بسم الله الرحمن الرحيم حميد: الإستعصاء علي التواجد والغياب! لم يكن الراحل المقيم محمد الحسن سالم حميد، إنسان عادي أو شاعر متفرد فحسب، ولأ حتي مجرد ظاهرة شعرية يصعب تكرارها، فهذه كلها حالات موجودة ولو بشكل قليل او نادر! ولكنه مثَّل حالة شديدة الخصوصية، ضاجة بالعبقرية. وقد تضافرت عوامل عدة في إيجادها ومن ثم بروزها الي الوجود. لتعلن عن كل هذا الحضور النبيل الوسيم الطاغي، والأثر الإيجابي المتجاوز لكل العوائق و المعيقات. كقبس نوراني يستمد مدده، من عالم الأرواح الطاهرة في خضم سفرها الأبدي. او كضوء القمر الذي يجابه الظلام ويتحدي الجبال والأشجار والبحار، بسلاح الهدوء والسريان الصامت إلا من ضجة السيطرة والتمكن والإنتشار!( إرادة القمرة البتقدر براها تضوي الظلام). ولكن خلاصة هذه العوامل، تتمثل في عاملين إثنين مركبين، أولهما، موهبة فطرية يندر أن يجود الزمان بمثلها، يقابلها إستعداد ذاتي وإنساني، ذو حساسية فائقة وبصيرة نافذة وذاكرة متقدة وذكاء حاد، وقدرة فذة علي إلتقاط التفاصيل الصغيرة، والألفاظ المهملة والمرمية علي الأرض، ليصنع منها بناء معماري شعري، يخلب الألباب ويحير العقول ويطرب النفوس، حتي تلك النفوس الممنوعة من الطرب!! وإجتمع الي كل ذلك، فيض من المشاعر الإنسانية، كافٍ لغمر كل القضايا الإنسانية، وإغراق كل الجروح البشرية في لُجته، او علي الأقل إحتوائها، ببلسم كلماته وصدق مشاركاته لآلام المصابين وعذابات الكادحين، وما أكثرهم! أما العامل الثاني، فيتمثل في أن وجوده صادف دولة، شديدة الخذلان لمواطنيها، فريدة في النكوص بوعودها تجاه شعبها، علي الرغم من بساطة وتواضع تلك الوعود. ومدمنة علي صُنع العراقيل في طريق شعبها. وعلي التفنن في خلق الأسباب المؤدية، الي إدامة الفقر والمرض والجهل والفساد، لتعذيب تلك الجموع المُفقرة والمُعدمة، والغارقة في الظلامات والديون والهموم. مع مصادرة أي بارقة أمل في مستقبلٍ مرضٍ يليق بالإنسان، ناهيك عن التطلع الي مستقبل أكثر إشراق وإبداع! بمعني أنها دولة ضد المواطن او دولة متنكرة لوظيفتها ومتنصلة عن مسؤولياتها! او دولة العبء علي كاهل الجماهير المتعبة! وهي تاريخيا دولة مُحتكرة لصالح، شرذمة من العسكر، بكل جهلها وصلفها وعجزها عن القيام بواجباتها الأصل، أي حماية البلاد ضد إعتداءات الخارج والدستور ضد تجاوزات الداخل! بمعني إنها لم تفشل في أداء وظيفتها فقط، ولكنها حرمت كذلك الآخرين من أداء وظائفهم والقيام بواجباتهم!! أي عطلت جهاز الدولة من القيام بمهامة، والنظام السياسي من أخذ فرصته في التطور التدريجي والنهوض. إضافة الي أصابتها للمؤسسية والتخصصية في مقتل! بخلطها للأوراق وإرباكها لسير العمل، وإدخال بدع جديدة عليه، ليست من وظيفته وغير معد سلفا للتجاوب معها! وبقول محدد، ألغت الدولة ككيان حديث، يهتم بإدارة وتنظيم وحفظ، مصالح وشؤون المواطنين! وأستبدلته بإجتهادت فردية قسرية، في غاية الركاكة والأنانية والإنغلاق المصلحي، الذي يسبب الفساد و الضرر العام! وشُلة( حرامية " تنال ما لا تستحق، او تنال