محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    مقتل البلوغر العراقية الشهيرة أم فهد    محمد وداعة يكتب: المسيرات .. حرب دعائية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    إسقاط مسيرتين فوق سماء مدينة مروي    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    كهرباء السودان: اكتمال الأعمال الخاصة باستيعاب الطاقة الكهربائية من محطة الطاقة الشمسية بمصنع الشمال للأسمنت    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجذور الفكرية للإرهاب


أ.د. الطيب زين العابدين محمد
الإرهاب بمعنى العدوان وترويع الخصم سلوك بشرى قديم عرفته البشرية منذ أن عرفت العصبيات للعشيرة والقبيلة والطائفة والقومية، ولكنه أخذ شكلا ومضمونا جديدا فى النصف الثانى من القرن العشرين. والدوافع التى تقف من خلف الأعمال الإرهابية متعددة، منها النفسية والإجتماعية والدينية والتحريضية والثقافية والسياسي.
ولكننا فى هذه الورقة نتعرض للجذور الفكرية التى تشكل أقوى الدوافع والمسوغات للعمل الإرهابى، وهى تتداخل الى حد ما مع الأسباب الثقافية والسياسية والدينية. وسنتحدث بصورة أكثر تفصيلا عن الجذور الفكرية التى تعتمدها بعض الجماعات الاسلامية التى مارست أعمال العنف والارهاب داخل العالم الاسلامى وخارجه دون أن تكون تلك الأعمال مقاومة لإحتلال أجنبى، وتسببت تلك الأعمال فى وصم المسلمين بأنهم ارهابيين وأن الاسلام نفسه دين ارهابى. وبعض أوراق الندوة تتحدث بصورة مباشرة عن أسباب أخرى للإرهاب مثل دور ثقافة القوة، والأوضاع الإجتماعية، ودور الإعلام والمخابرات فى صناعة الإرهاب.
تعريف الإرهاب:
فشل المجتمع الدولى، وعلى رأسه الأمم المتحدة، فى الإتفاق على تعريف جامع للإرهاب، ويرجع السبب فى ذلك الى الإختلاف حول نقطتين هامتين هما: هل حق الشعوب فى مقاومة الإحتلال يعتبر إرهابا ولو أدى الى اصابة المدنيين؟ وهل يعتبر استعمال الدولة للقوة المسلحة ضد المدنيين من رعاياها أو غيرهم ارهابا؟ تقف الولايات المتحدة الأمريكية فى طرف مقابل لمعظم دول الأمم المتحدة بوصم المقاومة المسلحة ضد الإحتلال ارهابا فى حين تدافع عن ارهاب الدولة ضد المقاومة الشعبية بأنه دفاع عن النفس، وذلك حماية لنفسها ولاسرائيل وحلفائها فى الناتو من عمليات المقاومة الشعبية فى العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان. حاول الأمين العام للأمم المتحدة، كوفى أنان، الإبحار فى منطقة وسطى حين عرف الارهاب بأنه "أى عمل يقصد به تسبيب الموت أو الأذى الجسيم للمدنيين أو غير المحاربين بهدف ترويع السكان أو الضغط على حكومة أو منظمة دولية لعمل شئ ما أو الإمتناع عنه". وحاولت منظمة المؤتمر الاسلامى، التى فشلت فى عدة مؤتمرات من التوصل الى تعريف شامل للارهاب، الى الربط بين الارهاب والعنف الذى يهدف الى القاء الرعب بين الناس مهما كانت بواعثه، وقالت ان الكفاح المسلح ضد الاحتلال لا يعتبر ارهابا، ولكن لا ينبغى للمقاومة أن تتعرض للمدنيين والأبرياء. وأجد نفسى متفقا مع تعريف منظمة المؤتمر الاسلامى ولكنى أزيد عليه، اذا كانت بواعث استعمال العنف المؤذى هو تحقيق اهداف سياسية (وليس الثأر الشخصى أو السرقة أو نحو ذلك)، ويدخل فيه أيضا استعمال الدولة أو أحد مؤسساتها للقوة العسكرية الزائدة ضد الخصم (محاربا كان أو غير محارب) بقصد تخويف الآخرين وردعهم من مواجهة الدولة.
