بدء تنفيذ الاتفاق على إنهاء خمسة أيام من المعارك بين قوات مؤيدة لصالح ومسلحين تابعين لشيخ قبيلة حاشد في اليمن أمس (أ.ب) صنعاء: عرفات مدابش لندن: «الشرق الأوسط» بعد 3 أيام من المواجهات المسلحة بين قوات أمنية ومسلحين يعتقد بانتمائهم لتنظيم القاعدة في محافظة أبين بجنوب اليمن، تمكن المسلحون من فرض سيطرتهم على مدينة زنجبار، عاصمة المحافظة، وسط نداءات استغاثة من سكان المدينة إلى المنظمات المحلية والدولية، في حين وجهت أصابع الاتهام إلى نظام الرئيس علي عبد الله صالح بتسليم أبين للجماعات الجهادية المتشددة في سياق خلط الأوراق داخل البلاد، كما يقول المعارضون. وخلفت المواجهات عشرات القتلى والجرحى في الجانبين، واستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة، ويقدر عدد المسلحين في أبين بالمئات ويتمركزون في مدينة جعار، مركز مديرية خنفر الواقعة إلى الشرق من مدينة زنجبار التي باتت تحت سيطرتهم بالكامل، في ظل أنباء عن فرار محافظها اللواء صالح الزوعري إلى جهة غير معلومة بعد الانفلات الأمني الذي شهدته المحافظة. وقال شهود عيان ل«الشرق الأوسط» إن المسلحين تمكنوا من بسط سيطرتهم على المدينة والمؤسسات الحكومية فيها، بما في ذلك فروع البنوك والبريد المركزي، بعد أن كانوا قد استولوا، قبل 3 أيام، على مبالغ مالية كبيرة من البنوك وفرع البريد الذي يتسلم منه موظفو الدولة مرتباتهم الشهرية. وذكرت مصادر مطلعة أن المسلحين أطلقوا سراح نزلاء السجن المركزي بأبين، الأمر الذي أسفر عنه فرار عشرات السجناء المحكومين في قضايا جنائية متنوعة، كما شهدت زنجبار نزوحا كبيرا للسكان الذين تمكنوا من الفرار من جحيم القصف والاشتباكات. وقال الشيخ طارق الفضلي، أحد معارضي الرئيس علي عبد الله صالح ل«الشرق الأوسط» إن الجيش قصف بكثافة مدينة زنجبار، وإن جثث القتلى من المدنيين والعسكريين والمسلحين تملأ شوارع المدينة، وإن بعض الجثث والمصابين ما زالوا تحت أنقاض المنازل المدمرة. وأشار الفضلي إلى أنه تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس صالح عرض عليه خلاله أن يمسك بالمحافظة كمحافظ أو بأي صفة أو طريقة، وأنه طلب منه التوسط بين الجيش والمسلحين، لكنه وبعد تجدد القصف انسحب من الوساطة، مؤكدا أن انسحابه دفع ثمنه قصف قصره من قبل الجيش وإصابة عدد من أفراد حراسته. على ذات الصعيد، اتهم عدد من كبار قادة القوات المسلحة اليمنية الرئيس صالح بتسليم محافظة أبين إلى تنظيم القاعدة في سياق ما وصفوه بسعيه لجر البلاد إلى العنف والفوضى والاحتراب الداخلي، وأعلن عدد من كبار قادة الجيش انضمامهم إلى الثورة الشبابية السلمية وتأييدها، وأصدروا بيانا باسم القوات المسلحة المؤيدة للثورة، وحمل البيان رقم 1، الذي وقع عليه اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، قائد الفرقة الأولى مدرع، واللواء محمد علي محسن، وقائد المنطقة العسكرية الشرقية اللواء صالح الضنين، ومستشار القائد الأعلى للقوات المسلحة اللواء عبد الله علي عليوة وزير الدفاع السابق، واللواء حسين عرب، وزير الداخلية الأسبق، واللواء سيف الضالعي، قائد المنطقة العسكرية المركزية، واللواء محمد المقدشي، قائد المنطقة العسكرية الوسطى، واللواء عبد الملك السياني، وزير الدفاع الأسبق. وقال الموقعون على البيان إن صالح سلم محافظة أبين إلى «قطّاع الطرق والإرهابيين والمجاميع