تنديد واسع في موريتانيا بممارسات القمع في حق متظاهرين يرفضون الحكم الصادر بحق زعيم حركة مناهضة للعبودية. العرب حقوقيون يطالبون بالافراج الفوري عن ولد أعبيدي نواكشوط - شهدت شوارع موريتانيا مواجهات عنيفة بين مواطنين مناصرين لحركة "إيرا" المناهضة للعبودية ورجال الأمن، احتجاجا على الحكم الصادر ضد زعيم الحركة بيرام ولد أعبيدي. وقام مئات المواطنين باكتساح الساحات القريبة من مبنى المحكمة في مدينة روصو ورفعوا شعارات للتنديد بالحكم وبالممارسات التعسفية والقمع الممنهج الذي تقوم به السلطة ضدّ مناهضي الرق عموما. وقالت مصادر محلية إن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لفض المحتجين، في حركة اعتبرها مراقبون دليلا على العنف المسلط ضدّ معارضي الحكومة. يشار إلى أن القضاء الموريتاني حكم بالسجن النافذ سنتين في حقّ بيرام ولد أعبيدي ونائبه إبراهيم ولد بلال بتهمة تكدير النظام العام والانتماء إلى منظمة محظورة، وأطلقت سراح بقية أعضاء حركة "إيرا" المحتجزين. واعتقل ولد أعبيدي الناشط السياسي والحقوقي، الذي جاء ترتيبه الثاني في انتخابات الرئاسة العام الماضي، أثناء مسيرة منذ شهرين، وقد لقي اعتقاله انتقادات من المنظمات الحقوقية الدولية والبرلمان الأوروبي. وطالب حقوقيون موريتانيون وفاعلون سياسيون بالإفراج الفوري عن بيرام ورفاقه، داعين الحكومة إلى رفع يدها عن النشطاء المناهضين للرق في البلاد. استخدام الغاز المسيل للدموع لفض المحتجين يثير موجة من التنديدات حول العنف المسلط ضد المعارضين للحكومة وفي هذا السياق، دعا منتدى منظمات المجتمع المدني بموريتانيا المعروف ب"فوناد"، في بيان له، السلطات إلى "التوقف عن تغذية خطاب الكراهية والتحريض ضدّ الحقوقيين". واعتبر المنتدى أن منشور "الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين" (الأرقاء السابقين)، الذي أصدرته نخبة من هذه الفئة من مختلف المشارب السياسية، عبر عن أهم المخاوف التي تتهدد لحمة المجتمع "إذا ما استمر تهميش هذه الفئة وتحييدها عن الحياة العامة النشطة بموريتانيا". ويعود تاريخ الجدل حول العبودية في موريتانيا إلى السنوات الأولى لاستقلال البلاد بداية ستينيات القرن الماضي، حينما كانت العبودية تنتشر بشكل علني بين كافة فئات المجتمع الموريتاني، سواء تعلق الأمر بالأغلبية العربية أو الأقلية الأفريقية. وجاء أول إلغاء حقيقي للعبودية سنة 1982، خلال حكم الرئيس الأسبق محمد خونا ولد هيدالة، لكن وبعد مرور سنوات، يقول نشطاء حقوق الإنسان، فإن حالات عديدة من العبودية ظلت قائمة وممارسة بشكل فعلي في أنحاء موريتانيا، فيما تؤكد السلطات أنها تبذل جهودا مكثفة لعدم عودة هذه الظاهرة مرة أخرى. يشار إلى أنه قبل عدة أشهر، اتخذت الحكومة الموريتانية سلسلة من الإجراءات للقضاء على مخلفات العبودية تحت اسم "خارطة الطريق" التي تتضمن تطبيق 29 توصية خاصة بمحاربة الرق. واعتبر مراقبون أن خارطة الطريق تطال مجالات قانونية، واقتصادية، واجتماعية، وتشكل خطوة عملية في محاربة هذه الظاهرة.