يلاحظ المرء أن أعمال الارهاب التى اشتهرت فى العقود القليلة الماضية هى أعمال مخططة وليست عفوية نتيجة استفزاز مباشر، وأنها من عمل جماعة صغيرة منظمة لها معتقدات دينية أو أيدولوجية أو قومية متشددة، وأنها استهدفت احداث أكبر قدر من الضحايا لتكسب دويا اعلاميا، وأن الهدف من تلك الأعمال هو الضغط على الحكومات أو المؤسسات أو الجماعات للاستجابة لبعض مطالبها السياسية، وأحيانا المادية التى يمكن أن تستغل لأغراض سياسية. ومع نجاح تلك الجماعات فى تنفيذ بعض مخططاتها الارهابية التى تجذب انتباه وسائل الاعلام الا أنها تفشل فى معظم الأحيان فى تحقيق أهدافها السياسية لأن معظم دول العالم ترفض الابتزاز الذى تشكله الأعمال الارهابية فهو يفتح الباب للمزيد من تلك الأعمال. ودلت التجارب البشرية المعاصرة على أن العمل السياسى السلمى أكثر نجاحا فى تحقيق الأهداف السياسية فى المدى الطويل مهما كان النظام القائم استبداديا ويحظر النشاط السياسى المعارض. وينظر العالم بصورة أخف لارهاب الدولة التى تستعمل القوة العسكرية الزائدة فى ارهاب خصومها المحاربين أو المدنيين بحجة شرعية الدولة فى استعمال العنف، ولا يخلو النظر من معايير مزدوجة حسب العلاقة مع تلك الدولة. فالنظرة الى العنف الذى تستعمله اسرائيل ضد المقاومة اللبنانية أو الفلسطينية أو الذى يستعمله الرئيس برويز مشرف ضد المعتصمين بالمسجد الأحمر غير النظرة الى الحكومة السودانية التى تقصف معسكرات المتمردين فى دارفور.
طبيعة الجماعات التى تمارس الارهاب:
نحتاج فى الحديث عن الجذور الفكرية للإرهاب أن نتعرف على طبيعة بعض الجماعات التى توصف بأنها ارهابية على المستوى الدولى حتى لا يصبح الحديث نظريا بحتا بل يلامس الواقع ولو بصورة عشوائية، فنحن لا نعرف كل المنظمات الارهابية فى العالم كما أن تعريف الارهاب محل اختلاف على صعيد الهيئات العالمية. ونختار لهذه العينة العشوائية القائمة التى نشرتها الولايات المتحدة الأمريكية عام 2006م ووصفتها بأنها منظمات ارهابية، وذلك رغم التحيز الذى نعرفه فى تصنيف الولايات المتحدة ضد كل من يحمل السلاح فى وجه سياساتها الامبريالية أو سياسات حلفائها فى الشرق الأوسط وجنوب آسيا. والسبب فى ذلك أن أمريكا هى أكثر دولة معنية بموضوع الارهاب، وتجمع عنه معلومات ودراسات أكثر من دول العالم مجتمعة، وتحدث قوائمها ومعلوماتها بصورة مستمرة، ويميل الاتحاد الأوربى والأمم المتحدة لتبنى القائمة الأمريكية للمنظمات الارهابية فى معظم الأحوال. ولا يعنى هذا الاتفاق مع التصنيف الأمريكى ولكنه مفيد كعينة عشوائية ذات طبيعة عملية نبنى عليها تحليلنا لجذور الارهاب الفكرية.
اشتملت القائمة الأمريكية المذكورة على 87 منظمة ارهابية، منها 44 منظمة نشطة ما زالت تمارس، حسب معلومات الاستخبارات الأمريكية، بعض الأنشطة الارهابية من وقت لآخر. ونحاول فى هذه الفقرة تحديد طبيعة هذه المنظمات النشطة ومعرفة أهدافها من العمل الارهابى.
يمكن تقسيم تلك المنظات الى خمسة أقسام حسب معتقدها وأيدولوجيتها وأهدافها:
1- عشرة من هذه المنظمات اسلامية تحريرية، بمعنى أنها تريد أن تحرر أرضها من دولة أجنبية تظن أنها اغتصبت تلك الأرض بالقوة دون وجه حق. تنحصر تلك المنظمات فى فلسطين وكشمير والعراق وأفغانستان وجنوب الفلبين. وتأمل تلك المنظمات أيضا فى إقامة نظام اسلامى بعد تحرير الأرض، وأن يكون لها نصيب من مسئولية الحكم فى الأرض المحررة.
2- احدى عشرة منظمة اسلامية ثورية ترغب فى تغيير نظام الحكم فى بلدها من نظام علمانى مستبد الى نظام اسلامى يطبق الشريعة الاسلامية. تعمل هذه المنظمات من داخل بلدها أو من خارجها فى الدول الآتية: مصر والجزائر واندونيسيا والمغرب وكردستان العراق وليبيا وأزبكستان وباكستان. كل هذه البلاد تنعدم فيها الديمقراطية أو تمارس فيها ديمقراطية شكلية لا تغير شيئا فى تركيبة الحكم أو منهجه السياسى.
