حروف ونقاط لمن يهمه الأمر سلام النور احمد النور من نكبات البلاد خلال مرحلة الاستعمار، سيطرة بريطانيا على المواد الخام التي يصدرها السودان خاصة القطن، حيث بلغ نصيبها منه منذ 1926وحتى 1952م ما يزيد عن 60 في المئة، وكان القطن يشكل 63 في المئة من صادرات السودان، وكان من ضمن أهداف الاستعمار الإنجليزي تحويل السودان إلى مزرعة قطن كبيرة تشكل مصدرا دائما ومستمرا لمصانع لانكشير من خام القطن السوداني، أي مصدر رخيص للمواد الخام وسوق لمنتجاتها الصناعية حسب قوانين التبادل غير المتكافئ. وفي الوجه الايجابي صار القطن من أبرز صادرات السودان بعد استقلاله، وتشكل عائداته موردا مهما للعملات الأجنبية تغذي الخزينة العامة، وفي موسم 1960 وصل الإنتاج 100 ألف طن. وبعد عشر سنوات بلغ 189 ألفا،ولكن في عام 2000 انحدر إلى 21 ألف طن،وفي الموسم الماضي تلاشى إلى ألفي طن،وانخفضت مساهمة مشروع الجزيرة حيث القطن طويل التيلة بعد قانونه الجديد في العام 2005 بشكل مخيف. الأرقام لا تكذب ولا تتجمل، وينبغي أن يكون ذلك مدعاة لمراجعة إدارة الشريف بدر وشركة الأقطان واتحاد مزارعي الجزيرة الذين يستمرون من فشل إلى فشل ،والدليل مؤشر الإنتاج وأرقامه ولا أي شيء آخر حيث وصل الإنتاج في مشروع الجزيرة 0.001 في المئة (واحد في الألف) من إنتاج 1970. والأخطر هو ما تشهده شركة الأقطان،الفشل مقارنة بما يحدث لا يساوي شيئا،ففي 5و6 أكتوبر الجاري نشرت الصحف على نطاق واسع إعلانا مدفوع القيمة على صفحاتها الأولى - وهو أمر غير معتاد- عن متهم هارب يدعى علي محمد محجوب، تطلب منه النيابة تسليم نفسه،والغريب أيضا أنه أجرى اتصالا مع الزميلة "السوداني"، مؤكداً أنه غير هارب وروى أنه كان يعمل بشركة السودان للأقطان التي استوردت تراكتورات هندية ماركة (تاف) من المفترض أن تبيعها للمزارعين بالأقساط، لكن شركة الأقطان هذه لديها شركة مؤسسها رجل الأعمال محي الدين عثمان، ود. عابدين ?حمد علي مدير شركة السودان للأقطان، والشركة مسجلة بأسماء أبناء شقيقاتهما، وأن الشركة تقوم بتحويل التراكتورات لشركة (ايرث) مع وضع نسبة زيادة على قيمة التراكتور،أي تقوم بدور الوسيط. ويزيدنا علي محمد محجوب عجبا فيقول إن مدير شركة (ايرث) وليد عابدين محمد علي، نجل مدير شركة السودان للأقطان، ويضيف أن جملة التراكتورات المطلوبة 300 ولكن التي وصلت منها 288، فأعطت الشركة منها 50 لشركة ايرث لاستخدامها في تحضير الموسم الزراعي لصالح شركة الأقطان، التي تأخذ أكثر من مليار جنيه سوداني لتحضير الأرض، علماً بأن التركترات ملك لشركة الأقطان بعد خصم ال(50) تركتور التي حولت ل(ايرث) فأصبح عدد التراكتورات 238 وعدد المتقدمين من المزارعين أكبر بكثير من عدد التراكتورات، فأصبح هنالك فرق بين عدد المتقدمين المس?حقين والموجودين من التركترات، فأثار المزارعون مشاكل وهم يطالبون بتراكتوراتهم. وليس أمام الشركة من حل سوى البحث عن شخص ليكون كبش فداء. ويمضي محجوب في حديثه عن علاقته بالشركة قائلا إنه كان مخولاً من السيد محي الدين محمد عثمان بتحصيل كافة المبالغ التي تدخل على شركة (ايرث) لاعتبارات تتعلق بأن محي الدين لديه مديونية عليها، وقد تم هذا التخويل بصورة شفاهية ولكنه كان ملزما لهم، ويستدل محجوب على ذلك بأنه تحصل وسلم مبالغ عديدة لمدة عام وأودعها في حساب محي الدين بكشف موجود وموثق وان لديه ما يؤكد ذلك. ويزيد محجوب أيضاً أنه تفاجأ بهذا الإعلان، وقال إن الشاكي وهو ابن خاله قصد من هذا الإعلان التشهير به بقصد التغطية على موضوع تراكتورات مزارعي الجزيرة والمناقل بعد أن تصرفت إدارة المشروع في تراكتوراتهم لصالح مزارعي خور أبو حبل. ولم تمض أيام حتى نشرت الزميلة "الوطن" ملفا آخر لا يقل خطورة عن شركة السودان للأقطان عن استيرادها أكثر من 11 ألف طن أسمنت، لكن هيئة المواصفات والمقاييس حجزتها في ميناء بورتسودان لفحصها بعد ما تعهدت شركة السودان بعدم التصرف فيها إلا بعد ظهور نتيجة فحص العينة، بيد أن هيئة المواصفات فوجئت بأنه قد تم بيع الأسمنت في السوق. مجالس الخرطوم والجزيرة تتحدث عن ما يشيب له الولدان في شركة الأقطان، وقصة التراكتورات والمليارات الهائمة، لكن فلندع ذلك ولن نعلق عليه،غير أن ما نشر منذ أكثر من أسبوعين في الصحف وصمتت عنه شركة الأقطان ينبغي أن يكون موضوع تحقيق ومحاسبة، ولا ينفع الصمت والهروب من الحقائق،وأين الأجهزة العدلية يا وزير العدل الذي توعد بعدم شطب أية بينة في ملاحقة من يهدرون المال العام ويتلاعبون بمصالح الوطن وحقوق المواطنين ..؟؟ الصحافة نشر بتاريخ 23-10-2011