وقع قائد عام الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان اتفاقا سياسيا مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الاحد، قضى بإعادة الأخير لمنصبه على أن يُكّون حكومة جديدة مستقلة. وأبدى آلاف المتظاهرين في العاصمة الخرطوم سخط كبير على توقيع رئيس الوزراء للاتفاق السياسي، معتبرين ذلك بمثابة اعتراف بشرعية الانقلاب العسكري الذي قاده البرهان في 25 أكتوبر الفائت. ونص الاتفاق السياسي، الذي حصلت عليه "سودان تربيون"؛ على إلغاء قرار البرهان الخاص بإعفاء رئيس الوزراء عبد الله حمدوك. وقال الاتفاق إن الشراكة بين المدنيين والعسكريين "هي الضامن والسبيل لاستقرار وأمن السودان"، حيث تعهد موقعيه على إنفاذ هذه الشراكة بثقة مع الالتزام "بتكوين حكومة مدنية مستقلة". ولم يتحدث الإعلان عن قوى الحرية والتغيير، الشريك المدني للعسكر، قبل أن يقوم البرهان بالانقلاب العسكري وتعديل الوثيقة الدستورية بحذف مواد الشراكة. وطالب الإعلان السياسي بالتحقيق حول الانتهاكات التي صاحبت عملية فض الاحتجاجات السلمية الرافضة للانقلاب العسكري، حيث تقول لجنة طبية إن عدد القتلى بالرصاص الحي في التظاهرات وصل إلى 40 متظاهرًا إضافة لقرابة ألف جريح بعضهم حالتهم خطرة. ونادي الاتفاق بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الذين جرى اعتقالهم بواسطة القوات النظامية بعد الانقلاب العسكري الأخير. وطالب الإعلان باستكمال مؤسسات حكم الانتقال وبناء جيش قومي موحد وإعادة هيكلة التفكيك ومراجعة قراراتها، علاوة على الشروع في حوار بين القوى السياسية والمجتمعية يؤسس لقيام المؤتمر الدستوري. كما نص الإعلان على إشراف مجلس السيادة على مهام فترة الانتقال، إضافة إلى "ضمان انتقال السلطة في موعدها المحدد لحكومة مدنية منتخبة". وهذا يعني ضمنا استمرار المكون العسكري على رأس مجلس السيادة إلى نهاية الفترة الانتقالية. ويرى المراقبون على ان الاتفاق الحالي يتيح للمكون العسكري تكون قاعدة سياسية داعمة من قوى الإسلام السياسي عدا حزب المؤتمر الوطني التي سيتم استيعابها في البرلمان الانتقالي إلى جانب إشرافه على الفترة الانتقالية. وبرر رئيس الوزراء عبد الله حمدوك خطوة توقيع الإعلان السياسي ل "حقن دماء السودانيين". وقال حمدوك إن الاتفاق الذي وقعه مع قائد عام الجيش "يتيح إمكانية المحافظة على مكتسبات العامين الماضيين ويحصن التحول المدني الديمقراطي عبر توسيع قاعدة الانتقال". وأشار إلى الإعلان جرى التوصل إليه نتيجة عمل واسع خلال الأسابيع الفائتة. بدوره، قال عبد الفتاح البرهان إن الطرفين قدما تنازلات "من أجل حقن الدماء وتحقيق آمال وتطلعات الشعب".