صادف التاسع والعشرين من شهر يناير الحالي مرور عقد كامل علي شهداء مجزرة بورتسودان الشهيرة ،قتل فيها اكثر من 27 قتيلا من قبل قوات الحكومة بدم بارد جدا ، كعادتها كما تقتل السودانيين يوميا في بقاع السودان المتعددة ، المليئة بانهار الدم وبحور الدموع، وقتلوا برصاص الامن والشرطة في ال29 من يناير 2005 في مدينة بورتسودان ، ويقول شهود عيان ان القوة التي استخدمت العنف ضد المتظاهرين السلميين ، تم استجلابها من الخرطوم ، كما تستجلب الحكومة المرتزقة من مالي والنيجر وتشاد للحرب في دارفور ضد المدنيين ، وحينها تقدم المتظاهرين بمذكرة لوالي البحر الاحمر تضمنت عدد من المطالب بينها الاعتراف بمؤتمر البجا الحامل للسلاح وقتها كممثل للشرق وتوظيف الخريجين،واقالة مدير المواني في حينها. هذه المطالب البسيطة فهمها النظام ان انتهاك للسيادة، وهي لم تكن المطالبة باستقلال الشرق ، او منحه الحكم الذاتي ، هي اعتراف ان حزب البجا له قاعدته الجماهيرية في مدن الشرق ، وتوظيف الخريجين من ابناء الشرق هيئة المواني البحرية بدلا من المحاباة المعروفة والولاءات للنظام الحاكم، ورئيس هيئة المواني حينها من المتجبرين ، وحولوا ميناء البحر الاحمر ان قاعدة توظيف للموالين والمصفقين له فقط ، فالمواجهة السلمية واجهتها الحكومة بالرصاص الحي وحصدت العشرات من ارواح الابرياء السلميين ... من قبل خصدت ارواح شهداء كجبار الذين رفضوا قيام السدود في مناطقهم التي تضرروا منها اكثر مما استفادوا منها ، فروح القتل الجماعي هي من تهيمن علي قادة النظام من الرئيس الي حكام الولايات ومعتمدي المحليات، صارت ثقافة العنف هي الشائعة الان ، فهذه المجازر تتم في مدن ومناطق ليست بها حركات مناوئة للحكومة ، حتي لو كانت بها ، هل يجابه الاحتجاج السلمي بالرصاص الحي ،ومحصلته الاخيرة الموت بالجملة ، والنظام يؤمن بقاعدة الموت الجماعي ، في احداث سبتمبر في عام 2013 قتلت الحكومة المئات حسب تقارير منظمات تعمل في الحقل الانساني،وبررت الحكومة لتغطية فشلها ان الجبهة الثورية كانت تقف وراء الاحتجاجات الرافضة لزيادة اسعار الوقود،وتقول الاحصائيات الحكومية ان عدد الموتي بلغ ستين قتيلا فقط ، والتحقيق الي الان لم يشر الي الجاني، فالذاكرة الجمعية المتعلقة بالقتل بالجملة دائما تحمل في داخلها بذور الانتقام من قادة النظام اذا سنحت الفرصة المناسبة،تمر اعوام علي من يقتلون في السودان ، حقوقهم تذهب مع هبوب رياح الاهمال والتجاهل القانوني من مؤسسات النيابة ووزارة العدل والقضاء،من يتولون ملف التحقيق يتعمدوا اخفاء الدلائل التي تشير الي المجرم والقاتل والمحرض علي الجرائم .. نعم مر عقد باكمله علي ارواح ضحايا بورتسودان، والمناطق في الشرق تحتفل بالذكري كل عام ، وفي نفس اليوم الذي سقط فيه الشهداء، وهم علي امل ان القضايا التي سقط من اجلها هؤلاء الشباب ، يوما ما ستذهب الي قاعات المحاكم ، او المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وهم علي يقين ان الحكومة الحالية ومعاونيها في الشرق ليس من اولوياتهم نبش التراب القديم ، لان التورط يطال الجميع المتواطئين والساكتين علي الجرم الفظيع ... . تمر الذكري العاشرة ، والحال هو نفس الحال ، لكن الامل الكبير معقود علي قوي التغيير السلمية والاخري التي ارتضت ان تحمل السلاح من اجل القضايا الوطنية بعد اغلاق الطرق المؤدية الي الحوار والتبادل ، فهذا ما انتج حمل السلاح في وجه الدولة ، ان الوجود علي ميادين مدن الشرق المتعددة سواء في البحر الاحمر وكسلا ، هو الرصيد الحقيقي لتذكير النظام رغم القوة التي تحيط به من كل المواقع ، ان الحق في الانصاف والاقتصاص من المجرمين هو الهدف الاسمي لانسان الشرق في السودان،رغم عدم فتحهم تحقيقا،ويستبعد كثيرون حدوث ذلك، ان فتح الذاكرة الجمعية متواصل الي ان تشير عقارب الساعة الي وقت المحاسبة في القريب العاجل ، ان احياء الذكري يمثل الروح الجماعية والذاكرة الجمعية التي تدرك مدي الاهتمام بحقوق الضحايا واسرهم المكلومة في مدينة بورتسودان ، ان ذاكرة الاحياء السنوية هي السلاح المتوفر الان، فالنظام في بورتسودان ، وهو فرع من السلطة الطاغية في الخرطوم، اذا خرج الان متظاهرين في مدن الشرق المختلفة ،سيمارسون نفس اسلوب الرصاص الهاطل في التاسع والعشرين من يناير 2005.. ان من ادمن سفك دماء الابرياء في بلاده ، لايضع الاعتبارات الاخلاقية للانسان ، كما منعت الاجهزة الامنية بعض الاسر في مدينة بورتسودان من قيام العزاء لابنها الذين قتلوا في جبال النوبة الاسبوع الماضي، هي نفسها التي ما زالت تتحفظ بفتح التحقيق في مجزرة بورتسودان ،هي نفسها التي اطلق الرصاص علي رؤوس وصدور الابرياء من مواطني شرق السودان،هذا حدث الدولة تدخل مرحلة جديدة من انها الحرب في جنوب السودان،وهذه هي حساسية المؤتمر الوطني مع كل من يدعو الي السلمية،دائما تقابله بالذخيرة والدبابات، تهرب من ارض المعارك،وتطلق الرصاص علي المدنيين العزل. نعم هذه هي الذكري العاشرة ، عقد باكمله ، وارواح الضحايا تئن في القبور من شدة الاهمال في حقوقهم ، والاسر لها امل كبير في التغيير القادم ، هذا هو السر علي قيام الذكري كل عام ، انها للتذكير ،ان النظام مهما تباهي بقوته الامنية الباطشة ان ساعة المحاسبة قادم ، وهذا اكيد ، ان شريط محاسبة النظام ، ممتد من مجزرة رمضان ،وطلاب معسكر العيلفون، وطلاب وطالبات الجامعات السودانية،وضحايا الابادة الجماعية في دارفور،والنيل الازرق وجبال النوبة،وشهداء هبة سبتمبر المجيدة،سقط فيها الطلاب، ذاكرة الشرق الجمعية هي شعلة للتقدم الي الامام ،وانارة لطريق العدالة المستقبلية ، الشرق يحي الذاكرة كل عام من اجل الاقتصاص لشهداء العشرة سنة الماضية ..