مازال موسم الهجرة للقيادات الميدانية مستمراً الى الدوحة مقر مفاوضات السلام التي ستبدأ في التاسع والعشرين من سبتمبر الجاري، والتي كان المقرر استئنافها اليوم، فكان أمس الأول هجرة الفريق عبد القادر عبد الرحمن فليل القائد العام لجيش حركة تحري السودان القيادة العامة جناح عبد الواحد محمد نور للمشاركة في المفاوضات. الا أن القيادي بحركة التحرير جناح عبد الواحد إبراهيم الحلو نفي ل ((الجريدة) من العاصمة الفرنسية باريس انضمام قدورة لمحادثات السلام، واعتبره حديث عار من الصحة، وقال الحلو أن قدورة ثابت في موقفه ولن يدخل المفاوضات الا بالموافقة على شروط حركة التحرير، واتهم الحكومة بتزوير الخطابات التي تتحدث بهذا الشأن. بيد أن ((الجريدة) اطلعت على تلك الخطابات التي تؤكد انضمام الفريق عبد القادر الملقب ب(قدورة) مع مجموعة من الضباط والجنود، لمفاوضات السلام بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة، مما يعد مكسباً للحركة وفقا لتصريح رئيس الحركة الدكتور التجاني السسي ل(الجريدة) وقوله أن انضمام قدورة سيزيد من وزن الحركة عسكرياً، وعادة ما تعتمد الحركات المسلحة في القوي الميدانية في تحديد سقوفها التفاوضية. وانضمام قدورة حسبما يري قادة ميدانيين قد يغير موازين القوى في العملة التفاوضية ،وجاءت هذه الخطوة بعد أن اطلع قدورة الوسيط المشترك جبريل باسولي والوسيط القطري وزير الدولة بالخارجية القطرية آل محمود عبر خطابات رسمية، بانه فوض الدكتور التجاني اليسيسي لمقابلة باسولي والاتفاق حول كيفية انضمامهم الى مفاوضات الدوحة. ويعتقد أن خطوة قدورة سيكون لها وقع قاسياً على حركة عبد الواحد لجهة ان قدورة يمثل الجناح العسكري الذي تستند عليه الحركة في منطقة جبل مرة، وهي منطقة نفوذ عسكري لنور حيث كان يسيطر على الجبل قبل المعارك الأخيرة بينه والحكومة في فبراير الماضي، وعليه فقد نور العديد من المناطق، بسبب الخلافات حول المؤسسية بينه والميدانيين. وكان أول خلاف وقع بين عبد الواحد وأمينه العام مني أركو مناوي في (2005) حيث شكل خلافهما نواة الانقسامات داخل الحركات المسلحة. القائد قدورة وفقا لإفادات القائد الميداني أبو القاسم هارون عيسي يشكل زواية في العمل الميداني داخل حركة نور، ويقول هارون أن خروج قدورة سيزيد من ضعف الموقف العسكري لقوات نور بعد أن سيطرت الحكومة على بعض المناطق في الجبل، ويضيف أن الأخير فقد أغلب القادة الميدانين، وأبو القاسم هو قائد فصيل انشق من نور قبل (6) أشهر فور خروجه من السجن العسكري، وانضم لمحادثات السلام بالدوحة، انسلاخ قدورة عبر بيان تلقت صحيفة (الجريدة نسخة منه، سيفتح الباب مشروعاً لاتهامات الميدانيين المنشقين من نور بعد الاجتماع الذي عقدته معه القيادات الميدانية في سويسرا، وطالبته بإصلاحات جوهرة في الحركة، أميمه آدم أحمد العضو الميدانية بحركة التحرير، تقول اجتمعت القيادة الميدانية وقرر عقد مؤتمر للحركة وللعمل بمؤسسية، بعد أن يئس الميدانيين من غياب عبد الواحد من الميدان، وانفصال القيادة السياسية من العسكرية، وصار العمل السياسي باجتهاد الميدانيين، وتضيف، عبد الواحد نموذج منفرد بالقيادة، ويصدر قرارات بعيدة عن واقع الميدان، وتقول أميمه غياب التنسيق ما بين الرئيس والميدان خلق جسمان للحركة، مما دفع القادة الميدانيين لاجتماعات تنادي بالمؤسسية، وخرجت بقرارات أهمها عقد لقاء بينهم ونور اطلاعه بالقرارات الداعية لهيكلة الحركة، والمطالبة بمؤتمر عام لمناقشة غياب عبد الواحد من الميدان منذ ديسمبر (2005) وتوحيد فصائل حركة التحرير، ومطالبته بتقديم رؤية واضحة بشان رفضه للمفاوضات ( ما هو البديل للسلام، ولو كانت الحرب، أين هو من الميدان بعد توقف دعمه المادي للميدانيين الذين اصبحوا يعتمدون على دعم الأهالي والنازحين) وتذكر أميمه أن الاجتماع شدد حل مشكلة غياب الاثنيات الأخرى في المواقع القيادية، وتقول أميمه التي كانت ضمن وفد الميدانيين الذين التقوا نور في فبراير (2009) بسويسرا، تقول وافق نور على المقترحات مبدئياً، ووصفها بالموضوعية، ووعد بعقد مؤتمر بعد (6) أشهر من الاجتماع، وتعهد بدعم الميدان بعتاد حربي، وتقول أميمه انتظرنا (7) أشهر لم يأت العتاد والدعم، ولم يعقد المؤتمر واتصلنا بالسيسي وأعلنا انضمامنا للتحرير والعدالة. تبدو المواقف بين الميدانيين بشان غياب المؤسسية داخل حركة نور، القائد الميداني عبد الحفيظ جاموس عبد الرسول، الملقب (بجيمس) يوافق أميمه الرأي، ويشير الى أن نهج نور في القيادة كان خصماً على العمل الدارفوري المسلح، واعتبر غيبا المؤسسية عاملاً جوهرياً في الانقسامات، ويقول توقف نور في منطقة غامضة لم يقود حرب، ولم يتجه للمفاوضات لتوصيل رؤيته، وهذا ما دفع اغلب القادة في الميدان ينضمون للتحرير والعدالة من أجل تحقيق السلام العادل، ولو فشل سيتجهون للحرب لو فرضت عليهم. انضمام اغلب فصائل حركة التحرير جناح نور لمفاوضات السلام بالدوحة جاء بناء على دراسة الفصائل لواقع الميدان. والتوتر الأمني الذي رفع أسهم المعاناة الإنسانية والأمنية وفقا لمبررات قدورة في رسالته للوساطة المشتركة والقطرية ويقول قدورة في رسائله، أجرت مشاورات الرفاق الضباط الجنود، والنازحين واللاجئين توصلنا إلى ضرورة الانضمام للعملية السلمية لأسباب أهمها موت الأطفال والعجزة بمعسكرات النازحين واللاجئين، وانتشار الأمراض، وانعدام الغداء والدواء وتوقف مسيرة التعليم، وحصار الحكومة للنازحين ومنعهم التنقل لكسب العيش، وتوقف العون الإنساني. الا أن القيادي بحركة التحرير جناح عبد الواحد إبراهيم الحلو، نفي ل(الجريدة) من العاصمة الفرنسية باريس انضمام قدورة لمحادثات السلام، واعتبره حديث عار من الصحة، وقال الحلو أن قدورة ثابت في موقفه ولن يدخل المفاوضات الا بالموافقة على حركة التحرير، واتهم الحكومة بتزوير الخطابات بالرغم من أنها ممهورة بتوقيع قدورة، وبشأن الاتصال بالقائد قدورة قال أنه متحرك بالميدان ولا يمكن الوصول إليه، ودافع الحلو عن حركته وقال أنها تعمل بالمؤسسية ولها مؤسسات سياسية وعسكرية، ولكنها لن تعلن عنها خشية من استهداف الحكومة لها، ووصف المنشقين من حركة عبد الواحد بأنهم خارج التيار، وشدد على تمسك الحركة بشروطها بشان المفاوضات، ونفي التهم الموجهة لعبد الواحد بشان القرارات الفردية، بينما أكد بخيت موسي مدير مكتب قدورة صحة الرسائل التي بعثها قدورة للوساطة المشتركة للانضمام للسلام، وتفويض السيسي لمقابلة باسولي ل(الجريدة) وقال بخيت أن قدورة أعلن انضمامه لمفاوضات السلام، وأضاف أن هنالك خطوات ايجابية تجاه مشاركته في الدوحة. القيادات الميدانية توصف موقف نور بشان المشاركة بالمفاوضات موقف خالي من المسئولية تجاه النازحين، واعتبر جميس حملة الحكومة لتفريغ المعسكرات ردة فعل لاستناد عبد الواحد على معسركات النازحين في مخاطبته للمجتمع الدولي، ويقول نور يضعهم دروع بشرية والحكومة تريد أن تزيل وجودهم، وبالرغم من الوضع الذي تمر به الأوضاع في دارفور مازال نور متمسك بشروطه بشان المشاركة في المفاوضات، ولم ينجح اللقاء بينه والوسيط المشترك جبريل باسولي في تغيير موقفه، بينما الأستاذ عبد آدم خاطر الإعلامي الخبير في الشأن الدارفور، يري أن هنالك احتمالين دفعا قدورة للانضمام لمفاوضات السلام، ويقول خاطر اللقاء الأخير بين باسولي والوسيط القطري ونور، وضعت احتمالين الأول أما ان يكون انضمام قدورة للدوحة، تمهيد لانضمام عبد الواحد على أن يكتمل انضمام نور قرباً، أو أن يكون نور رفض المشاركة في العملية السلمية، فغادره قدورة، والاحتمال الأخير سيشكل مزيد من العزلة على نور. بينما يري الفريق صديق الأمين العام، حتى تطمئن الحركة على أن الجميع سيقبل بنتيجة الاستفتاء لو جاءت بالانفصال. الواقع أن كل هذه المساءل لن تكتمل في أشهر قليلة، لذلك فان تمديد الفترة الانتقالية، هو اقتراح وجيه طرحه من قبل الدكتور الطيب زين العابدين، حتى تكون الوحدة جاذبة أو الانفصال سلساً . نقلاً عن صحيفة الجريدة 19/9/2010م