وفي المقابل من هم خير البر؟ فالجواب القاطع الحاسم الذي ليس فيه أدنى ريب أو شك هو ألايمان وما يثمره من ععمل صالح ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) سورة البينة: 7 . ولكن هذه الخيرية ليست إدعاء وليست تمني ، إنما ينبغى أن تترجم خيرية الأسلام وحقه وقوته وعدله ورحمته وصلاحه وسلامه وأمنه إلى واقع ينقذ البشرية اليوم كما أنقذها من قبل . كانت البشرية في عصر بعثة النبى محمد صلى الله عليه وسلم ، غارقة في الظلمات والضلالت والجهالات ، وملأ الكفر والشر الأرض من بلاد العرب والعجم . وصارت الديانات العظيمة من يهودية ونصرانية مسخا مشوها من التحريفات حتى فقدت حقيقتها وروحها وشكلها ، وصارت الحضارات والثقافات العظيمة مفلسة نتيجة الفوضى والانحلال والاختلال في الفكر والأخلاق والسياسة , ولم يكن للبشرية حينئذ من خلاص أو فكاك إلا برسالة جديدة تأتى بالحق الواضح البين . قال تعالي في سورة البينة (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) . فكان الإسلام وكان هذا الرسول صلوات الله وسلامه عليه هو فاتحة تحول جدييد في تارخ البشرية . كان الإسلام وكان هذا الرسول وما يتلوم من قرآن وما فيه من صدق وعدل واستقامة ، كان ذلك وحده هو المنقد وهو الخلص والهادي للبشرية مماهي فيه من الشر والكفر والفساد . وما أشبة الليلة بالبارحة وما أشبه اليوم بالأمس . فعالم اليوم امتلأ بالكفر و بالشر وبالظلم وبالفساد ، فينبغى على المسلمين أن يتيقنوا أن لا فكال لهذا العالم من الفوضى والافلاس والانحلال والاختلال في الفكر والاخلاق والسياسة إلا بالإسلام ، إلا بالبينة والصحف المطهرة الكتب القيمة اتى جاء بها رسول الله صلوات الله وسلامه عليه . إن صلاح هذا العالم ليس بالغرب ولا بحضارته ولا بتقافته التى أفلست وعجزت حتى عن إصلاح مجتمعاتها فكيف لها بإصلاح العالم . ثم يقول الله تعالى: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ). هذه الأية تشير إلى موضع الداء الفتاك والمرض العضال الذي أصاب الديانات السابقة . ففي مطلع بعتة النبى صلى الله عليه وسلم كانت الفرقة والبغضاء والشتات سائدة بين اليهود والنصارى بين الديانتين من ناحية وبين طوائف كل ديانة على حدة . وكانت الحروب تفتك بالفريقين . فقد استنجد اليعود بكسرى ملك فارس على النصارى فدخل أولئك بيت المقدش والشام ومصر وعاثوا فيه فسادا وقتلوا النصارى وحرقوهم ونكلوا بهم أشد تنكيل ، ثم دارت الدائرة على اليهود حين ملك هرقل الروم فأقبل بجيوشه على مصر والشام وقتل اليهود وشردهم وسباهم وأبادهم , وما أشبه حال المسلمين اليوم وما هم فيه من الشتات والفرقة بحال أهل الكتاب تحقيقا لنبوءة النبى صلى الله عليه وسلم حين قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم). قلنا : يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال : (فمن). فالمسلمون اليوم ما نعق ناعق في الغرب أو صاح صائح إلا اتبعوه وقلدوه وجعلوا خرافاته قرآنا وسنة ، وفهذا تفرقنا وتشتتنا ، وما هذا الدمار والخراب والتقتيل وسفك الدماء والتشريد والنفى في الأرض الذي يقوم به كسرى وهرقل العصر الحاضر على ديار المسلمين إلا بسبب فرقة المسلمين وشتاتهم وعمالة بعضهم لاعدائهم . ثم يقول الله تعالى: ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) فالإسلام هو دين القيمة ، دين الوسطية والاعتدال والعدل والانصاف ، وتجمل الآية أمم معالمه من عبادة الله عز وجل وهى غاية الخضوع والتذلل والطاعة لله عز وجل والإخلاص وهو النية الصالحة وقصد الله عز وجل وحده بالعمل الصالح ، والحينفية وهى الميل عن كل فكر ومبدأ ومذهب إلا الإسلام ، وإقامة الشعائر من صلاة وزكاة . هذا هو الإسلام الحق والدين الحق وليس دين الاختلافات والجهالت والانحرافات التى ورثناها من قديم أو نقلناها من الغرب .