منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    إدارة مرور ولاية نهر النيل تنظم حركة سير المركبات بمحلية عطبرة    اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    بعد رحلة شاقة "بورتسودان.. الدوحة ثم الرباط ونهاية بالخميسات"..بعثة منتخب الشباب تحط رحالها في منتجع ضاية الرومي بالخميسات    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ويكيليكس وحروب الظلام .. كل الطرق تقود إلى الموساد
نشر في سودان سفاري يوم 05 - 01 - 2011

نواصل محاولة تقييم عملية ويكيليكس بنشر عشرات الآلاف من الوثائق السرية الأمريكية والحكم عليها.
اليوم، سنتطرق الى الوثائق التي يتم حجب نشرها، وتلك التي يتم اختيارها للنشر وما يعنيه ذلك. سوف نناقش احد المعايير الاساسية للتقييم، ونعني تلك المتعلقة بمن هو المستفيد الاساسي من هذه العملية، ومن هو المتضرر الاساسي.
}}}
أين هذه التسريبات؟
تحدثت في المقال السابق عن الانتقائية في اختيار ما ينشر وما لا ينشر من الوثائق التي ينشرها ويكيليكس، واشرت إلى التساؤلات الكثيرة التي يثيرها هذا الأمر.
قبل ان اتعرض لهذا الجانب فيما يتعلق بالوثائق الاخيرة، وثائق الخارجية الامريكية، وما الذي يشير اليه سياسيا الوثائق التي تم اختيارها للنشر حتى الآن، لابد ان اتوقف عند فقرات من تحليل مطول، يتعلق بهذا الجانب بالذات، نشره الكاتب الامريكي جوناثان عزازية، فيما يخص الوثائق التي سبق لويكيليكس ان نشرها عن افغانستان وعن العراق. وعنوان التحليل هو "ويكيليكس والسم الصهيوني". وقد نشر هذا التحليل قبل نشر الموجة الاخيرة من وثائق الخارجية الامريكية.
يقول الكاتب: "كانت اول التسريبات الكبيرة في مطلع العام تتعلق بأفغانستان، حيث تم نشر اكثر من 29 الف وثيقة. الوثائق التي تم نشرها تضمنت وثائق سرية عن القتلى المدنيين الذين قتلتهم القوات الامريكية وقوات الناتو، وتضمنت قصصا عن اسامة بن لادن، وعن طالبان، وعن المخابرات الباكستانية.. وهكذا. لكن الامر الغريب انه لم تكن هناك وثيقة واحدة عن قيام اسرائيل بتدريب قوات لطالبان، ولا عن دور الموساد والسي آي ايه وكرزاي وشقيقه في عمليات تهريب المخدرات والاتجار فيها في افغانستان. كما لم تكن هناك أي وثيقة عن علاقات كرزاي بمجرم الحرب هنري كيسنجر".
ويقول الكاتب عن وثائق العراق التي نشرها ويكيليكس: "كانت اكبر حملة تسريبات اخرى متعلقة كما هو معروف بالعراق حيث تم نشر 400 الف وثيقة. ومرة اخرى، تضمنت الوثائق التي تم نشرها وثائق سرية عن قتل المدنيين، وعن دور نوري المالكي، وعن دور ايران في العراق.. وهكذا. ولكن، اين التسريبات حول 55 شركة صهيونية تعمل في العراق وتمتص دماء العراقيين؟.. اين التسريبات حول الآثار العراقية التي سرقها عملاء الصهاينة؟.. اين التسريبات حول المئات من عملاء الموساد الذين يعملون في الموصل؟.. اين التسريبات حول منشأة صنع القنابل التابعة للموساد والموجودة في كركوك؟.. اين التسريبات حول تجار السلاح الاسرائيليين الذين يمدون فرق الموت الامريكية في العراق بالسلاح؟.. اين التسريبات حول مجرم الحرب الصهيوني بول وولفويتز الذي استورد خبراء تعذيب من "الشين بيت" الاسرائيلي لتدريب العسكريين الامريكيين في العراق؟.. اين التسريبات حول عملاء الموساد الذين شاركوا في استجواب وتعذيب المعتقلين في السجون العراقية بما في ذلك سجن ابوغريب؟.. اين التسريبات التي تربط الحرب غير الشرعية على العراق باسرائيل مع ان الكل يعلم ان الحرب كان وراءها الصهاينة؟".
