إرهابيون من شظف 'الجهاد' في الجبال إلى رغد العيش في الدوحة واشنطن - لم تجن قطر العائد السياسي المنتظر من لعبها دورا محوريا في عملية تبادل الأسرى التي أطلق بموجبها سراح آخر جندي أميركي أسير بيد حركة طالبان المتشدّدة، حيث أصبحت علاقات الدوحة بالحركات المتطرّفة، تحت مجهر ساسة ومسؤولين داخل الولاياتالمتحدة، وخارجها. وحسب مراقبين فإن إقدام قطر على وساطة لا تخلو من مقامرة، في هذا التوقيت بالذات، دافعه الأساسي رغبة الدوحة في إسداء خدمة للولايات المتحدة، لكسب مساندتها في ظرف صعب تعاني فيه قطر العزلة عن محيطها الخليجي والعربي بفعل سياساتها الخطرة على أمن المنطقة، وبالخصوص دعمها لجماعة الإخوان المسلمين المصنّفة إرهابية في عديد البلدان العربية. وأبدى مسؤولون في المخابرات الأميركية ومستشارون في الكونغرس قلقا بسبب الدور الذي تلعبه قطر كهمزة وصل بين واشنطن والحركات المتشدّدة. وقال مايك روجرز رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب وهو من الحزب الجمهوري "ثقتي محدودة في التطمينات الأمنية في ما يتعلق بحركة قادة طالبان المفرج عنهم ونشاطهم كما أن ثقتي أقل في استعداد هذه الإدارة لضمان تنفيذها". وتأكدّت شكوك المسؤول الأميركي أمس من خلال تأكيد مسؤول خليجي كبير أمس لوكالة رويترز أن أعضاء طالبان المفرج عنهم سيتمتّعون بحرّية الحركة طيلة إقامتهم في قطر. ويوم السبت الماضي أطلق سراح السارجنت بيرغدال (28 عاما) بعد أن أمضى في أسر طالبان خمس سنوات، وذلك مقابل خمسة معتقلين محتجزين في سجن غوانتانامو العسكري الأميركي في كوبا. وكان من بين الخمسة نائب وزير الدفاع السابق في حكومة طالبان محمد فضل. مايك روجرز: ثقتي محدودة في التطمينات بشأن قادة طالبان الذين نقلوا إلى قطر وقال مسؤولان أميركيان إن وزارة الخارجية وأجهزة المخابرات الأميركية أبدت تشكّكها في الماضي في مدى التزام قطر بفرض رقابة على المتشددين الذين يفرج عنهم على أراضيها. وقال محقق بالكونغرس "منذ اكتشفنا أمر هذه الانتقالات أبدى أعضاء بالكونغرس مخاوف كبيرة بناء على تقديرات المخابرات وأداء قطر في الماضي". ووردت تفاصيل مخاوف وزارة الخارجية بشأن رقابة قطر على المتشددين المفرج عنهم في برقية دبلوماسية صادرة من السفارة الأميركية في العاصمة القطريةالدوحة استنادا إلى حالة جارالله المري الذي أفرج عنه من غوانتانامو ونُقل إلى قطر في يوليو 2008. وفي البرقية انتقدت السفارة الأميركية قطر لعدم تنفيذ وعودها بمنع المري من مغادرة قطر مشيرة إلى أنه قام برحلتين إلى بريطانيا منذ الإفراج عنه من غوانتانامو وأنّ السلطات البريطانية ألقت القبض عليه خلال زيارته الثانية في أوائل عام 2009. وتمنع سياسة الحكومة الأميركية التفاوض المباشر مع الإرهابيين. ولتفادي أي اتهامات لجأ الرئيس أوباما لوساطة قطر التي لها تاريخ في إجراء محادثات بين واشنطن وطالبان. ففي عام 2010 توجّه قادة طالبان إلى قطر لإجراء مفاوضات سرية مع الحكومة الأميركية بشأن اتفاق سلام محتمل لوضع نهاية لوجود قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان. وعندما تعثرت تلك المحادثات بقي بعض زعماء طالبان في قطر واعتادوا على رغد العيش فيها. وشوهد هؤلاء في مراكز تجارية وأسواق كما شوهدوا يلعبون من أولادهم في صالات رياضية مكيفة الهواء. وقالت مصادر مقربة من هذه المجموعة إنها تعيش في مجمّعات سكنية خارج الدوحة على حساب الحكومة.