3- احدى عشرة منظمة يسارية تحريرية، تعمل فى: فلسطين واسبانيا وايرلندا الشمالية وسريلانكا وجنوب تركيا، ومثل المنظمات الاسلامية تطمح هذه أيضا فى تأسيس حكم اشتراكى فى أعقاب التحرير.
4- عشرة منظمات يسارية ثورية تريد أن تقيم نظاما شيوعيا أو اشتراكيا بدلا من النظام اليمينى المستبد القائم، وهى تعمل فى: ايران وكولومبيا والفلبين واليونان وتركيا وبيرو. وفى بعض البلاد تعمل أكثر من منظمة ارهابية يسارية واحدة، مما يدل على تعدد الرؤى أو اختلاف القيادات.
5- منظمتان دينيتان تعملان لاصلاح الأوضاع فى بلديهما من خلال أنشطة ارهابية ولكن وفقا لرؤية دينية أصولية متطرفة لا تمثل الا أقلية صغيرة فى المجتمع، وهما تعملان فى اسرائيل وفى اليابان تحت أنظمة ديمقراطية تمنحهما حق العمل السياسى السلمى.
وبتحليل أوضاع هذه الجماعات التى تمارس أعمالا ارهابية نلاحظ الآتى:
أ‌- أن نصف هذه الجماعات تعمل لتحرير أوطانها من دولة تظن أنها اغتصبت أرضها قهرا، وأن معظم هذه الدول ديكتاتورية أو شبه ديكتاتورية، وبالنسبة للدول القليلة التى تتمتع بنظام ديمقراطى معقول (اسبانيا وايرلندا الشمالية والفلبين) فان المعادلة السكانية تجعل تحرير الأقليات فى اقليمها مستحيلا بالأساليب الديمقراطية الانتخابية، بل يصعب عليها مجرد المشاركة فى الحكم.
ب‌- وفى حالة هدف التغيير الثورى فان المنظمات اليسارية تعمل تحت أنظمة يمينية محافظة تسير فى ركاب الولايات المتحدة، ولكن أكثر من نصف هذه البلاد يتمتع بقدر معقول من الحريات الديمقراطية مثل الفلبين واليونان وبيرو وكولومبيا. ولا تحظى المنظمات اليسارية فى بلادها بتأييد جماهيرى يغريها بالمشاركة فى النظام السياسى القائم، كما أن هناك قوى يسارية معتدلة غيرها تشارك فى الوضع الديمقراطى وتجد سندا شعبيا أكبر، مما يسد الطريق على المجموعات الراديكالية الصغيرة، ولكن تلك القوى اليسارية المعتدلة لم تتمكن من تغيير سياسات البلد الاقتصادية لمصلحة الطبقات الفقيرة.
ت‌- أما فى حالة المنظمات الاسلامية الثورية فهى جميعا تعمل فى بلاد غالبية أهلها من المسلمين، ولكن النظام فيها علمانى وان تبنى دستوره بعض المواد الاسلامية مثل العمل "بمبادئ الشريعة الاسلامية" أو أن "الاسلام هو دين الدولة"، وهى أنظمة فى معظمها ديكتاتورية أو شبه ديكتاتورية وتمنع قيام أحزاب اسلامية فى حين تسمح لأحزاب يسارية أو شيوعية بالعمل السياسى. ويتمتع الاتجاه الاسلامى بمكوناته المختلفة فى هذه البلاد بتعاطف جماهيرى مقدر رغم تضييق الدولة عليه.
ث‌- عدا ثلاث منظمات اسلامية ذات أنشطة دولية أو اقليمية فان كل المنظمات الأخرى، اسلامية ويسارية، تعمل من أجل التحرير أو التغيير الراديكالى فى موطنها الأصلى من داخل ذلك البلد أو من دولة مجاورة تتعاطف مع تلك المنظمات و تختلف مع حكومات دولها. هذا يعنى أن معظم المنظمات ذات أهداف قومية، سواء كان فى مجال التحرير أو التغيير الراديكالى، تتصل مباشرة بالأوضاع فى بلدها وليست ذات توجه عالمى.
ج‌- نلاحظ أن عدد المنظمات التى تعمل فى دول اسلامية يبلغ 29 منظمة والتى تعمل خارج العالم الاسلامى 15 منظمة، أى أن ثلثى هذه المنظمات المسلحة توجد فى دول مسلمة مع أن العالم الاسلامى لا يساوى أكثر من ربع دول العالم.
