الناصرة 'القدس العربي' من زهير أندراوس: رأى د. دوري غولد، المستشار السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ومدير معهد الأورشلمي للشؤون العامة أنّ الاستفتاء الشعبي الذي جرى حول استقلال جنوب السودان يشكل ضربة قاسية لأحد الأنظمة الظلامية في العالم، لافتًا إلى أنّ النظام الإجرامي للجنرال عمر البشير سيضطر ليس فقط إلى التخلي عن سيطرته على نحو ثلث أراضي السودان بل وأيضا عن نصف، وربما أكثر، من مصادر النفط فيه، والتي سيضطر إلى تقاسمها مع جاره الجديد من الجنوب. وبرأيه فإنّ الضربة لحكومة البشير جاءت بحق وليس بصدفة، فمنذ أن صعد إلى الحكم في انقلاب عسكري في العام 1989، شغل البشير جيشه أساسا في أعمال الذبح، في ما حول بلاده إلى إحدى اكبر الدول الداعمة للإرهاب الدولي. وتابع قائلاً في مقالٍ نشره على الموقع الالكتروني للمعهد الذي يديره: مراقبون كثيرون ليسوا على علم تام بحجم دور السودان في الإرهاب الدولي. نقطة الانعطافة في الانتقال الذي قام به السودان إلى دولة مؤيدة للإرهاب وجدت تعبيرها في الحلف السياسي للبشير مع حسن الترابي، زعيم الجبهة الإسلامية الوطنية، الذراع السودانية لمنظمة الإخوان المسلمين. كانت هذه عمليا المرة الأولى التي يصل فيها الإخوان المسلمون إلى الحكم في الشرق الأوسط (المرة الثانية كانت في العام 2006 في الانتخابات للسلطة الفلسطينية، حين صعدت حماس إلى الحكم). ووفقه، فإنّه على مدى السنين شكل السودان ملجأ لمعظم المنظمات الإسلامية المتطرفة، بدءا بالقاعدة وانتهاء بحماس. وساق د.غولد قائلاً: مثلا في نيسان (أبريل) من العام 1991 استضاف السودان مؤتمرا مناهضا لأمريكا فجمع تحت سقف واحد عناصر إسلامية متطرفة بما فيها حماس، الجهاد الإسلامي، مجاهدون أفغانيون وأسامة بن لادن الذي عمل من السودان حتى العام 1996. في المؤتمرات بعد ذلك شارك حزب الله أيضا، زاعما أنه في هذه الفترة فتحت حماس معسكرات تدريب في السودان. مضافًا إلى ذلك، قال غولد، استضاف السودان ليس فقط بن لادن بل عمل أيضا على تعزيز علاقاته مع إيران. ففي العام 1991 وصل الرئيس الايراني علي رفسنجاني في زيارة إلى الخرطوم على رأس وفد كبير، وقدرت وكالات الاستخبارات في الغرب على أنه في هذه الفترة نقلت إيران نحو 2000 من رجال الحرس الثوري إلى السودان. ونبع الاستثمار الإيراني في السودان في قسم من الأمل في تحويل مدينة بورت سودان إلى قاعدة لسلاح البحرية الإيراني في اللحظة التي يصل فيها هذا إلى مستوى يسمح بوجود سفن في البحر الأحمر. إضافة إلى ذلك، قال مستشار نتنياهو السياسي، إنّه في كانون الثاني (يناير) من العام 2009 نقلت إيران إرسالية سلاح بعيد المدى إلى حماس. وحسب مصادر أمريكية، فان طائرات قتالية إسرائيلية دمرت القافلة في السودان. واكتسب السودان صيته السيئ على المستوى الدولي أساسا بسبب دوره في قتل الشعب، فحملات القتل في دارفور والتي بدأت في 2003، اودت بحياة مئات آلاف المواطنين الذين قتلوا على أيدي الميليشيات المدعومة من الحكومة. وزارة الخارجية الأمريكية وصفت القتل في دارفور كقتل شعب، وفي العام 2009 أصدرت المحكمة الدولية أمر اعتقال بحق الرئيس البشير بتهمة قتل شعب. وتابع قائلاً إنّ العناصر التي هرعت لنجدته كانت دول عربية. وفي الأسبوع الأخير أعرب الكثير من الكتاب العرب عن خشيتهم من أن ما يحصل في السودان سيتحول إلى مرض معد سينتشر في العالم العربي ويؤدي إلى تفكيك دول عربية أخرى. وخلص إلى القول إنّه من ناحية إسرائيل، رغم أنه ينبغي التهنئة باستقلال جنوب السودان، فان مزيدا من الانفصال في العالم العربي من شأنه أنْ يضعف قدرتها على التصدي لتآمر إيران، التي ستكون الرابح الأكبر من هذه العملية، على حد قوله.