أكبر مما تقدمه من مجهود اوما تملكه من مواهب، وعلي تواضع قدراتها ومواهبها، فهي حريصة علي توظيفها في إلحاق أكبر أذية بالوطن والمواطن!) من النخبة المدنية، توفر لها(أي الشرذمة العسكرية)، الدعم الفكري والسيطرة الإعلامية والغطاء السياسي. بمعني أنها تبرر لها، إغتصابها للشرعية وضلالها القديم وفشلها المقيم، المتناسل والمتضاعف مع مرور الأيام، بكل نتائجه الكارثية وإفرازاته المركبة الخطيرة! وبجملة واحدة، وفرت هذه العصابة المدنية، الإطار الآيديولوجي كحامل لهذا التيه السياسي! او كحاضنة تبيح لمشاريع التشوهات الفكرية والنفسية، والإنحرافات المادية والإعلامية، التمكن والتمدد والسيادة علي كل المناخات الداخلية! بل وفرض حالة من الغيبوبة الجماهيرية قهريا او إرهابيا، بغرض حرف الجماهير عن مطالبها المستحقة، في الحرية والكرامة والمشاركة والأمان. بتعبير آخر، إمتلاكها لشروط مصيرها، وتشكيلها لحاضرها ومستقبلها وفق مصالحها ورغباتها، أي برفع سيف الوصاية المسلط علي رقبتها لعدة عقود! وتحررها من خانة التبعية والطفولة والرعية، المُكبلة لحركتها ومقيدة لإنطلاقتها، الي فضاء أكثر حرية ومسؤولية، وتاليا تفجير لطاقاتها غير المحدودة! لتأتي ظاهرة حميد الشعرية، كمشروع متكامل ومعادٍ، لهذه الحالة التغيبية التغبيشية الوصائية المفروضة علي الجماهير، أي مشروع تحدٍ وتبصيِّر ضد التجهيل والمصادرة للحقوق. وذلك بإختراقاته العميقة لطبقات الوعي الجماهيري، وتحريكه لمُحفزات التضامن والهدف المشترك وترتيب الأولويات، وتبصيِّره بطريق وآليات التحرر والخلاص. او علي الأقل الإنشغال بالشأن العام، او شغل الجماهير بهمومها الحقيقية، وطبيعة مخاوفها وكيفية التعامل معها، أي معالجتها بأفق أكثر إستيعاب لكل تعقيداتها، بدلا عن التسليِّم لقدريتها المتوهمة! ساعده في ذلك تفهمه لتاريخ البلاد، وطبيعة التكوينات الإجتماعية المقيمة علي ترابها. وأيضا عمل بجد علي كشف الحال والتنبيه للحالة البائسة التي تعيشها الجماهير! والتي تغطي عليها الأنظمة المتسلطة الساقطة، بمزيد من التبريرات الواهية، والشعارات البراقة الغارقة في النرجسية والإدعاء الأجوف والغرور! لإعتناقها عقيدة الوهم يجزي عن الحقيقة خير الجزاء! أو أن ما يصدر عنها هو الحقيقة، ولو كره الواقع ودمرت البلاد، أليست هي فوق البلاد وقدرها أن تحكم كل العباد؟! وكل ذلك قدمه في مشروعه الشعري، بالتوازي مع الضغط علي طبقات الحس الإنساني و المشاعر البشرية، في أسمي لحظات تجلياتها، وتجاوزاتها لكل المحاذير المُصطنعة! أو إجبارها(تفاعلات الجماهير) الإعلان عن نفسها، في صورة تقبل لمضامين مشروعه الشعري، في حالة من الإلتقاء والإلتحام المُحير العجيب! أي كأنه يتحث عنها وبلسانها، او يستمد ألقه من جوف إنفعالاتها! بمعني أنه يعيد إكتشافها لذاتها، بوصوله لأقصي مدي في مكامن هذه الذات، ومن ثم إضاءتها، أو إستخلاص أقصي طاقاتها الإنسانية التشاركية، بل والنضالية البطولية. كجزء من هذا المشروع التنويري التحريضي، علي رفض الظلم والقهر والإستبداد والفساد