ح‌- يبدو من هذا التحليل أن انهاء الاحتلال للأراضى المستعمرة، ومنح الحكم الذاتى للأقليات المتميزة، وبسط الحريات واتباع النظام الديمقراطى التعددى يعالج معظم المشكلات التى تتسبب فى نشأة المنظمات الارهابية.
الجذور الفكرية العامة:
بالنسبة لمنظمات التحرر الوطنى فان استعمال مصطلح الإرهاب يصبح غير مناسب لأن المواثيق الدولية والتجربة البشرية الحديثة، منذ نشؤ الدولة القومية المعاصرة، قبلت حق استعمال العنف فى تحرير الأرض المستعمرة بواسطة دولة أجنبية. وبما أن التصنيف الأمريكى متحيز فهو يصف هذه المنظات بأنها ارهابية ان كانت تعمل ضد أمريكا أو أحد حلفائها، مثل تصنيفها لكل المنظمات الفلسطينية ولحزب الله التى تتخذ أسلوب العمل المسلح فى المقاومة الشعبية وحزب العمال الكردستانى الذى يعمل فى تركيا، ولكنها لا تصنف المنظمات التى تمارس العنف ضد دول معادية لها مثل الاتحاد السوفيتى سابقا وأفغانستان سابقا وكوبا وكمبوديا فى عهد الخمير روج وغيرها من دول أمريكا الجنوبية بأنها ارهابية. ومع ذلك ينبغى التحدث عن الجذور الفكرية التى تدفع ببعض الجماعات والتنظيمات الوطنية الى العمل المسلح ضد الدولة المحتلة أو المهيمنة على اقليم له خصوصية قومية أو دينية دون اعتبار لحقوق أهل ذلك الاقليم، مثل ما هى الحال فى اقليم الباسك باسبانيا وجزر الفلبين الجنوبية والأكراد فى تركيا والشيشان فى روسيا، ولو أدى ذلك الى قتل المدنيين أو الاضرار بهم.
1- لعل أهم الجذور الفكرية لدى هذه الجماعات هو قوة العصبية القومية فى حالة الدول المحتلة أو قوة العصبية العرقية أو الدينية لأقلية تسكن فى اقليم متميز داخل الدولة المهيمنة. وتربط الجماعة بين هذه العصبية وبين كرامة الوطن أو الاقليم الذى يعيشون فيه، كأنما استمرار الاحتلال أو هيمنة الأغلبية تعنى مهانة قومية أو دينية أفضل منها الموت. فالكاثوليك فى ايرلندا الشمالية (ثلث السكان) يرفضون هيمنة البروتستانت (ثلثى السكان) الذين جاءوا من بريطانيا قبل أكثر من مئة وخمسون سنة، بالرغم من أن تبعيتهم الى المملكة المتحدة تعطيهم مستوى معيشة أفضل من وضع جمهورية ايرلندا التى يريدون الانضمام اليها، كما أنهم يتمتعون بنظام ديمقراطى مستقر. فالكرامة القومية والخصوصية الدينية جعلت الجيش الجمهورى الايرلندى يحمل السلاح ضد المملكة المتحدة ويتورط فى أعمال ارهابية ضد المدنيين فى ايرلندا الشمالية وفى المدن البريطانية. وعادة ما تشعر القومية المستعمرة أو الأقلية المضطهدة بأنها أعلى شرفا وعقيدة من الدولة التى تستعمرها أو تهيمن عليها.
2- الشعور بالغبن والظلم الفادح جراء حكمهم بواسطة دولة أو قومية أو أتباع ديانة مختلفة، خاصة اذا كان الاقليم مهمشا من ناحية خدمية وتنموية ولا يتمتع بحكم ذاتى يشرك أهل البلد الأصليين.
3- الشعور بالإحباط واليأس من أن الأوضاع لا يمكن أن تتغير بوسيلة سلمية، لأن الدولة المحتلة أو القومية المهيمنة مصرة على استمرار الأحوال كما هى ولو بالقوة المسلحة، وخاصة اذا كان البلد المستعمر أو الأقلية المضطهدة لا تتمتع بحقوق ديمقراطية كما هى الحال فى الشيشان وأكراد العراق وعرب ايران. والشعور بالإحباط والياس هو من أهم عوامل اللجوء الى العنف كما يقول علماء النفس.
