خط الاستواء عبد الله الشيخ كل انسان يتخذ ما يليق به من المواقف منطلقاً من الزاوية أوالنافذة التى يطل منها على الأحداث.. وبلغة السودانيين..." كل زول عاجبو الصَّارو، وكل زول يفهم القصة من الحته الناشفة الواقف فيها، والما عارف يقول عدس.. كل زول همو قدر قروشو، وكل زول بردو قدر غُطاهو"..! بهذا الفهم فان الوحل والطين الذي نشكو منه في أيام الخريف هذه، ماهو إلا "جوْ فُول" عند آخرين..! والتعديل الوزاري الذي "يحنِدك" به عمر البشير جماهير الشعب السوداني، هو عند جماعة المؤتمر الوطني مجرد كشف تنقلات..! وتنصُّل صفوت حجازي من تنظيم الاخوان بعد القبض عليه ،وقسمه بالله العظيم بأن لا صلة له بالجماعة،،كل ذلك يعتبر عند الكيزان الاصليين "فقه ضرورة"..! و كذا قضت الايام ما بين اهلها ، أو كما قال ابو الطيِّب: "وكلٌ يرى طرق الشجاعة والندى ولكن طبع النفس للنفس قائدُ"..! لكن المجتمعات الحية تستخلص الحكمة من التجارب ولا تأخذ صفوت حجازي وأمثاله مأخذ الجد...الناس يعرفون أن لكل حرباء لونها الذي تأخذه في ظرفها الزماني والمكاني الذي تقف عليه.. بيد كل الظروف مهما تكاثفت، فهي لا تؤثر على معادن الرجال الأُصلاء.. الرجال الذين" صدقوا ما عاهدوا الله عليه".. الرجال "الذين لا تلهيهم تجارةٌ ولا بيعٌ"..والحمد لله الذي قال "الرجال" ، ولم يقل الذكور..! كان صفوت حجازي خلال حكم الاخوان لمصر قد ارسل لحيته الصفراء فى الفضائيات، وكان يقول أن محمد مرسي خط أحمر،"بمعنى ان اللى يرشو بالمية حنرشوا بالدم"..! اليوم و بعد القبض عليه، ترى نسخة أخرى لهذا الاخواني الحربائي المتلوِّن، فقد ظهر حليقاً ومصبوغ الشعر و"ابن ناس" يرفض البلطجة ، و يحذر من مغبة التحريض على العنف..! بين عشية وضحاها تنصَّل صفوت حجازي عن الرِباط من أجل تنظيمه الدولي وبدل اقواله تبديلاً..! وعلى حد قول راندوك السودان ، فان " زولك جرَّ واطي، وعمل رايح "،، في زرائعية كيزانية يجيد الاخوان استخدامها عند كل حال.. المطبّات الضيقة تظهر معادن الرجال، وعندما نقول الرجال فاننا نعني كذلك النساء شقائق الرجال..فكم من إمرأة أخذت جندرتها بقوة الشخصية ورصانة الأدب والعقل السديد..وكم من امرأة أمضت كلمتها وقطعت برأيها فى مجتمعنا الأبوي كما تقطع السكين قطعة الذًبْد.. تذكرني النسخة الاخيرة لصفوت حجازي وهو فى ضعفه وانكساره بموقف للصادق المهدي من حكومة البشير فى العام 1993 .. ققى ذلك الزمن البعيد أُضطررت للعمل فى صحيفة انقاذية اسمها السودان الحديث..تلك خطيئة تستحق الندم ومسغبة تستحق ان تُروى، لكني عند هذا الباب اسأل الله أن يعينني على تحاشي السرد.. فى تلك الايام الكالحة من عمر السودان كانت الانقاذ تكيل الشتائم للمهدي وتتهمه بالتخطيط لمحاولة تخريبية.. وعرض الانقاذيون المهدي فى وضع تلفزيوني ينم عن تضعضُع و سوء حالٍ، وساعدهم هو فى مبتغاهم عندما بدا انهيار عزمه خلال البث التلفزيوني الذي ظهر فيه على الملأ وهو يقرأ بضع كلمات، نفى فيها ما نُسب اليه من شرف المقاومة.. وتخيل..! زعيم حزب الامة القومي الذي انقلب عليه العسكر يرضي بأن يُطلق على حزبه الكبير لفظ"جماعتنا"..! ولما كان المهدي قد طأطأ رأسه وأصبح فى حال محمود ود أحمد بعد موقعة أتبرا، فقد وجد بين صبية الانقاذ من يدوس عليه.. و خرجت صحيفة السودان الحديث فى اليوم التالي بمانشيت أحمر يقول ..الصادق المهدي "يتنصَّل" ويدين المحاولة التخريبية..! كنت شاهداً على ما جرى فى ذلك الصباح ..! فى ذلك الصباح "تطاقشت" التلفونات من بعض أكابر الانقاذيين على مقر الصحيفة .. " واقبل بعضهم على بعض يتلاومون"، قدحاً ومدحاً فى عبارة " يتنصَّل " التي وُضعت بعناية بين غمازتين..! كانت الانقاذ قد صدقت لأول مرة في حياتها، لكنها غضبت على نفسها من ذلك الصدق واغضبتنا نحن ايضاً..! فما كنا نظن أن متواليات الايام ستُبدي لنا أن سيدنا، ليس إلا صورة " سوفت وير" للبهلوان صفوت حجازي..!!