العصب السابع فساد..جبايات وبالعكس.! شمائل النور الحرب على الفساد التي تبنتها الحكومة أو زعمت ذلك،تزامناً مع انفصال الجنوب والتي خمدت بعد حين دون منتصر ولا مهزوم سوى الشعب، بل برأ رئيس البرلمان كل قيادات الحكومة من الفساد حتى ذلك الذي طفح على السطح بمستنداته وأوراقه المفضوحة، والبراءة التي أوردها رئيس البرلمان ليست بالأدلة والمستندات القاطعة لكن "التديّن" الذي يتحلّون به حال بينهم والوقوع فيما لا يُرضي الله، في تجاوز غير مقبول لطبيعة النفس البشرية غير المعصومة عن الأخطاء..صمتت الحكومة عن الفساد لأن الحرب عليه فيما يبدو ستهدر دماً لا يتوقف كيف لا وتقارير المراجع العام تمر على السلطات العليا وكأنّها طلب إجازة. وفي ذات التوقيت الذي تظاهرت فيه الحكومة بأنها تثور على نفسها...أتذكرون عندما وجّه رئيس الجمهورية بنفسه بتشكيل لجنة عليا لمحاربة الجبايات وقال إن اللجنة ستداهم أجهزة الدولة وزارة وزارة ومؤسسة مؤسسة وشركة شركة،على حد وصف الرئيس،وأعلن حينها نافع علي نافع رئيساً للجنة محاربة الجبايات،وقطع دابرها،بل صدر توجيه بعدم التعامل مالياً مع أي أورنيك غير أورنيك "15" وكل من دفع مبلغاً دون استلام أورنيك "15" فقد ضاع حقه سداً.كما ضاع حقه من قبل ولا زال يضيع في الجبايات وما شابهها من بنود صرف الشعب على الحكومة...الواضح أن اللجنة لم تتشكل أصلاً بل ماتت قبل أن تولد،أم كان توجيه الرئيس لا يعدو كونه مجرد رغبة في محاربة الجبايات. على سيرة المحروسة الجبايات،،فقد أوردت "الرأي العام" أمس أن "80" مصنعاً بمنطقة الباقير الصناعية التابعة لمحلية الكاملين قد تمّ إغلاقهم بسبب الجبايات التي تفرضها الدولة على المستثمرين، فمثلاً المحلية تفرض رسوم تبلغ قيمتها "25" مليون على مستثمر نظير لا خدمات مياه وكهرباء ونفايات حسب ما ورد في الخبر،إذاً الرسوم المفروضة على هذا المستثمر تحت أي بند يسمى إن كان الخدمات الأساسية والتي هي من واجب المحلية يقوم بها صاحب الاستثمار نفسه..."80" مصنعاً رقم لا يُستهان به وأياً كان حجم المردود الاقتصادي المحلي لهذه المصانع وحجم الخدمة والمنتج الذي تقدمه ال "80" مصنعاً،فهذا مؤشر صريح لشبح اسمه الجبايات..الجبايات التي أهلكت المواطن ولا زالت تهلكه، ظننا أنها قصر على المواطن باعتباره "الحيطة القصيرة" التي تقفز بها الحكومة نحو الثراء على ظهور المواطنين، لكن الجبايات تطال حتى المستثمرين الذين لا زالت الحكومة تشجعهم على الاستثمار في السودان،والغريب في الأمر أن هناك مفوضية لتشجيع الاستثمار،كيف نشجع الاستثمار واليوم "80" مصنعاً أُغلقت بسبب الجبايات أهكذا يكون التشجيع..؟ الدولة تحتاج بشكل عاجل إلى مراجعات جادة في سياساتها الاقتصادية ككل وليس في أمر الجبايات فقط والمكتسبة شرعيتها باللوائح والقوانين الموضوعة بواسطة قُصر همهم أن يذهب المال إلى جيوبهم حتى لو كان على حساب الاقتصاد الوطني،وليذهب الاقتصاد ووطنه مع الريح. التيار نشر بتاريخ 15-08-2011