4- الشعور القوى بأن الجماعة على حق فى حربها التحررية ضد العدو بحكم المواثيق الدولية وتجارب البشرية والتراث الثقافى والدينى لتلك الجماعة، وأنها صاحبة قضية عادلة أوضح من الشمس لا ينكرها الا متواطؤ مع العدو أو جاهل لا يعرف شيئا. وأن العدو المغتصب لا يملك مثقال ذرة من شرعية فى احتلاله أو هيمنته، وأنه مجرم شرير لا يتوانى عن ارتكاب أبشع الجرائم ضد النساء والأطفال والشيوخ من القوميات والأقليات الأخرى. فمثل ما أن الجماعة تمثل الحق المطلق يمثل العدو الشر المطلق، فهو شيطان فى هيئة انسان ويستحق كل مصيبة تنزل عليه. وتكاد دعاية المنظمة التحريرية دفاعا عن أنشطتها المسلحة تقتصر على كشف الظلم الواقع على قومها وممارسات العدو البشعة ضدهم واستعماله للقوة المفرطة فى مواجهتهم، ومن ثم حق لها الدفاع المشروع عن نفسها ومواطنيها وبلدها.
5- الإعتقاد بأن للحرية ثمن غال ينبغى أن يدفع هو ماتبرر به جماعات العنف المسلح أعمالها، وما يصيب المدنيين من ضرر جراء تلك الأعمال سواء كان أولئك المدنيون من قومية الجماعة المحاربة أو كانوا من قومية العدو. فالفئة الأولى ينبغى أن تسهم فى عملية التحرير وهى لم تفعل ما فيه الكفاية لنصرة قضيتها العادلة، والفئة الثانية مستفيدة من الاحتلال والاضطهاد على أهل الأرض الأصليين وهى فى معظمها تؤيد الحكومة الظالمة. وعلى أسوأ تقدير فلكل حرب تداعياتها على المدنيين، وحرب التحرير ليست نشازا. وتقنع الجماعة نفسها بأنها لا تستطيع دائما مهاجمة القوة العسكرية للعدو بحكم تحصن تلك القوة والامكانات الضعيفة للجماعة، ولذا فمن حقها مهاجمة الممتلكات والمؤسسات والتجمعات المدنية حتى ينزف العدو دوما ولا يذوق طعم الراحة أبدا، طالما هو يعتدى على حقوق شعب بأكمله.
6- ايمان جماعات العنف المسلح بأن النصر حليفها فى نهاية الأمر مهما كان الفارق كبيرا فى العدة والعتاد بينها وبين الخصم الذى تحاربه، لأنها صاحبة قضية عادلة، ولأنها تمتلك من الشجاعة والإصرار ما يجعلها تواصل الكفاح المسلح الى نهاية الشوط مهما كلفها ذلك من تضحيات.
7- الإعتقاد بأن دماء الشهداء الذين قضوا نحبهم فى حرب التحرير تعنى مواصلة الحرب الى ما لا نهاية حتى يتحقق الهدف الذى من أجله بدأت، والا فان تلك الأرواح الطاهرة تكون قد ذهبت هدرا. ولعل هذه أقوى حجة تستعمل فى استمرار الحرب ولو تبين أن المواجهة المسلحة لن تؤدى الى النتيجة المطلوبة، أو أن ثمن استمرارها سيكون باهظا جدا بالنسبة للجماعة وللقومية التى تدافع عنها، وأن من الأفضل للجماعة المحاربة أن تصل الى تسوية سلمية مع الحكومة التى تحاربها. وعادة ما تحدث انشقاقات داخل الجماعة اذا قرر فصيل منهها بأن الوقت قد حان الى الوصول الى تسوية سياسية مع الحكومة المحتلة أو المهيمنة.
وبالنسبة لمنظمات التغيير الراديكالى فان احدى عشر منها اسلامية واثنان دينيتان (يهودية وبوذية) وعشر شيوعية أو يسارية متطرفة. وتشترك هذه فى عدد من الجذور الفكرية التى تتصف بها المنظمات التحريرية، ونركز فيما يلى على القناعات الفكرية التى تختص بها جماعات التغيير الثورى.
1- أهم هذه القناعات هو العقيدة الأيدولوجية للجماعة سواء كان مصدرها دينيا، كما هو الوضع بالنسبة لثلاثة عشر منظمة ( 11 اسلامية وواحدة يهودية وواحدة بوذية)، أو فكرا ماركسيا كما هو الحال بالنسبة لعشر منظمات علمانية، ليس هناك نموذج واحد لمنظمة ليبرالية أو رأسمالية صنفت فى القائمة الأمريكية بأنها ارهابية. وتعتقد الجماعة المعنية بأن أيدولوجيتها الفكرية أو عقيدتها الدينية التى تؤمن بها هى الحق المطلق، وهى المذهب الوحيد الذى سيحقق "مدينة فاضلة" فى بلدها تقوم على العدل الاجتماعى والسيادة الوطنية وتؤسس لنهضة حضارية شاملة.
