسي ثم تحول إلى مبدأ قانوني بعد أن نصت عليه العديد من المواثيق والقرارات الدولية. نقلاً عن صحيفة السوداني 2/8/2010م