الكاتب بعد ان يسوق كل هذه التساؤلات عن الوثائق التي تم نشرها عن افغانستان والعراق يقول: "هذه التسريبات لا وجود لها فيما نشر لأن ويكيليكس ببساطة ليست مهتمة بالكشف عن الحقيقة المرتبطة بالمجرمين الحقيقيين، لكنها مهتمة بتضليل الرأي العام وابعاده عن الحقيقة، وابقائه تحت السيطرة".
اذن، كما نرى هذه التساؤلات الكثيرة التي طرحها عن التسريبات التي لا وجود لها فيما يتعلق بالدور الصهيوني في افغانستان وفي العراق، هي تساؤلات وجيهة ومنطقية تماما.
وبطبيعة الحال، فان تجاهل هذه الوثائق لا يعني انها غير موجودة، بل يعني انه تم تقرير عدم نشرها عن قصد وعمد تامين.
}}}
ليست مصادفة طبعا
اذا كان هذا فيما يتعلق بالتسريبات السابقة عن افغانستان والعراق، فماذا عن التسريبات الاخيرة المتعلقة بالخارجية الامريكية؟
بالطبع، كان الامر الاساسي الذي لفت انظار الكل في العالم، لأنه كان اكبر من ان يخفى على احد، هو ايضا ان هذه الوثائق الاخيرة كسابقتها لا تتضمن أي وثيقة واحدة يمكن ان تكون سلبية بالنسبة إلى الكيان الاسرائيلي، او يمكن ان تتضمن أي معلومة غير معروفة تسيء الى الاسرائيليين، او بمعنى ادق يمكن ان تفضح جرائمهم في العالم والمعروفة على اية حال للقاصي والداني. ولم تتضمن الوثائق أي وثيقة يمكن ان تفجر مثلا فضيحة سياسية لأي مسئول اسرائيلي.
وكما ان تجاهل نشر أي وثائق تتعلق بالدور الصهيوني في افغانستان والعراق لا يمكن ان يكون مصادفة، فان تجاهل نشر أي وثائق من وثائق الخارجية الامريكية تتعلق بالكيان الاسرائيلي لا يمكن ان يكون مصادفة ايضا.
والامر لا يتوقف عند هذا الحد فقط، أي عند حد تجاهل نشر هذه الوثائق. الامر الذي لا يقل اهمية عن هذا هو ان الوثائق التي تم اختيارها للنشر تدعم بوجه خاص الكيان الاسرائيلي ورؤاه واهدافه، وهذا ما سوف نناقشه بعد قليل.
ما هو التفسير اذن ؟.. ما هو تفسير تعمد ويكيليكس حجب الوثائق المتعلقة بالكيان الاسرائيلي؟
التفسير المباشر الذي قدمه كثير جدا من المحللين في العالم ان هناك بالضرورة اتفاقا تم بين الموساد والمسئولين الاسرائيليين وبين القائمين على ويكيليكس على هذا.
صحيفة "هاآرتس" الاسرائيلية نفسها نشرت تصريحات لأحد كبار المحللين الامريكيين ادلى بها للصحيفة وقال فيها ان "هناك اتفاقا سريا تم التوصل اليه بين اسانج والموساد الاسرائيلي يتردد انه تم في جنيف يتضمن تعهد اسانج بعدم نشر أي وثيقة يمكن ان تضر بالأمن الاسرائيلي او مصالح اسرائيل الدبلوماسية".
في الحديث الذي اجرته قناة "الجزيرة" مع اسانج، نفى بالطبع أي اتفاق مسبق مع الموساد.. وهل سيعترف بمثل هذا الاتفاق؟
المهم ان ما قاله بعد ذلك، والذي اراد به تأكيد براءته من هذه التهمة، جاء في حقيقة الامر ليدينه تماما.
قال اسانج ان لديه بالفعل 3700 وثيقة عن اسرائيل وانه سوف ينشرها مستقبلا.
وبالطبع، السؤال الذي لابد ان يثار هنا هو: اذا كان لديه هذه الوثائق عن اسرائيل، فلماذا لم ينشرها اصلا حتى الآن؟.. ما هو السبب او المبرر لتعمد حجب هذه الوثائق بالذات؟
وعلينا ان ننتظر لنرى ان كان سينشر هذه الوثائق ام لا. ليس هذا فحسب، بل لنرى أي وثائق سوف ينشرها بالضبط. اغلب الظن انه سوف ينشر الوثائق التي تخدم الكيان الاسرائيلي اصلا لا تلك التي تدينه.
}}}
من المستفيد؟
كما ذكرت في المقال السابق، فان احد المعايير الاساسية لتقييم عملية ويكيليكس والحكم عليها، تحديد من المستفيد من الوثائق التي تم نشرها.