2- تبرير الثورة المسلحة ضد الأنظمة الظالمة أو الكافرة ينبع من داخل أيدولوجية المنظمة الراديكالية، ففى حالة الجماعة الدينية يكون الايمان بأن تطبيق عقيدتها على الواقع واجب دينى يجب القيام به ارضاءً للرب وخلاصا للنفس فى الحياة الأخرى. وسنتعرض فيما بعد بتفصيل لهذه النقطة فى أدبيات الجماعات الاسلامية التى تعمل فى العالم الاسلامى. وبالنسبة للحركات الشيوعية واليسارية المتطرفة، فان الثورة بالعنف المسلح على النظام الاقطاعى أو الرأسمالى جزء أصيل فى النظرية يحدد وسيلة التغيير التغيير الإجتماعى، أما الأساليب الديمقراطية الانتخابية فتعتبر عندهم وسيلة برجوازية تضفى شرعية كاذبة على نظام يتسم بالاستغلال، ويكبت الطبقة العاملة ويسرق حصيلة انتاجها لمصلحة الأقلية الرأسمالية الطفيلية.
3- اتهام النظام القائم بأنه استبدادى وقمعى وظالم، ولا يقبل بحال تغيير منهجه اللادينى وظلمه للطبقات الفقيرة، واستعداده لاستعمال القوة الباطشة من أجل حراسة الطبقة الحاكمة التى تربط نفسها بتحالفات خارجية ومصالح أجنبية على حساب مصلحة البلد وسيادته. وتعيش معظم الحركات الاسلامية التى تمارس العنف المسلح تحت أنظمة قهرية ديكتاتورية تحرم النشاط السياسى الاسلامى بحجة فصل الدين عن الدولة، والحفاظ على الوحدة الوطنية فى بلد متعدد الأديان والثقافات.
4- وتتفق حركات التغيير الراديكالى مع حركات التحرر الوطنى فى الأفكار التالية: الشعور بالإحباط واليأس من إمكانية التغيير السلمى، أنهم على حق كامل والنظام القائم على باطل، وأن النصر لا محالة حليفهم وأن أغلبية الشعب المخدوع أو الخائف ستقف معهم عند حدوث التغيير، وتعتمد الجماعات الاسلامية على وعد من الله بالنصر، وأن الجهاد والكفاح ينبغى أن يستمر مهما طالت المدة وفاءً لدماء الشهداء الذين قضوا نحبهم من أجل التغيير والإصلاح.
الجذور الفكرية للجماعات الاسلامية:
سيكون حديثنا عن الجماعات الاسلامية أكثر تفصيلا لأنها مما يلينا فى قضية "الارهاب" فهى تعمل فى معظم الحالات داخل دول العالم الاسلامى، وقد جرت تهمة "الارهاب" على الإسلام والمسلمين، واستطاع الإعلام الغربى والصهيونى المهيمن أن يعزز إلصاق التهمة باختيار انتقائى للجماعات الاسلامية، ومبالغات فجة، وتكرار متعمد، وتنسيق عالمى.
وبما أن الجماعات الاسلامية تدرك خطورة المسئولية الدينية الكبيرة فى قتل النفس البشرية التى هى قتل للناس جميعا وفى الإعتداء على الأبرياء من الناس، فانها بذلت جهدا فكريا وفقهيا مقدرا لتبرر أعمال العنف التى ارتكبتها. ونأخذ نموذجا لهذه الجماعات "تنظيم الجهاد" المصرى الذى نشط من سنة 1979 الى سنة 1981 وهو الذى دبر مقتل الرئيس السادات؛ وتنظيم "الجماعة الاسلامية" المصرى والذى نشأ فى 1969 ونشط فى أعمال العنف حتى منتصف التسعينيات؛ وجماعة المسلمين (التكفير والهجرة) التى أسسها شكرى مصطفى عام 1969 من داخل السجن، وهى من أشد الجماعات تطرفا فكريا. والسبب فى اختيار هذه الجماعات أنها تمثل أهم التيارات التى مارست العنف، وأن الجماعات الأخرى بما فيها تنظيم القاعدة تبعت أفكارها، وأنها انتجت فكرا وفقها متماسكا تبرر به أعمالها. أهم المؤلفات التى صدرت من هذه الجماعات هى:
رسالة الإيمان للدكتور صالح سرية الذى أعدم عام 1974 بعد عملية الكلية الفنية العسكرية؛ الفريضة الغائبة لمحمد عبد السلام فرج الذى شارك فى التخطيط لمقتل السادات وحكم عليه بالإعدام فى 1981؛ كراسات لشكرى مصطفى الذى شارك فى خطف وقتل وزير الأوقاف محمد حسين الذهبى عام 1977 وأعدم مع أربعة آخرين فى عام 1978؛ منهج جماعة الجهاد لعبود الزمر الذى أصبح زعيم جماعة الجهاد بعد اعدام عبد السلام فرج وزملائه فى اغتيال السادات؛ ميثاق العمل الاسلامى الذى ألفه ناجح ابراهيم فى 1984، وهو يعتبر فقيه الجماعة الاسلامية التى اغتالت رفعت المحجوب وحاولت اغتيال عدد من الوزراء والمسئولين وقتلت العشرات من ضباط البوليس والسواح، وهو ذات الشخص الذى قاد فيما بعد عملية تصحيح المفاهيم من داخل السجن والتى أدت الى وقف نشاط الجماعة فى عام 1997 من طرف واحد؛ وكتاب حتمية المواجهة التى أصدرته الجماعة الاسلامية.
