زمان مثل هذا فتيات دخلن الغابة الصادق الشريف مطاردة درامية حدثت بمدينة الثورة.. تحديداً بالحارة الرابعة.. وبتحديدٍ أكثر يوم الأربعاء 12 إكتوبر هذا.. الساعة الحادية عشرة صباحاً. عربة شرطة كانت تطاردُ رجلاً يمتطي دراجة بخارية (موتر.. هل مايزال اسم دراجة بخارية هذا سارياً؟؟).. الأخبار التي جاءت بعد ذلك تقول إنّه لص متخصص/أخصائي في اختطاف الموبايلات وحقائب النساء. انحرف الرجل من شارع الشنقيطي فجأة الى أحد الشوارع الداخلية للحارة الرابعة.. وانحرفت معه عربة الشرطة.. تماماً كما في الأفلام الأمريكية. وبدأت مطاردة مثيرة داخل شوارع ضيقة مليئة بالسيارات والأطفال الزغب الصغار.. وكان من المحتمل أن يدفع مواطنون أبرياء فاتورة القبض على ذلك اللص.. من سلامتهم أو سلامة ابنائهم أو حتى سلامة سياراتهم.. ومن لطف الله أنّ ذلك اليوم كان يوماً دراسياً.. ومعظم الأطفال بالرياض والمدارس.. تلك المطاردة كانت خطأً قانونياً يسمونه (التعسف في استخدام الحق). من (حق) الشرطة القبض على المجرمين.. فهذا أوجب واجباتها.. ولكن هل يجوز تنفيذ أمر القبض مهما كانت الفاتورة باهظة؟.. ومتى تستخدم الشرطة حقوقها؟.. ومتى ترجح قاعدة أخفَّ الضررين؟ التعسف في إستخدام الحق.. ظهر في ذات اليوم.. في ولاية القضارف وبصورة ولا أبشع.. مجموعة من الفتيات أردنّ الإحتطاب.. إدارة الغابات لديها دوريات تطوف وهي تحمل نسخة من القانون.. وتحمل آليات و(آليون) للتنفيذ. من فرط الفزع.. الفتيات هربنّ بإتجاه الترعة الرئيسة لمشروع الرهد.. الترعة لم تصدق عينيها وهي ترى فتياتٍ لا يجدنّ السباحة يقفزنّ الى وسطها.. اختطفت أرواح أربع منهنّ.. ومازال مصير اثنتين منهنّ مجهولاً. لإدارة الغابة الحق في تطبيق القانون.. لكنّها تعسفت في إستخدام ذلك الحق.. بالصورة التي جعلت الغضبُ يعمِي عيون أهل الفتيات.. ففتكوا بالموظفين لولا تدخل الشرطة التي تولت حمايتهم.. فلم يجد الأهالي غير عربة لوري وتراكتور تابعتين للغابات فأحرقوهما.. علاوةً على حرق منزل مفتش الغابات وقطية تابعة لمركز شرطة أبو رخم. كرم الله عبّاس والي الولاية تعامل مع الأمر بمسؤولية.. ودفع بالملف الى العدالة.. ليأخذ القانون مجراه في تلك القضية. ولو كان أحدٌ آخر غير الوالي هو الذي دفع بالملف الى العدالة (أهل الضحايا مثلاً).. لتطايرت الظنون بأنّ الحكومة لن تدين الحكومة.. ولكن من يجلس على قمة السلطة بالولاية هو الذي طالب بالعدل.. ودفع بالقضية الى أجهزة تطبيق القانون.. هذا سلوكٌ يستحقُّ عليه الإشادة. بالنسبة للشرطة.. إذا كان عساكر الشرطة لا يجيدون التقدير.. فإنّ القيادة تحتاج الى وضع ضوابط صارمة.. (للمطاردات) تحديداً. وقد علمتُ من بعض ضباط شرطة المرور أنّ مطاردة الدوريات ل(المخالِف مرورياً) ممنوعة.. حتى لا تأتي المطاردة بجرم أكبر من المخالفة نفسها. ويحتاج هذا المنع أن يتسع ليشمل كل وحدات الشرطة بصورة عامة.. رغم أنّ لكلِّ حالة لبوسها.. فمن يقتل مواطناً أو يدهسه.. تختلف معاملته عن معاملة اللص السارق.. أو المواطن الذي لا يحمل رخصة قيادة.. ولا يحمل معه مالاً ليفدي به نفسهُ. هذا الأمر يحتاجُ الى إعادة نظر من قيادة الشرطة. التيار نشر بتاريخ 15-10-2011