والمدير الساخط/ في الطرفة/ ينظر إلى الخطاب المليء بالأخطاء ثم يصرخ في سكرتيرته التي طبعت الخطاب. : هذا الخطاب .. ألم تقرايه وأنت تطبعينه . قالت السكرتيرة : لا يا سيدي .. لم أقرأه فقد ظننت أنه خطاب سري!! ولا تضحك .. فالحركة الشعبية في مشروع قانونها الذي تقدمه للمجلس الوطني تريد أن يكون جهاز الأمن شيئاً شبيعاً ومطابقاً في عمله وعقله بعمل وعقل السكرتيرة هذه. جهاز الأمن – في قانون الحركة المقدم – هو شيء ليس من شأنه إلا المراقبة ثم التسجيل على الورق .. ثم لا سلطان له على شيء على الإطلاق . الحركة بلهاء؟! لا .. فالحركة مشروعها هو تدمير السودان .. واحد أعظم قادة اليابان أيام نهاية الحرب وأيام الاستسلام. قال: اليابان لم توقع استسلامها بعد نهاية الحرب.. اليابان وقعت استسلامها يوم قبلت بتفكيك جهاز الأمن الياباني. والحركة تعلم وتريد هذا .. لأنها تقصد هذا ذاته وتريد نتائجه. ومثلها تماماً .. الحركة الشعبية كانت تتقدم في العام الأسبق بمشروع قانون الشرطة من كل شيء .. حتى العصا.. والحركة هل تلجأ للضجيج والفوضى لأنها لا تعلم أسلوب الجدال والإقناع؟!. لا .. لا الحركة تلجأ للضجيج والفوضي لأنها تعرف بدقة ما يؤدي إليه النقاش العاقل. الحركة تعرف حكاية (داني الأحمر) التي أصبحت من أدب السياسة الكلاسيكي. ففي الستينات في فرنسا كانت الجامعات هناك تطلق أضخم سلسلة إضرابات عرفها التاريخ. طلاب الجامعات مئات الآلاف من عشرات الجامعات ظلوا يخرجون يومياً في مظاهرات مجنونة .. خلف (داني الأحمر) زعيم الطلاب يومئذ. وداني يخطب من فوق رؤوس مليون مواطن. (والمزاودة) تجعل كل أحد يأتي بالعجائب .. وفتاة هي مندوبة الحزب الشيوعي تلتقم عنقود الميكروفونات وهي تصيح. : يا لك من رجعي .. ايها السيد ماركس. أهل الشيوعية تجاوزاوا الشيوعية خلف داني وأهل الرأسمالية تجاوزوها خل داني. ثم انضمت النقابات .. والنقابات . وقامت القيامة. ثم حدث شيء صغير. وزير الإعلام أطلق إعلانا بدعوة داني الأحمر (اسمه داني كوهين) إلى شاشة التلفزيون. وبقية عقل الحكومة كاد أن يطير. لكن.. فرنسا كلها جلست أمام الشاشات وهناك جلس داني والوزير يسأله عما يريد بالضبط. داني كوهين ظل يتحدث .. ويقدم مطالبه حجته وفلسفته. والناس يستمعون. والناس تهبط رغوة نفوسهم مع كل كلمة يقولها داني .. وتهبط .. وتهبط. ثم يسود فرنسا الصمت. اكتشف الناس أنهم كانوا – فرنسا كلها – يتبعون وهماً .. وأن الرجل كان يغطي كل تفاهته بالصراخ. الحركة الشعبية .. أو من يخططون لها . يعرفون نموذج داني هذا .. لهذا يحرصون بدقة على تجنب النقاش في البرلمان وفي غير البرلمان. ويحرصون على الفوضى والصراخ. والقوانين التي يصرخون حولها هي ماذا؟!. هي اثنان .. الاستفتاء .. والأمن. وقانون الأمن حديثه أعلاه. والاستفتاء ما يصطرع الناس حوله هو. الدولة تقول أن (الجنوبي هو كل من ينطبق عليه التعريف العرقي المعروف أين ما كان موقعه الجغرافي). بينما سلفاكير يقول أن الجنوبي هو الذي يقيم في الجنوب فقط. والآخرون لا حق لهم في الاستفتاء. هذه هي المعركة .. (ظاهراً). بينما المعركة (باطناً) تقول .. لو أن الوطني ذهب يعرف الجنوبي بتعريف سلفاكير لذهب سلفاكير يعرف الجنوبي بتعريف الوطني. لان الهدف هو أن يبقي الخلاف .. الخلاف الذي يصبح عراكاً.. العراك الذي يمنع قيام الانتخابات. المنع الذي هو الهدف كله. (2) الأمر قديم .. اما لماذا تتسارع جدا خطوات المعارضة لخلق الفوضى الآن؟ تتسارع لان العالم اليوم – الذي لا يكاد يخفي فيه شيء – يعرف أن السودان ليس بينه وبين جنات البترول والزراعة والا عام وبعض العام. وأنه ان خرجت الجنات هذه والوطني في السلطة فلا مطمع بعدها لأحد في انتزاعه .. وانه .. وانه. (3) والوطني الذي يضم مجموعة جيدة من المثقفين أهل القراءات الواسعة يتندرون بالحكايات وكيف أن لقاء الجنوب بالجنوب يصلح أحيانا علاجاً جيداً. بعضهم حكي كيف أن بعضهم ممن يدعي الجنوب عربد بوقاحة في مجلس أحد الأمراء. والأمير يتلفت ويدعو السياف لضرب عنقه. والرجل الذي كان يدعي الجنوب يلتفت الى الناس ويقول كنا مجنوناً واحداً .. فأصبحنا اثنين. الدولة لا تدعو السياف الآن لكن. كل ما تقوم به الدولة الآن هو – ومنذ أسبوع – التعرف على خريطة للعاصمة تدرس كل زقاق فيها. وترسم الدوائر. وتحشو كل دائرة بما يكفي للطوارئ . والرسم هذا يقطع الطريق على جهود مجنونة تحت الارض تعمل بقوة لمنع اطلاق عالم البترول. والجملة الأخيرة هذه تكشف عن (سودان جديد) تماماً حين تكشف عن أبار مذهلة للبترول يتكلم الناس عليها الأن. (ونمرق) بعضها غداً او بعد غد أن شاء الله. بعد أن نغسل العاصمة سبع مرات أولاهن بالتراب. نقلاً عن صحيفة الانتباهة 7/12/2009م