يمكن تلخيص الأفكار الأساسية التى اعتمدت عليها الجماعات الاسلامية، مع بعض الاختلافات بينها، فى الآتى:
1- اعتبار الدولة التى يقيمون فيها ليست "دار سلم" لأنها لا تقيم أحكام الإسلام، ومن ثم جاز الحكم بتكفير تلك الدولة وحكامها قياسا على فتوى شيخ الاسلام ابن تيمية (1263-1328م) حين سئل عن حال مدينة "ماردين" فى شمال العراق، التى استولى عليها التتار وطبقوا فيها قوانين خليط من "ياسة" جنكيزخان وشرائع اليهودية والنصرانية والإسلام. فقال إنها ليست بدار حرب بإطلاق ولا دار سلم بإطلاق، إنها مركب فيها المعنيان، فهى قسم ثالث يعامل فيها المسلم بما يستحق ويعامل فيها الخارج عن شريعة الاسلام بما يستحقه. وكفر الدولة فى البلاد الاسلامية مثل مصر لا يعتبر أصليا موروثا لأنها كانت من قبل جزءا من دار الإسلام، لكنها "ارتدت" عنه عندما قبلت أحكام الكفر والكفار مثل ياسة التتار، مع ان أغلب أهلها مسلمين. وهذا يجعل حكام هذه البلاد فى مرتبة كفرية أشد من مرتبة الكفار الأصليين لأن عقوبة المرتد أشد من عقوبة الكافر الأصلى. وتذهب جماعة التكفير والهجرة، التى عذب أفرادها ببشاعة داخل السجون، الى مدى أبعد فتقول بتكفير المجتمع كله الذى رضى وقبل الإستكانة لهذه الدولة الكافرة ولهؤلاء الحكام المرتدين، بل ان بعضهم كفر آباءهم وأمهاتهم واخوانهم لسكوتهم عما يجرى لهم. وقوى هذا الاتجاه عند الشباب كتابات الأستاذ سيد قطب عن "الجاهلية" و "الحاكمية" و "العزلة الشعورية". كانوا يقولون "بالتوقف والتبين"، أى يتوقفوا فى تكفير الأفراد حتى يعرضوا عليهم فكرهم فاذا قبلوه كانوا مسلمين واذا رفضوه صاروا كافرين، مما يجعلهم قريبين من منهج الخوارج فى صدر الاسلام. وقد رد المستشار حسن الهضيبى، المراقب العام للاخوان المسلمين، على فكر هؤلاء الشباب الذين خرجوا من عباءة جماعته فى كتاب "دعاة لا قضاة" والذى أعاد عددا كبيرا منهم عدا شكرى وقلة من أتباعه.
2- الخروج على هؤلاء الحكام الذين ارتدوا عن الاسلام بالبدع وبتغيير الشرع وتعطيل أحكامه واجب دينى، لأنهم لم يعد لهم على المسلمين حق السمع ولا واجب الطاعة، فقد علق الرسول (ص) السمع والطاعة ب "ألا تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان". ويستشهدون بقول القاضى عياض (1083-1149م): "لو طرأ على الحاكم كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه". ولما كان خلع حكام يملكون القوة ويؤسسون عليها حكومتهم ويفرضون بها استبدادهم، لا يمكن أن يحدث بغير "العنف الثورى"، فلا سبيل سواه لخلع هؤلاء الحكام، ولا شك فى أن طواغيت هذه الأرض لن تزول الا بقوة السيف.