والامر هنا ببساطة شديدة، وباجماع آراء كل من تابعوا واهتموا بالقضية، ان الكيان الاسرائيلي هو المستفيد الاول والاكبر من عملية ويكيليكس برمتها، ومن الوثائق التي تم نشرها.
الامر ببساطة بعبارة اخرى، ان الرسائل السياسية الاساسية التي تم توجيهها وتأكيدها من خلال نشر الوثائق كلها تصب في اتجاه خدمة الكيان الاسرائيلي ومشروعه واستراتيجيته في المنطقة.
وحين نتحدث عن الرسائل السياسية التي تحملها الوثائق، فلا يعني هذا الرسائل التي يمكن ان يستخلصها أي قارئ لكل الوثائق المنشورة كيفما يرى.
الذي حدث انه ترافق مع نشر الوثائق الاخيرة المتعلقة بالخارجية الامريكية حملة اعلامية، من الواضح طبعا انه تم اعدادها سلفا، هدفها التركيز في وثائق بعينها من دون الاخرى، وتأكيد رسائل سياسية محددة يراد لها ان تصل إلى الرأي العام.
الفكرة الجوهرية في هذه الحملة، التي شاركت فيها كل الصحف الغربية الكبرى التي نشرت الوثائق، ان القارئ لن يذهب على الارجح الى عشرات الآلاف من الوثائق ويقرأ نصها ويستخلص منها ما يشاء، لكنه سيكتفي في الغالب الاعم بالتغطيات الصحفية للوثائق، والقضايا التي تبرزها وتركز فيها.
واذا اردنا ان نلخص الرسائل السياسية التي تم توجيهها عبر هذه الطريقة، فانها تتمثل باختصار شديد فيما يلي:
1 - ان ايران هي الخطر الاكبر الذي يتهدد المنطقة والعالم بسعيها إلى امتلاك السلاح النووي.
2 - ان المسئولين في الدول العربية، يشاركون الكيان الاسرائيلي الرأي فيما يتعلق بالخطر الايراني، وبضرورة مواجهته حتى لو اقتضى الامر شن الحرب على ايران.
3 - بالتالي، فان أي حرب على ايران سوف تكون مبررة ومقبولة.
4 - ويرتبط بكل هذا، ان القضية الفلسطينية ومسألة حل الصراع العربي الاسرائيلي، هي مسألة ليست لها أي اولوية، ولا علاقة لها بجوهر الاخطار التي تتهدد المنطقة، وهي مسألة هامشية لا ينبغي ان تستحوذ على كثير اهتمام.
5 - انه في المحصلة النهائية، فان الكيان الاسرائيلي رؤاه صائبة ازاء قضايا المنطقة، ولا يستحق أي عقاب او عتاب على أي شيء.
كما نرى، كل هذه الرسائل السياسية تخدم اولا واخيرا الكيان الاسرائيلي، بل المشروع الصهيوني في المنطقة، ولا يمكن ان تكون هذه مجرد مصادفة بالطبع.
وكي تكتمل الصورة، كان لافتا جدا انه بعد بدء نشر الوثائق الاخيرة بيوم واحد فقط، ان قال رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو لمحررين اسرائيليين ان اسرائيل لم تتعرض لأي ضرر على الاطلاق من الوثائق التي نشرها ويكيليكس. وفي اليوم نفسه، قال مسئول اسرائيلي كبير آخر: "لقد خرجنا من هذه العملية بصورة جيدة جدا. والوثائق اكدت ان الشرق الاوسط كله مرعوب من امتلاك ايران للسلاح النووي".
كما كان لافتا جدا ان اسانج في حوار اجرته معه مجلة "تايم" الامريكية بعد نشر الوثائق، حرص على الاشادة فقط بنتنياهو. قال اسانج في الحديث ان "نتنياهو ليس رجلا ساذجا، بل هو سياسي محنك، وقد عبر عن موقف ممتاز حين قال ان على قادة العالم ان يتحدثوا في العلن كما يتحدثوا في السر، واعتبر ان نشر هذه التسريبات سوف يعزز فرص السلام في المنطقة وخصوصا فيما يتعلق بايران".
وفي السياق نفسه ايضا نشير إلى ما قاله الكاتب الامريكي لي روجرز في احد مقالاته عندما كتب: "من العجيب والمضحك حقا ان الاغلبية الساحقة من الوثائق التي تم نشرها جاءت لتدعم فقط كل الدعاية الصهيونية خلال العقد الماضي، فهذه الوثائق ببساطة تبرر وتدعم أي حرب على ايران، وهو مشروع صهيوني".
