قناة فضائية تسأل: ما تأثير تسريبات “ويكيليكس" حول طلب حركة “فتح" مساندة “إسرائيل" على المصالحة الفلسطينية؟ جواب “حماس": قلنا منذ البداية إن “فتح" وسلطة رام الله تواطأت مع العدوان . جواب “فتح": هذه مؤامرة “إسرائيلية" لتشويه سمعة “فتح" . جوابنا: وهل كانت هناك مصالحة أو جهود حقيقية لإنجازها قبل التسريبات؟ عندما يكون شعب منقسماً كما في فلسطين أو لبنان أو العراق أو السودان، ستجد أسئلة وأجوبة من هذا النوع . كل طرف لديه إجابات جاهزة تعبّر عن موقفه، ويعتقد أنه بمجرّد أن يصدر بياناً يتبنى الناس دفاعه عن نفسه، ويصدّق اتهاماته لخصومه . وكي لا نحسب على طرف، لن نُجيب انطلاقاً من موقع أي طرف، فنحن مع إطفاء الحرائق لا إشعالها، ولا مع صب الزيت على النار المشتعلة . وفي مطلق الأحوال فإن حركة “فتح" وأي حركة أو جهة وطنية في أي بلد، لا يمكن أن تلجأ للعدو أو لأية جهة خارجية أن تهاجم خصومها في الوطن، مهما كانت الأسباب والظروف . من الصعب أن نتصوّر “فتح" كحركة وطنية، تطلب من “إسرائيل" أن تهاجم غزة وترتكب مجازر . أما إن كان الحديث يدور عن لجوء بعض القيادات إلى هذه الطريقة، فهذا أمر يمكن أن يحصل في كل زمان ومكان، ومن يفعل ذلك سيكون بالتأكيد في موقع معاد لكل منطق حزبي أو وطني أو أخلاقي، ويكون بذلك قد وضع نفسه في خندق العدو وليس في موقع المختلف سياسياً . ولكي يكون تناول أي موضوع وطني أو قومي ذا جدوى، ينبغي البحث دائماً في العمق وليس في السطح، لأن من يريد أن يصلح ثقباً في البئر، عليه أن ينزل داخلها ولا يكتفي بإطلاق الهتاف والأمنيات من فوق وينتظر صدى صوته . هذا النقاش يدور على هامش ما هو أهم من الأزمة، ويشبه اللعب بالكرة بعد صافرة النهاية . من المؤسف والمقشعر للأبدان، أن نشهد هذا التصعيد الكلامي، وهذه الاتهامات الحادة بين “فتح" و"حماس"، فيما تمعن “إسرائيل" تهويداً واستيطاناً في القدس والضفة، وتقرع طبول العدوان على غزة، وتفعل ذلك كأنما تتحدّث عن عملية تطعيم، وليس عن عدوان سيتحوّل إلى كارثة جديدة قبل أن نستفيق من هول ما نحن فيه من كوارث . إنه فصل من التراجيديا الأشد مرارة، فهذا يهدئ مع الاحتلال ويتوعّد خصومه في الضفة، وذاك يتمسّك بالتفاوض مع “إسرائيل" سبيلاً وحيداً لاستعادة حقوق مغتصبة، ويلوّح بالقوة لاستعادة غزة . القادة السياسيون يرتقون بوعيهم، ويسقون شعوبهم عصارة التجارب الصادقة . والقادة الفلسطينيون الذين كانوا يردّدون أن الاقتتال خط أحمر لا يمكن تجاوزه، أصبحوا يبدعون في تأبيد الانقسام، وفي اقتسام وطن لا يملكه أي منهم . كل يسوق رواية تدافع عنه وتدين الآخرين، ولا يعرف أن الفلسطينيين والعرب والحريصين على القضية الفلسطينية، ضاقوا ذرعاً بهذا الانقسام الذي ذابت تفاصيله في بحر القرف، وأصبح الجميع فيه مداناً، من يشارك ومن يعمّق ومن يتفرّج، ومن يلعن الظلام ألف مرة ولا يضيء شمعة واحدة . المصدر: الخليج 27/12/2010