إجراءات رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الجديدة في تحديد عدد المهاجرين تمهد طريق المملكة المتحدة نحو فك الارتباط مع الاتحاد الأوروبي. العرب بريطانيا تعرف زحفا غير مسبوق من مهاجري أوروبا الشرقية أملا في الاستفادة من امتيازاتها لندن- فتحت بريطانيا الجدل الأوروبي المكبوت بشأن السياسات الأوروبية الموحدة حول حقوق العمل والهجرة والإعانات الاجتماعية لكن مشاريع رئيس وزرائها ديفيد كاميرون في تحديد عدد المهاجرين قد تصطدم برفض أوروبي واسع ومن شأن الخطوات البريطانية الجديدة أن تعزز فرص ارتباط المملكة بالاتحاد الأوروبي والذي يتهدده استفتاء 2017. أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تحت ضغط المشككين في الوحدة الأوروبية وبعد صدور الأرقام الأخيرة حول الهجرة، أمس الجمعة، إجراءات جديدة للحد من تدفق المهاجرين القادمين من الاتحاد الأوروبي مشككا في مستقبل بلاده داخل الاتحاد الأوروبي. وفي خطاب مرتقب دعا كاميرون إلى الحد من المخصصات الاجتماعية للعاملين القادمين من دول الاتحاد الأوروبي، لكنه عدل في المقابل عن تحديد حصص على عدد الوافدين من كل دولة. وقال كاميرون "نريد إقامة النظام الأكثر تشددا في أوروبا للتصدي لانتهاكات حرية التنقل" و"الحد من التدفق الاستثنائي الكبير للمهاجرين القادمين من سائر دول أوروبا". وأقر بأن المشروع سيؤدي إلى تغييرات في المعاهدات الأوروبية مما يجعل تطبيقه غير مضمون. وأعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده للتباحث في المقترحات البريطانية "بهدوء وحذر". ويريد كاميرون فرض مهلة أربع سنوات قبل أن يحق للمهاجرين بعض الامتيازات مثل تخفيضات ضريبية وسكن اجتماعي. ويستهدف هذا الإجراء خصوصا العمالة غير المؤهلة القادمة من أوروبا الشرقية تحديدا. "وضع حد لأعداد المهاجرين يتعارض مع مبدأ حرية التنقل المنصوص عليه في المعاهدات" وكشف المكتب الوطني للإحصاءات الخميس زيادة بنسبة 468 بالمئة في عدد الرومانيين الذين قدموا إلى بريطانيا بين يونيو 2013 ويونيو 2014، بينما زاد عدد المهاجرين من كل الجنسيات بنسبة 39 بالمئة (260 ألفا)، مما يعني فشل الحكومة في خفض العدد تحت عتبة المئة ألف في السنة. وأضاف كاميرون أن أي مهاجر لا ينبغي أن يدخل إلى بريطانيا دون عرض عمل وسيطلب منه الرحيل بعد ستة أشهر ما لم يتم توظيفه. وكان كاميرون أعلن أنه يريد العودة إلى السياسات التي كانت متبعة في عهد حكومة مارغريت تاتشر في ثمانينات القرن الماضي. وتابع كاميرون "البريطانيون لا يريدون هجرة خارجة عن القيود أو منعها تماما، بل يريدون أن تكون خاضعة لضوابط وهم على حق". في المقابل، تخلى كاميرون عن مقترحات أخرى أشار إليها في الأسابيع الماضية، مثل وضع سقف لعدد المهاجرين، وذلك إزاء المعارضة الحازمة لشركائه الأوروبيين الذين ذكروه بالطابع غير القابل للتعديل لمبدأ حرية تنقل الأفراد في أوروبا. وحذر القادة الأوروبيون من أن وضع حد بشأن عدد مهاجري الاتحاد الأوروبي سوف يتعارض مع مبدأ حرية التنقل المنصوص عليه في المعاهدات. ديفيد كاميرون: "يسعى البريطانيون إلى أن تكون الهجرة خاضعة لضوابط" وكان متحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أعلن أن "الأمر غير قابل للتفاوض بالنسبة إلى ألمانيا". ومع أنه عدل عن تحقيق سقف لعدد المهاجرين، إلا أن المشككين في الوحدة الأوروبية داخل حزبه رحبوا بخطابه مع أنه لن يكون كافيا لهم على الأرجح. وتساءل الوزير المحافظ السابق جيرالد هاورث على الفور "إنها إجراءات جيدة، لكن هل ستكون كافية؟"، مؤكدا أن البريطانيين يريدون "استعادة السيطرة على حدودهم". وإزاء مخاطر عرقلة مشروعه، شدد كاميرون على "الحاجة الماسة" إلى إجراء إصلاحات. وهدد قائلا إنه "لا يستبعد شيئا في حال لم تلق مشاغلنا آذانا صاغية" وإنه سيخوض حملة للخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي تعهد بإجرائه في 2017 في حال فوزه في الانتخابات التشريعية في مايو. ويقول مراقبون إن الخطوة البريطانية تفتح مجالا للكثير من الدول الأوروبية المتذمرة من القواعد الأوروبية للهجرة والعمل والإعانات وخاصة أن عددا من الفاعلين في أحزاب يمينية كانوا قد أبدوا تذمرهم من القواعد الحالية. وتعد قضايا الهجرة في أوروبا من القضايا الملحة والمثيرة للجدل، حيث نبه عدد من السياسيين إلى العبء الذي تتحمله ميزانيات بلدانهم بسبب موجات الهجرة من الدول الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي للاستفادة من المعونات السخية.