اما الكاتب المعروف الان هارت، فقد وضع القضية على النحو التالي:
"لو افترضنا ان زائرا من الفضاء الخارجي اتى الى الارض، ودرس الوثائق التي نشرت في اول يومين، ما هي النتائج التي سوف يصل اليها؟.. اعتقد انه سوف يقول التالي: الرسالة الاساسية واضحة جدا.. ايران هي اكبر تهديد منفرد للمنطقة بأسرها وللعالم، ليس فقط لأن الاسرائيليين يقولون هذا.. القادة العرب يوافقون معهم. هذه هي الرسالة الاساسية. اما الرسالة الفرعية، فهي انه بعيدا عن القادة العرب، فان قادة الدول الاسلامية الاخرى، وخصوصا في تركيا وباكستان، فانهم ليسوا موضع ثقة".
ويلخص الكاتب ما يريد ان يصل اليه بالقول: "من الذي استفاد من الوثائق التي نشرها ويكيليكس؟.. الاجابة الواضحة هي، دولة اسرائيل الصهيونية".
}}}
.. ومن المتضرر؟
اذا كان تحديد من هو المستفيد الاساسي من نشر الوثائق احد المعايير الاساسية للحكم على عملية ويكيليكس وتقييمها، فان هذا المعيار لا يكتمل الا اذا حددنا بالمقابل، من هو المتضرر الاساسي، او بمعنى ادق من كان المستهدف الاول بنشر الوثائق؟
بداية، لابد ان نشير الى ما تضمنته الوثائق من مواقف وتصريحات منسوبة الى قادة او مسئولين عرب، او من دول العالم الاخرى، لا يضيرهم في شيء ولا يؤخذ عليهم في شيء، بغض النظر عن أي اساءة استخدام او تفسير لهذه المواقف. اسباب ذلك كثيرة.
الكل يعلم انه في المحادثات الدبلوماسية غير المعلنة بين أي مسئولين في العالم، امريكيين او غير امريكيين، تجري بالضرورة احاديث اكثر صراحة ووضوحا من التصريحات المعلنة، ولا جديد في هذا.
الامر الآخر، وقد اشار الى هذا الجانب الشيخ خالد بن احمد وزير خارجية مملكة البحرين في التصريح الذي سبق ان ادلى به، ان هناك فارقا بين ما يجري في المحادثات مع المسئولين الامريكيين، وبين ما يكتبه او ينقله هؤلاء المسئولون عما جرى في المحادثات. وهذا صحيح تماما.
بعبارة اخرى، فانه حين يجري مسئول امريكي محادثات مع مسئول عربي، ثم يكتب تقريرا بعد ذلك عما جرى، فهو بالضرورة يقدم رؤيته هو وتقديره لما جرى وما قيل، وليس بالضرورة بالطبع ان يكون تقديره صائبا او في محله.
وغير هذا، فانه فيما نقل مثلا عن قادة او مسئولين عرب فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني، ليس فيه ما يسيء وليس فيه شيء جديد. حقيقة الامر ان القادة العرب لم يخفوا يوما قلقهم من البرنامج النووي الايراني، وهم يقولون هذا علنا وصراحة حتى للإيرانيين انفسهم.
اذن، من الذي تضرر اساسا من نشر الوثائق؟
وزير خارجية ايطاليا فرانكو فراتيني اجاب عن السؤال باختصار وقال: "الولايات المتحدة هي الضحية الحقيقية لويكيليكس. انه عمل مقصود به ضرب مصداقيتها".
لنلاحظ هنا ان وزير الخارجية الايطالي لم يحدد فقط الولايات المتحدة كالضحية الاولى لعملية ويكيليكس، لكنه يؤكد ان العملية كان مقصودا بها اساسا تحقيق هذا الهدف بالذات.
وهذه هي حقيقة الامر بالفعل.
حقيقة الامر ان عملية ويكيليكس هذه الحقت ضررا هائلا واذى ما بعده اذى للإدارة الامريكية.
بالطبع، كانت هذه ضربة قاصمة للخارجية الامريكية والدبلوماسية الامريكية. ما جرى افقد كل دول العالم الثقة بالمسئولين الامريكيين.
يكفي هنا ان وزارة الخارجية الامريكية قضت الاسابيع الماضية في اتصالات مع المسئولين في مختلف دول العالم، والاعتذار عما جرى.
ويكفي هنا ما رواه بعض كبار المسئولين الامريكيين في الفترة القليلة الماضية من انهم حين اجتمعوا مع بعض المسئولين في دول اخرى، طلب هؤلاء المسئولون اخراج من يسجل المحادثات، وعدم تسجيلها.
