بسم الله الرحمن الرحيم ومن يأبي أن يعود السودان إلي سيرته الأولي؟ أخيرا..!! أدركت بعض القيادات العسكرية المحسوبة علي المؤتمر الوطني ، وفي وقت متأخر جدا ، أنهم كانوا يسيرون عكس تيار العقل والمنطق والدين ، بعدما رأوا بأم أعينهم ، وهم الحكام ، لا غيرهم ، حجم الكوارث التي نجمت عن سوء سياسات حزبهم لفترة إمتدت لإكثر من أربعة وعشرين عاما ، تراجعت البلاد فيها كثيرا ، ليس صناعيا أو زراعيا أوإنتاجيا فحسب ، وإنما أيضا علميا وأخلاقيا وإجتماعيا وتدهورت صحيا . ماذا بقي إذن وقد صنفنا علي مستوي التقييم العالمي كدولة فاشلة ؟!. في مطلع السبعينات ( 72 تحديدا) شارك وفد السودان في فاعليات مهرجان الشباب العربي الأول بالجزائر ، ممثلا في كل المناشط الرياضية والثقافية والأدبية والفنية وعاد حاصدا معظم الجوائز تقريبا ، وحسبنا في ذلك الوقت أن السودان يمضي قدما ، متخطيا دولا كثيرا في محيطيه العربي والأفريقي . وبما أنني كنت عضوا مشاركا في هذا الوفد ( المسرح) فإنني أشهد جازما أنه لم يكن يجمع أعضاء وفدنا إلا حب هذا الوطن ، ولم نكن نفكر حتي في نسأل بعضنا : من أي قبيلة انت ؟ ولكن شغلنا هدف واحد وهو : كيف ننافس الآخريين ونرفع إسم وطننا هذا عاليا ؟. لم يكن السودان يوما بلدا " إفتراضيا " كما هو الآن وإنما كان واقعا معاشا يشهد عليه التاريخ والآن ، يوثق نفس التاريخ ، بالشواهد والأدلة الدامغة أنه أصبح بلدا فاسدا بكل ما للكلمة من معني وكان السبب المباشر هو سوء إدارة الحكم وتوزع القرار بين أكثر من جهة نافذة ، منها من يمسك بزمام القتصاد والسوق والحركة الإسلامية ومنها من يمسك بزمام " التنظيم" وإتسمت هذه القرارات طوال الفترة الماضية بالتضارب والتناقض ولم يجمعها إلا بينة واحدة وهي : الإستمرار في تدمير الوطن. لم يكن القرار في أيدي هؤلاء وحدهم ، فقد كانت الأجندات ذات المصالح الخفية للقوي الإقليمية والدولية تعبث أيضا بمستقبل ومصير هذا الوطن مقابل المنح والقروض وربما الحماية من المساءلة ، وكان لها بالطبع ، ولا زالت ، حلفاء داخل الحزب الحاكم وخارجه بأتمرون بأمرها. ولأن القوي الصهيونية لا تستطيع التدخل بشكل مباشر في السودان ، فإن عملائها من الماسونيين قد لعبوا دورا كبيرا في تدمير أركان الدولة السودانية ومقوماتها من جهة وتدمير المواطن من جهة أخري بإشاعة وتسهيل كل الفواحش والموبقات . وبما أن معظمنا يعرف تلك الأدوات التي يستخدمها هؤلاء لتدمير بلد ما ، فهي وللأسف ، مطبقة كلها الآن في بلدنا هذا ، ولم يبقي للتأكيد علي ذلك إلا الإثبات بالدليل والبرهان. يمكن أن نخلص أن هناك من أعضاء الحزب الحاكم من عملوا في هذا الإتجاه وسعوا إلي تدمير هذا البلد ، إذ ، لا يعقل ، مهما كانت الظروف أو الإنتماءات والتوجهات السياسية وخلافاتها ، أو حتي الدينية ، أن يسعي مواطن صحيح العقل إلي تدمير بيته ، الذي هو وطنه في الأساس ، والإستثناءات الوحيدة هو ، إما أن يكون خسيسا بالفعل أو مدفوعا من جهة معادية ، أو فاقدا لعقله. ولمزيد من الشواهد المحيرة نتساءل: كيف يمكن لحزب يتبني الدين كمنهج سياسي ثم يطبق عكسه تماما ، قولا وفعلا ، يري الفاحشة وقد شاعت ولا يقاومها ويري الفساد وقد طال كل شئ ولا يحاربه ، بل يتستر عليه ، ويري الإنهيار في كل مكان ولا يوقفه ويبيح الربا المنهي عنه في معاملاته ؟!!. وكيف لنفر من قيادات الحزب الهامة ومن المجاهدين الأول يتنصلون من حزبهم لما رأوه يخرج عن المنهج الذي جمعهم؟!!. من أهداف الصهيونية الأساسية هو تدمير ومحو الأديان من علي وجه الأرض وتشكيل حكومة عالمية قوامها الإنسان ، ولا شئ غير الإنسان ، فقد ذكر في بروتوكولات صهيون ما نصه " لا تكذبوا نصوص الجويم( الحيوانات) بل أولوها تأويلا حتي يبطل مفعولها". أليس هذا يعني أن هناك من هم من بني جلدتنا من يعمل في هذا الإتجاه؟!!. قبل أيام ، ربما في صحوة ضمير ، أعلن الرئيس عن عزمه إعادة الخدمة المدنية إلي "سيرتها الأولي" وقبل يومين ، في إفتتاح الدورة المدرسية بمدينة الدمازين ، قال نائبه الأول نفس الشئ تقريبا ، أنهم بصدد إعادة التعليم إلي سيرته الأولي!!. وبالنظر إلي " الإقصاء" المفاجئ لجسم المؤتمر الوطني وإبعاد قادة مدنيين مؤثرين من سدة الحكم ، فإن التفسير المنطقي يقول بأن عسكر السودان القدامي ربما تنبهوا إلي أمر جلل ، أن هذا البلد كان يدار بعقلية أقل ما يمكن أن توصف بأنها تآمرية ، إذ لا يعقل ، كما ذكرنا آنفا ، أن يكون هناك مواطن يتسم ولو حتي ببعض الصلاح وذرة من ضمير يرضي بأن يدمر وطنه . إذا كانت هناك نوايا حقيقية لإعادة هذا البلد إلي سيرته الأولي ، فلن يستطيع الحزب الحاكم القيام بهذه المهمة بمعزل عن باقي القوي الوطنية ، مما يعني ضرورة تنقية كل الأجواء الملغمة ورفع كل أشكال الإحتقان والظلم الإجتماعي والسياسي ووقف كل الحروب العبثية والدخول في مصالحات وطنية عامة ، وإشراك كل الأحزاب وحملة السلاح وكل القوي السياسية والمجتمع المدني في صياغة دستور دائم للبلاد ، خاصة وأن الدستور المؤقت الحالي(2005)إنتقالي ستنتهي صلاحيته بإنتهاء الفترة الرئاسية الحالية (2015) فهذا المطلب أهم بكثير من الانتخابات المقبلة ومن دون ذلك ، سنظل ندور في هذا التيه ، وربما لن تقوم لنا قائمة بعد ذلك إلا وقد إختفينا من الخارطة العالمية . إليكم أيها الحزب الحاكم ، فالكرة دائما في ملعبكم ، وقد آن لكم أن تصدقوا النية وتقاربوا وتسددوا هذه المرة بإحكام . الدمازين في :02/01/2014م. محمد عبد المجيد امين ( عمر براق) [email protected]