الحلقة الاولى ( 1 – 2 ) ثروت قاسم Facebook.com/tharwat.gasim [email protected] يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 ؟ في يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 ، فجر السيد الإمام ثورته الناعمة في طائفة الأنصار ، وقلبها رأساً على عقب . في هذا اليوم التاريخي : + تم ( إنتخاب ) السيد الإمام إنتخاباً حراً مباشراً أماماً لكيان الأنصار التقليدي الديني بواسطة قواعد الأنصار في المؤتمر العام . أصر السيد الإمام على أمرين وهو يقبل إمامة الأنصار : الأمر الأول أن تكون البيعة له مبصرة . يذكّر السيد الإمام الأنصار بأن القرآن إنتقد الرسول ( صلعم ) فى اكثر من موضع، ويذكّرهم بمقولة الفاروق ( رحم الله إمرئ أهدى إلى عيوبي ) ، وبمقولة الصديق ( أطيعوني ما أطعت الله فيكم ) ؛ ومن ثم إصرار السيد الإمام أن تكون البيعة له مبصرة . وقد كان . كرس السيد الإمام وخلّد في مؤسسة الأنصار فكرة النقد العلنى ( وليس التجريح الشخصي ) ، الذى هو من علامات العافية ، إذا ما تم بأصوله وأدبه ؟ هدف السيد الإمام هو بعث منهج التفكير العلمي وتغليب العقل والمنطق أي الاجتهاد العقلي الذاتي مما يعني تحدي ذهنية الطاعة بعقلية القطيع للإمام أو الشيخ (أو ما يقابلهما). الأمر الثاني أن تكون مؤسسات كيان الأنصار محكومة بوثيقة حقوق الإنسان ، وتصبح هذه الوثيقة المرجعية الحصرية في الموضوع ، بالإضافة لقطعيات الوحي وصحيح السنة . وافق المؤتمر العام على شرطى السيد الإمام ، ومن يومها صارت البيعة مبصرة ، وأصبحت وثيقة حقوق الإنسان المرجعية الحصرية في الموضوع . كما قرر كيان الأنصار إن إمامة الأنصار سوف تصان من الارتجال والطموحات الشخصية للأفراد لتتم عبر آلية انتخابية رصينة. في هذا السياق ، قال السيد الإمام إنه من حيث المرجعية الأنصارية الخاصة، ومن حيث ضرورات مجابهة تحديات العصر، ومن حيث المرجعية الإسلامية العامة لا سبيل لإمامة ارتجال أو طموح شخصي بل الشورى هي السبيل. قال عمر(رضي): " من بايع رجلاً من غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا للذي بايعه." + تم ( إنتخاب ) مؤسسات كيان الأنصار الجديدة التي إبتدعها السيد الأمام : المؤتمر العام ، هيئة شئون الأنصار ، مجلس الشورى ، مجلس الحل والعقد ، المكتب التنفيذي ، بالإضافة للإمام ، إنتخاباً حراً مباشراً بواسطة قواعد الأنصار في المؤتمر العام . + بدأت مؤسسات كيان الأنصار الجديدة تعقد الندوات والورش المتخصصة وتصدر الفتاوى والأوراق العلمية والدينية والثقافية وتعالج مشاكل المجتمع ، ومن أبرزها محاربة خفض الطفلات . إتهم بعض المنكفئين السيد الإمام بأنه حول طائفة الأنصار الدينية التقليدية إلى حزب سياسي ، بدلاً من طائفة تسير بالإشارة وتقول دوماً سمعنا وأطعنا ؟ على الرغم من أن السياسة تدخل في كل شئ ، حتى في بيع التبش ، فإن كيان الأنصار يركز على دوره الدعوي الإرشادي ، كما هو منصوص عليه في الدليل الأساسي للكيان . بفضل السيد الإمام ، صار كيان الأنصار مؤسسة ديمقراطية حية ومتحركة ومواكبة للعصر والتحديث ، وتزاوج بين الأصل والعصر وبين الواجب الوارد في قطعيات الوحي والواقع الذي يتجلى في القرية الكونية . وتلقائياً إختفي التشدد والتطرف وإختفت الطاعة العمياء للزعماء الدينيين في المنشط والمكره التي تقود للعمليات الإنتحارية العبثية التي أصبحت ماركة مسجلة لحركات الطائفية السياسية الراديكالية المسيسة ، كما يقول السيد توني بلير . لا يلزم السيد الإمام أنصارياً في كيان الأنصار بما يقول , ويقبل شورى مجلس الحل والعقد في كيان الأنصار . لم يعد الأنصار يسألون أين تقع ( حلة الشيوعيين ) في الخرطوم لكي يهاجموهم في عقر دارهم ؟ صار الأنصار يعقدون الندوات لمحاربة خفض الطفلات ؛ وينتخبون أنثى كمقرر لمجلس الشوري ، وأنثى كمقرر لمجلس الحل والعقد ؛ وغداً أنثى لإمامة كيانهم ؟ صارت المرجعية في الكيان إحترام حقوق الإنسان ، والطاعة المبصرة . نجح السيد الإمام في إنهاء السلطة العمياء للإمام ( الشيخ ) على اتباعه؟ حركات الأسلام الراديكالي المُسيس ؟ بعكس كيان الأنصار ومؤسساته الديمقراطية ، لا تعرف الحركات الإسلاموية المتطرفة شيئاً عن الشورى ؛ وتعتبر الديمقراطية رجس من عمل الشيطان . هذه وتلك حركات منغلقة ومنكفئة تعمل على الطاعة العمياء حسب الآية 59 في سورة النساء : ( أطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) . كأمثلة لهذه الحركات المتطرفة ، يمكن ذكر الحركات الآتية : تنظيم القاعدة الدولي ، وبه عدة ( قاعدات في عدة دول كاليمن وشمال مالي وافغانستان وباكستان ) ، طالبان في أفغانستان وباكستان ، داعش ( الدولة الإسلامية في العراق والشام ) ، دالم ( الدولة الإسلامية في ليبيا ومصر )، الجهاد الإسلامي في فلسطين ، جبهة النصرة في سوريا ، جبهة الصحوة في الجزائر ، بوكو حرام ( الغربنة حرام ) في نيجريا ، ومنظمة الشباب في الصومال . هذه الحركات تعطي عن الإسلام صورة مشوهة ومشوِِِهة ( بفتح وكسر الواو ) وغير حقيقية . ظهور هذه الحركات الإسلامية المتطرفة جاء بسبب غياب الحركات الإسلامية المعتدلة ، أو فشلها في الاستجابة لتطلعات المواطنين. الكيانات الاسلامية الوسطية التي تحتكم للشورى والإنتخابات ، وتلبي أشواق المواطنين ، ككيان الأنصار في طبعة الخميس 19 ديسمبر 2002 ، خير ترياق ضد سموم هذه الحركات المتطرفة . تتغذى هذه الحركات المتطرفة على الخرافات . تأكل خرافات ، تشرب خزعبلات وتحلي بالزبالات الفكرية ؛ ومثانتها الفكرية سائبة ، تسيل منها الخرافات والخزعبلات والزبالات وما تستولده هذه وتلك من مفاهيم مغلوطة لتعاليم ومعاني الإسلام . لا تعرف هذه الحركات في القرآن الكريم غير آيات البراءة والسيف ، وتنزعها بجهل فاضح من سياقها العام ؛ وتحشو أدمغة الشباب بخرافات وخزعبلات وزبالات ما أنزل الله بها من سلطان . لم يسمعوا بالآية التي تقول ( أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ؟ ) ، وغيرها من آيات التسامح والإحسان والتي هي أحسن . أصبحت هذه الحركات المتحدث الأعلى صوتا باسم الإسلام ، مما جلب للعالم الإسلامي اتهاما بأنه هو امبراطورية الشر الجديدة ، لما فيها من تشجيع لهذا النوع من العنف العشوائي ! تصدى كيان الأنصار في ثوبه القشيب الجديد وفي إطار الإمامة الثالثة لهذه القضايا وضدهذه الحركات التي تسئ للأسلام الوسطي الصحيح ، وقال بالصوت العالي : ليس الإسلام عاجزاً ، وليس معتدياً ، وليس مخرباً ، وليس إرهابياً ! بل هو دين التسامح والاعتدال والوسطية ؛ وهو دين التفاوض والتفاهم والحوار مع الآخر ؛ هو دين الشورى والديمقراطية وإحترام الرأي الآخر ؛ هو دين محاربة الإرهاب ، مع الحفاظ على مبادئه الأصلية! في الأمامة الثالثة ، صار كيان الأنصار من المنابر القادرة على أن تخاطب هذه القضايا بصوت جهوري وعالي وبفاعلية وفعالية ، منابر مسنودة شعبياً وذات مصداقية ، منابر ليست فردية ، وليست معزولة ومعلقة في الهواء ! قاد السيد الإمام هذه الثورة الناعمة في إطار الإمامة الثالثة لكيان الأنصار ، وصار بحق وحقيق تجسيداً لحديث الرسول ( صلعم) : ( إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا) . كيان الأنصار في ثوبه الجديد القشيب بعد يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 ، يدابر الحركات الظلامية المنكفئة . نتمني أن يهل يوم الخميس 19 ديسمبر 2002 على كل هذه الحركات ، حتى نقول باى باى للإرهاب ؟ وتصير داعش ودالم والقاعدة وطالبان وبوكو حرام والشباب منارات للإسلام الوسطي ... الإسلام الذي يدعو له السيد الإمام في إطار الأمامة الثالثة . في هذا السياق ، نذكر إن للأنصار صفات حميدة كثيرة منها التقوى والإخلاص المحض للدعوة والتضحية في سبيلها بفدائية نادرة: دخلوا القيقر ترس للموت زي العرس!! هذه صفات اعترف بها الجميع حتى الأعداء إذ قال مؤرخ عسكري بريطاني عن الأنصارهو فيليب وارنر: "ربما وجد في التاريخ الإنساني من ماثلهم شجاعةً ولكن لا يوجد قطعاً من فاقهم شجاعةً! " نواصل في الحلقة الثانية ...