والضلال، والمتاجرة بالدين او الحقوق المدنية والعدالة الإجتماعية! كوسائل إستمرار وبقاء، لكل مشاريع التسلط علي مر الزمان. في هذا الإتجاه يصدق، أن حميد نبي الشعر في هذا الزمان، والذي بُعث ليتمم مكارم الشعرية والوطنية والمبدئية والنضالية والجمالية! وقد أكمل هذه الرسالة علي أصدق وجه. وهو يوظف فكره وجهده، ويوقف حياته وعمره لهذه الغاية النبيلة، ولم يبدل في إنجازها التام تبديلا. وهو يتضامن مع ضعفاء وفقراء شعبه والإنسانية جمعاء. ويحترق لينير لهم طريق الإنعتاق والخلاص. ويشكل لهم عامل دعم مادي(حياته) ومعنوي(أشعاره) في درب نضالهم الشاق الطويل. او مشعل تحرير من أغلال الفقر والقهر والتدجين، الي يوم الخلاص العظيم! وذلك برد أسباب المصائب الي جذورها الموضوعية، وأصلها البشري الأرضي. وهو لم يألُ جهدا في كشف زيْف العسكر، وإنتهازية الجماعات المدنية والإتجاهات السياسية الداعمة لهم! بل مثل (سوط) عذاب، يلهب ظهر الإستبداد والشموليات، علي مدار العمر والتاريخ. وهو يُظهر علي الملأ خداعها وجرائمها وإنتهاكاتها العلنية والسرية، لحقوق الإنسان وكرامته. وسدها أفق المستقبل الرحيب أمامه. ولم يفارق كفه سيف الحق ورمح الحقيقة، وتسدديه بهما الطعنات، ضد الطغيان والظلم في كل قصيدة، ويكيل لها اللعنات في كل مقطع. ويقض مضجعها في كل بيت من أشعاره اللافحة، وقصائده البدرية المُنيرة. ولأ نبتعد عن الحقيقة، إذا ما أعتبرنا أن قصائده وأشعاره، مثلت في حد ذاتها، حالة من التكثيف الشديد للوعي، وخلاصات للتجارب، ومعين لأ ينضب، لتوفير قوة الحجة ونصاعة البيان وبراعة البرهان وصفاء الحكمة، لما يتناوله من قضايا. او جعل الحقائق والمبادئ والمعاني الجمالية والفلسفية والمضامين الحياتية الكبري، حية وتسعي بين الناس. وكأنه طاقة ضوء، تصر علي قهر الظلام الإستبدادي الحالك السواد، وتستمد وقودها من نار المجوس. ومن أعلي قمة جبل الأولمبي، تطل علي البشرية بتواضع لأ يعي معني التفاوت والإختلاف والنقاء، ببصره المشدود تجاه الجوهر الواحد لبني البشر في كل إتجاه! لذلك من المضحك والمبكي في آن، أن يحاول أعدائه وأعداء مشروعه الإنساني البصير والتحرري المجيد. إستغلال هذه المحبة والعاطفة الجارفة، التي إلتصقت به وبمشروعه الشعري، الباذخ شرفا وألقا وسحرا وشموخ! وتوظيفها في الإتجاه المعاكس! أي لخدمة المشاريع الطفيلية الإستبدادية، الماصة لجهود الشعب الإقتصادية ولعافيته السياسية. كجزء من سياستها في السرقة العلنية والسمسرة السافرة والمضاربة الربحية، أو إستسهال الكسب السريع من غير بذل الجهد. مع إزدراء الكدح والجدية في الأفعال والأقوال! بكلام آخر، أنها وبعد تجيير أملاك المجتمع ومصادرة أصول الشعب المادية، لصالح عقيدتها الربحية الصافية، المُلازمة للجشع والإحتكار، والمعادية للقيم النبيلة والتكافل الإجتماعي وتعلية قيمة الصالح العام! إلتفتت لمسألة الإستيلاء حتي علي رموز الشعب الإبداعية والوطنية، بقصد التغوُّل حتي علي الجانب الرمزي المعنوي القيمي! الذي تمثله تلك الرموز، وتجسده كواقع عملي علي الأرض. بمعني