المسلحة»، وذلك من أجل تخويف المجتمع الداخلي والخارجي بأن اليمن سيتحول إلى صومال آخر، وأشاروا إلى أن صالح يحاول تشويه صورة مؤسسة الجيش والأمن وتصويرها بالفاشلة، وقالوا إن الجيش اليمني لن يكون «أداة لتنفيذ حكم صالح المريض» وإن القائد الأعلى (الرئيس) أخلى معسكرات الجيش لمجاميع «البلطجية»، ودعت الشخصيات العسكرية البارزة من تبقى من أفراد الجيش والأمن في صف النظام، إلى الانضمام إلى الثورة الشبابية. ويعتقد المراقبون أنه وبانضمام المزيد من قادة الجيش والأمن السابقين والحاليين إلى ثورة الشباب وبإصدارهم للبيان رقم 1، فإن دائرة المؤيدين للثورة قد اتسعت مقابل أن الدائرة ضاقت كثيرا على الرئيس صالح، خاصة أن البيان كشف عن رفض رئيس الوزراء الدكتور علي محمد مجور، والدكتور عبد الكريم الأرياني، المستشار السياسي، ووزير الدفاع ورئيس الأركان وغيرهم من القادة العسكريين، الزج بالجيش في مواجهات مع بعضه البعض خلال الفترة الماضية والراهنة، وفي هذا السياق وجه موقعو البيان الشكر لتلك الشخصيات لرفضها أوامر صالح. إلى ذلك، انضم أحد ألوية الحرس الجمهوري إلى الثورة الشبابية المطالبة بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح عن الحكم، وقالت مصادر مطلعة إن «اللواء التاسع ميكا» المرابط في محافظة ذمار القريبة من العاصمة صنعاء، أعلن انضمامه ومساندته لثورة الشباب. وأدانت المعارضة اليمنية المنضوية في إطار تكتل «اللقاء المشترك» أحداث أبين و«تسليم النظام المتعمد والمكشوف محافظة أبين وعاصمتها وبعض مدنها لبعض الجماعات المسلحة التي صنعها وأعدها وسلحها النظام نفسه ليتخذ منها فزاعة يخيف بها مختلف الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، ويحمله مثل هذه الممارسات الخطيرة»، وحث المجلس الأعلى للمعارضة «قيادات وقواعد اللقاء المشترك وكافة قوى التغيير والثورة السلمية في محافظة أبين وسائر محافظات الجمهورية على سرعة اتخاذ التدابير السياسية والاجتماعية لقطع الطريق على مثل هذه المخططات الإجرامية التي ينفذها وسينفذها نظام لم يبق أمامه سوى الرحيل الفوري ليبقى اليمن وطنا لكل أبنائه»، على حد تعبير المعارضة التي أشادت بموقف «الجيش الوطني» المؤيد لثورة الشعب السلمية، الذي «رفض الانجرار نحو العنف على الرغم من كل التحرشات والاستفزازات التي تلقوها»، كما أشادت ب«كل الذين رفضوا أوامر القتل لأبناء شعبهم من ضباط وصف وجنود وطيارين ومهندسين وشخصيات قبلية واجتماعية»، ودعت البقية إلى أن «تحذو حذوهم لتجنيب بلدنا مخاطر الانهيارات الناشئة عن المغامرات اللامسؤولة». وفي موضوع ذي علاقة، بدأ أنصار الزعيم القبلي صادق الأحمر، الأحد، إخلاء وتسليم مبان حكومية سيطروا عليها خلال الأيام الماضية إلى لجنة وساطة بموجب اتفاق مع الرئيس علي عبد الله صالح، حسبما أفاد وسطاء لوكالة الأنباء الفرنسية. وقال الشيخ عبد الله بدر الدين «بدأ إخلاء المباني الحكومية التي يسيطر عليها المناصرون للشيخ صادق وبدأ تسليمها إلى لجنة الوساطة». وأوضح وسيط آخر أن «الاتفاق ينص على إنهاء كل أشكال الانتشار العسكري» في حي الحصبة بشمال صنعاء و«تطبيع الوضع في هذا الحي». على صعيد ميداني، قتل متظاهر واحد على الأقل وجرح العشرات في هجوم جديد نفذته قوات الأمن على «ساحة الحرية» بمحافظة تعز، وقالت مصادر شبابية إن رجال الأمن أطلقوا الرصاص الحي باتجاه المعتصمين في الساحة.