3- إقامة الدولة الإسلامية فرض دينى وواجب اسلامى بالنسبة لكل الجماعات الاسلامية، بمختلف تياراتها، لأن الله فرض فرائض وأوجب أحكاما يستحيل إقامتها فى غيبة الدولة الاسلامية، والقرآن صريح فى مخاطبة الرسول (ص) "وأن احكم بينهم بما أنزل الله"، ويقول "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون". وبما أن أحكام الله فرض على المسلمين فكذلك إقامة الدولة الاسلامية فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، واذا كانت الدولة لا تقوم إلا بقتال فوجب على المسلمين القتال. وإقامة الدولة هى السبيل الى إقامة فرض الخلافة الإسلامية التى تجمع شمل المسلمين من جديد، وعلى كل مسلم السعى لإعادة الخلافة حتى لا يقع تحت طائلة الحديث "ومن مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية".
4- الشعور بحتمية النصر حسب "البشارة النبوية" الذى وعد أمته أن يبلغ ملكها المشرق والمغرب وبعموم دينها الى حيث يعم المشرق والمغرب، وتزكى البشارة روح الجهاد لتحقيق الهدف، الذى ان صعب فليس بمستحيل لأنه وعد صادق من النبى (ص): "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا دخله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز به الله الاسلام وذلا يذل به الكفر".
5- واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذى ورد فى الآيات والأحاديث، تستشهد به الجماعات الجهادية كثيرا لأنه يجوز تغيير المنكر باليد مما يعنى عندهم الخروج على الدولة ومناجزة الحكام حتى يتم تغيير المنكر وفرض المعروف.
6- وترد الجماعات الاسلامية على الإعتراضات التى تذكرهم بالآيات القرآنية الكثيرة التى تتحدث عن "الصفح" و "العفو" و "الاعراض" و "عدم الإكراه" بأنها نسخت بآية السيف "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم"، ويعيبون على الامام السيوطى (1445-1505م) أنه رفض القول بنسخ تلك الآيات، ويرون فيه تعطيلا لسنتى الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر.
خاتمة:
من التطورات الايجابية التى حدثت عقب أحداث العنف التى وقعت فى السبعينيات والثمانينيات ومنتصف التسعينيات هو المؤلفات العديدة التى صدرت ترد على فقه جماعات العنف الاسلامى مثل: دعاة لا قضاة للأستاذ حسن الهضيبى (1977)؛ الاسلام والعنف للشيخ يوسف القرضاوى (2005)؛ الفريضة الغائبة للدكتور محمد عمارة (1983)؛ التطرف والإرهاب لسالم البهنساوى (2004)؛ الدولة والحركات الاسلامية المعاصرة للدكتورة هالة مصطفى (1996)؛ احقاق الحق لفهمى هويدى (1999)؛ وسلسلة تصحيح المفاهيم التى بدأت تصدر منذ 2002 الى العام الحالى، وقد صدر منها حوالى 16 كتابا قام بتأليفها ثلة من قادة الجماعة الفكريين مثل: ناجح عبد الله وأسامة ابراهيم وكرم زهدى وعلى محمد الشريف وحمدى عبد الرحمن وعاصم عبد الماجد ومحمد عصام الدين. وكان لهذه الكتابات أثر كبير فى رجوع معظم أعضاء الجماعة عن مواقفهم المتشددة الأولى ووقف نشاطاتهم بصورة كاملة.
ومرة ثانية ان محاربة الارهاب الذى يعتمد على جذور فكرية عميقة وعلى أوضاع اجتماعية ظالمة لا يكون باستعمال القوة وارهاب الدولة، انما ينبغى أن يؤسس على انهاء أسبابه وهى: احتلال أرض الغير بالقوة، الفساد والظلم الاجتماعى، الاستبداد والديكتاتورية السياسية.
مصادر البحث
1- محمد عمارة، الفريضة الغائبة: عرض وحوار وتقييم (دار الوحدة، بيروت، 1983).
2- أبو العلا ماضى وآخرون، الإرهاب: جذوره-أنواعه-سبل علاجه (مؤسسة الفرقان للتراث الاسلامى، جدة، 2005).
3- سلوى محمد العوا، الجماعة الاسلامية المسلحة فى مصر (مكتبة الشروق الدولية، القاهرة،2006).
4- يوسف القرضاوى، الاسلام والعنف: نظرات تأصيلية (دار الشروق، القاهرة، 2005).
5- سلسلسلة تصحيح المفاهيم، ناجح ابراهيم عبد الله وآخرون (مكتبة التراث الاسلامى ومكتبة العبيكان، القاهرة والرياض، 2002-2007).
6- موقع الأمم المتحدة فى الانترنت (موضوع الارهاب).
7- موقع منظمة المؤتمر الاسلامى (موضوع الارهاب).
8- مادة المنظمات الارهابية فى شبكة المعلومات العالمية (القائمة الأمريكية).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.