الرغبة في الحصول علي الإحترام والتقدير والمكانة الخاصة، في نفس الشعب والجماهير، التي يكنها لاولئك الشرفاء، كجزء من العطاء المتبادل والإعتراف بالفضل والجميل الذي يسم الكرماء. ولكن من دون دفع الثمن الإبداعي المبدئي الإتساقي الخلاق، والذي في حقيقته يعادي طبائع هذه الفئة الباغية من المجتمع، وينفر منها نفور السليم من الأجرب( والمواطن الصالح من الكوز الطالح). وكل ذلك بسبب إعتقاد فاسد، يسكن تلافيف عقل هذه الجماعة الشريرة ويخالط نفسها العليلة! وعنوانه الصريح، إن التميز والتفوق والصدارة، حتي ولو في صورة معنوية رمزية! مكانها محصور حصريا لها!! وغير مسموح للآخر مجرد الإقتراب منها! ولأ بأس من الوصول او الحصول علي هذه المكانة، ولو من طريق مُخالف ومعادٍ، لإطروحاتها الوهمية ومسلكها الضلالي في الحياة. أي عبر التزلف والتقرب وإستغلال حتي المشاريع والرموز المُعادية لها! بمعني إستغلال جماهيريتها وإشعاعها، عبر التمثيل و الإدعاء بالتقرب من هذه الرموز! أو بإظهار نوع من الإحترام والإهتمام الدجلي بها! بتقديم نوع من المُساهمات المادية والمنح والمساحات الإعلامية، وتبني بعض المشاريع الهامشية، بأسماء او مشاركة أولئك الرموز. وهي في قرارة نفسها كاره لهم ولمشاريعهم التي تستهدف وجودها حصريا(ولسان حالها يقول ومن نكد الدنيا علي الجماعات الضالة أن تري عدوا لها ما من صداقته بد). وإحتمال سبب هذا الإهتمام المُصطنع والظهور المُكره، بجانب هذه القمم الوطنية. يرجع لسبب خبيث غالبا، تتبناه هذه النماذج من الجماعات الشريرة والمُعادية لشعوبها، وأكثر معادة لرموز هذه الشعوب الوطنية. ويتمثل هذا الهدف، في تشويه صورة أولئك الرموز، الذين عُرف عنهم، إندفاعهم للصالح العام ورعايتهم لحقوق شعبهم، وإلتزامهم خط الحق والعدل والإستقامة في القول والفعل والغاية. مُستغلة في ذلك طبع المُجاملة السوداني، وتحميله ما لأ يطيق، او حرفه عن مقصده الأساس، في إحترام مشاعر الآخر والتبسط في حضرته. وذلك ببذل نوع من التكريم المشبوه لأولئك الرموز، أو الإصرار علي الإلتصاق بهم وإبداء نوع من الإعجاب المنافق بمنتوجهم. وكل ذلك من أجل التأثير علي جماهيريتهم، للخفض من قيمتهم ومكانتهم او التشكيك فيهم وتاليا مشروعهم الذي يحملونه! او إستغلال عاطفة الجمهور تجاه تلك الرموز، ومن ثم توظيفها لتمرير أهدافهم المضمرة ، أي لصالح إضفاء نوع من الشرعية علي أنطمة غير شرعية جوهريا! وهذا الجهد الأخرق والمُثابرة الصبيانية المكشوفة، من قبل هذه الجماعات المنافقة، والملتصقة بهياكل ديكتاتورية، يستمدان من بعضهما القدرة علي البقاء! تعكسان بدورهما الطبيعة المرضية السلطوية/الإجتماعية التي تعاني منها هذه الجماعات. وهي الإصرار علي التواجد في مركز الأضواء، وبغض النظر عن حجم التناقض المذهل، او الثمن المدفوع لهذا التواجد المرضي، او تأثيره السلبي علي المتلقي او المُقييم لهذا التواجد نفسه(المواطن المستهدف)، أي كأنها تعلن الحرب علي نفسها من حيث لأ تدري!