غير ان الامر لا يقف عند هذا الحد، هناك ما هو اخطر من هذا بكثير.
الذي حدث بمجرد نشر هذه الوثائق انه تم توجيه ضربة قاصمة لإدارة الرئيس الامريكي اوباما.. ضربة ليست فقط لمصداقيتها، وانما اساسا لكفاءتها واهليتها وقدرتها.
الامر هنا ببساطة ان ما جرى اظهر ادارة اوباما بالعاجزة عن حماية امنها هي نفسها، وعاجزة عن حتى مجرد الحفاظ على وثائقها السرية، فكيف يمكن ان تكون بعد ذلك امينة على امن امريكا عموما؟
لنلاحظ هنا ان دفعات الوثائق التي تم تسريبها عن افغانستان والعراق ثم الوثائق الاخيرة، هي وثائق خرجت من اكبر واهم وزارتين امريكيتين: وزارة الدفاع ووزارة الخارجية.
على العموم، سوف نعود لهذه القضية، قضية لماذا استهداف ادارة اوباما بهذا الشكل في المقال القادم.
}}}
شهادة بريجنسكي
قبل ان انتقل الى تقديم قراءة نهائية لعملية ويكيليكس، وفي اي اطار نضعها بالضبط، ارى من المهم ان اقدم عددا من شهادات المحللين والساسة الامريكيين لعملية ويكيليكس. وهي شهادات تلقي اضواء على بعض الجوانب التي تطرقنا لها بالفعل، وعلى جوانب اخرى.
سأبدأ هذه الشهادات، بالشهادة التي قدمها زبجنيو بريجنسكي، مستشار الامن القومي الامريكي الاسبق في عهد جيمي كارتر، ولا يخفى بالطبع ما لشهادته من اهمية، فهو بحكم تاريخه وموقعه لا يمكن ان يتهم مثلا بتنبي نظريات مؤامرة لا اساس لها او ما شابه ذلك.
شهادة بريجنسكي قدمها في حوار تليفزيوني اجراه معه جودي وودراف من شبكة "سي بي اس"، قال: "القضية الحقيقية هي من الذي يقوم بتغذية ويكيليكس بهذه الوثائق؟.. انهم يحصلون على كثير من المعلومات التي تبدو تافهة وغير ذات اهمية. ولكن بعض هذه الوثائق تبدو محددة جدا ومقصودة تماما. على سبيل المثال، تلك الوثائق التي تشير الى ان القادة الصينيين يريدون توحيد الكوريتين تحت زعامة كوريا الجنوبية.. هذه المعلومة مقصود بها تحديدا تخريب علاقاتنا مع الصين. ومعلومات اخرى واضح انه مقصود بها النيل عمدا من مصداقية القادة العرب".
ومضى بريجنسكي يقول: "السؤال هو، هل ويكيليكس يتم استغلالها من جانب قوى واطراف لها مصالح محددة، وتريد إما تعقيد علاقاتنا مع حكومات اخرى، وإما تريد النيل من بعض الحكومات؟ هذا لأنه كما قلت، فان بعض هذه المواد التي يجرى تأكيدها تبدو محددة جدا ومقصودة تماما.. وانني اتساءل في الحقيقة عما اذا كانت هذه العملية تندرج في اطار عمليات دولية. اعني عما اذا كانت اجهزة مخابرات هي التي تقوم بتزويد ويكيليكس بهذه الوثائق".
واضاف بريجنسكي: "... وغير هذا، فان عملية "زرع" الوثائق امر سهل جدا .. ليس لدي ادنى شك في ان ويكيليكس تحصل على الكثير من المواد من مصادر غير مهمة نسبيا. ولكنها قد تكون تحصل على مواد في الوقت نفسه من جهات مخابراتية لها مصالح محددة وتريد استغلال العملية، وتسعى الى تحقيق اهداف وغايات محددة بعناية شديدة".
هذه هي شهادة بريجنسكي، ولا احسب انها بحاجة الى أي تعليق.
}}}
كما نرى، سواء من حيث انتقاء الوثائق التي يتم نشرها، وسواء من حيث الرسائل السياسية المحددة التي تحملها وتوجهها عن عمد، وبشهادة المحللين، فان كل الطرق تقود الى الكيان الاسرائيلي والى الموساد الاسرائيلي.
في المقال القادم، والاخير باذن الله، سأقدم شهادات اخرى، ثم سأقدم خلاصات تحليلية للعملية برمتها، وفي اي اطار نضعها بالضبط.
المصدر: اخبار الخليج 5/1/2011


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.