الأمن المصري يطوق منطقة التفجير القاهرة – التفجير الذي استهدف، أمس، موقعا قريبا من مبنى وزارة الخارجية المصرية بالقاهرة جاء ليكسر صمت العمليات الإرهابية، بعد أن تركّزت في سيناء وكادت تختفي من العاصمة المصرية طيلة أشهر، وهو ما يشي باستمرار قدرة التنظيمات الإرهابية على توجيه ضرباتها نحو مواقع حسّاسة، لكنّه يستشعر أيضا حالة اليأس التي تخالج الإسلاميين المتشدّدين من العودة إلى صدارة الأحداث في البلاد. انفجرت عبوة ناسفة، صباح أمس الأحد، بالقرب من مقر وزارة الخارجية المصرية وسط القاهرة. وقد أدّى الانفجار إلى مصرع ضابطي شرطة وإصابة 6 مواطنين بجروح مختلفة، نجحت قوات الأمن المصرية في محاصرة وتطويق العمليات الإرهابية، في العاصمة وعدد من المحافظات الأخرى. جاء الحادث عقب أيام قليلة من نجاح قوات الشرطة والجيش في توجيه ضربات أمنية قوية إلى عناصر إرهابية مختلفة في سيناء، شملت تكفيريين غاية في الخطورة، لذلك اعتبرت عملية الأمس بالقرب من مقرّ الخارجية الواقع على مسافة قريبة من مبنى التليفزيون المصري، دلالة على أن الإرهابيين لا تزال لديهم قدرة على ردّ الفعل بطريقة موجعة وفي أماكن غاية في الحيوية. جيمس موران، سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر، أعرب عن خالص مواساته لأهالي ضحايا الانفجار، وعبّر عن الأسف لحدوث التفجير في هذا التوقيت، مؤكدا إدانة الاتحاد الأوروبي للإرهاب، وأضاف أنه "تتعيّن مكافحة الإرهاب بشكل فعّال في كلّ الأحوال"، مشددا على أن الإرهاب "ليس مقبولا للاتحاد الأوروبي ومصر". من جانبه، قال الخبير العسكري سامح سيف اليزل، في تصريح ل"العرب"، إن انفجار أمس وقع في منطقة بولاق أبوالعلا، التي تضم مقرات رسمية مهمة بينها مقر وزارة الخارجية الضخم، وهو محاولة يائسة من جماعة الإخوان المسلمين في ثاني أيام عودة الدراسة بالمدارس الحكومية وأوّل أيامها لدى المدارس الخاصة، من أجل إعطاء انطباع لدى الرأي العام بأن الأمور ليست مستقرّة، وبالتالي الترويج لشعور يشي بالخوف لدى الأهالي وعدم الاطمئنان على ذويهم، وإثارة الذعر والخوف في نفوس المصريين عموما. وأضاف سيف اليزل أن الشعب المصري أصبح يتعامل مع هذه التهديدات بشكل روتيني، وهو ما يعكس أوجه الفشل لدى التيّارات المتشددة، مشيرا إلى أن اقتراب الانفجار من مبنى وزارة الخارجية ليست له دلالة محددة، لكنه يأتي كاختيار مدروس من الجماعات الإرهابية لأنّ هذه المنطقة مزدحمة جدا بالعبور والمشاة وقريبة من منطقة وكالة البلح التي تعتبر منطقة تجارية. واعتبر الخبير العسكري أنّ الانفجار ينطوي على إشارة إلى استمرار حالة التطرّف الموجودة وليست له أي دلالات سياسية جديدة، غير أن الجماعات الإرهابية تحاول بثّ الرعب في قلوب المواطنين على أمل أن ينعكس ذلك على رؤيتهم وتقديرهم للنظام المصري. وأوضح أنّ الإخوان المسلمين يستهدفون المدنيين، وأنهم استحلوا دماء الشعب المصري، مضيفا أن إمكانيات وزارة الداخلية ضعيفة للغاية مقارنة بمساحة الدولة المصرية وعدد سكانها، لذلك هم يستغلون هذه الفرصة ويقومون بأعمال إرهابية في كل مكان. محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، قال ل"العرب" إن الانفجار ليست له دلالة سياسية ولم تكن وزارة الخارجية هي المقصودة من الانفجار، لكن الجماعة الإرهابية تستهدف المناطق المزدحمة لإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية. وأوضح العرابي أنّ الإخوان مهما فعلوا لن يعودوا إلى الحكم مرة أخرى لأن الشعب المصري لفظهم وأصبح يدرك جيدا من الذي يقوم بهذه الأفعال، مشيرا إلى أن مسألة المصالحة مع الإخوان تبتعد عن وجدان الناس بعد كل تفجير جديد، مؤكدا أن الشعب المصري هو الوحيد القادر على استيعاب عناصر الجماعة، إذا صدر منهم ما يؤكد صدق نواياهم. وأشار إلى أن التنظيمات الإرهابية تستغل المساحة الواسعة للدولة وضعف إمكانيات الأمن، وهو ما يؤثر سلبا في مواجهة الإرهاب بصورة كاملة، والإرهابيون يقومون بالتفجير في أي مكان يمكن من خلاله بث الرعب والخوف في نفوس المصريين. محمد ربيع الدويك، الخبير الأمني وعضو جمعية القانون الدولي، قال ل"العرب" إن التفجير حلقة ضمن سلسلة التفجيرات التي تقوم بها الجماعات الإرهابية بقصد بث الخوف في نفوس المواطنين. وحمّل الدويك القيادة السياسية للبلاد مسؤولية عدم تطبيق قانون مكافحة الإرهاب المعروف في معظم دول العالم، واصفا خطط الأمن الجنائي الحالية ب"المهللة" لأن انتشار الجرائم الجنائية يؤدّي إلى حالة من الاحتقان والصخب وعدم الرضى.