(مثال ماهي درجة شعبية شخصيات مثل الدكتور نافع او الأستاذ علي عثمان او الدكتور الترابي او الدكتور علي الحاج بعد كل هذا التواجد المكثف). بمعني، أنه بقدر التواجد والظهور، والتجاوز للقيم والأعراف المجتمعية، والتنكر للمبادئ الديمقراطية! يكون السقوط وقلة الإحترام، والمكوث في خانة الرسوب وطنيا وإجتماعيا وقيميا. وفي هذه الخانة بالذات يكون النجاح والمرور، لأفئدة الجمهور والتثبت في العقول، ومن غير إستجداء او محفزات دعائية او مادية، فقط القيام بواجباتها ومتطلباتها! وفي هذه الخانة أيضا، تستبين مكانة حميد وغيره من الوطنيين العظماء في هذه البلاد. أي بقدر حبهم لأوطانهم وأشقاءهم في هذا الوطن، ودفاعهم عن المصلحة العامة، وتساميهم علي الإنتماءات الضيقة، وإنفتاحهم علي الجميع في الداخل والخارج، وكل بأدواته ومجاله. تصنع لهم هذه المكانة السامية في النفوس، والإقامة الدائمة في دائرة المحبة، والنمذجة التي يضرب بها الأمثال، علي مدار التاريخ الوطني، ولنا في مختلف المجالات والتخصصات الأسوة الحسنة، علي الرغم من تمدد ظروف إنحسارها. لذلك يصبح من الأهمية بمكان في ذكري هؤلاء الرموز، ليس التحدث بمآثرهم وما أكثرها، ولأ روعة أشعارهم او منتوجاتهم وما أثمرها، ولأ البكاء بحرقة علي قبورهم، وما في ذلك من تخفيف من وقع المصاب وحرقة الفقد والفراق. ولكن بإستلهام تلك الأشعار( في حالة حميد او منتجات غيره) وذاك الأثر المعرفي التحريضي. وتوظيفهما في مشروع الخلاص الوطني. كهدف حصري وغاية سامية لتلك المشاريع، سواء في صفتها الشعرية الجمالية او الفكرية السياسية النضالية. علي أعتبار، أن الخلاص من الإستبداد بكل آثاره وملحقاته وثقافته، وقبل ذلك من تحكم العناصر المستبدة في حياتنا السياسية الإجتماعية..الخ. هو الأرضية الأساسية لتأسيس أي مشاريع تحررية ديمقراطية، مفتوحة علي أفق أكثر رحابة ومراعاة لحقوق الإنسان. بمعني، إن الإحترام الحقيقي لذكري تلك القمم السامقة، يعني فيما يعني إنجاز طموحاتهم التحررية، وأحلامهم بالعيش المشترك والعدالة الإجتماعية، وتطلعاتهم المشروعة لدولة الديمقراطية والقانون والمؤسسية. وعندها فقط تنعم أرواحهم في قبرها، وترتاح نبرة القلق والتوجس في مشاريعهم! التي ثابرت طوال مكوثها بين ظهرانينا علي إنجازها، والدفع بها إلينا، من أجل أن نستضئ بنورها وننعم بظلها، وتعيننا علي قضاء نوائب الدهر الإستبدادي الموحش، والأصح القضاء عليه، بل إجتثاثه من جذوره. توقيع علي دفتر حضور حميد؟! يا واعدنا بالخضرة والزمن الحسن راجين لهب جيتك جمر مستنين تباشير وعدك سنين! يا من تفي بالأمنيات طال الصبر علي جر المطر تالا عطش الصحاري غصب! ومراودة فحولة النيل علي شوق الجداول كضب! وما برتاح بال الجروف إذا ما بشرت غمام وسحب! راجيناك خصب ونماء صدق ووفاء وغنا العصافير في جوف العتامير ومسيرة ليل وزاد مسافر وشوف ضرير! راجينك يقين راجينك وكفي! الف رحمة ونور علي روح حميد، ولكل من رحل وفي قلبه ذرة إحساس بالمصلحة العامة، او رغبة صادقة، في خلاص شعبنا من كوابيس الإستبداد وصانعيه. عبدالله مكاوي بريد إلكتروني [email protected]