ما يزال رئيس الآلية الأفريقية لمعالجة الأزمة بين الخرطوموجوباالجنوب أفريقي ثابو أمبيكي محل شك عند بعض مسؤولي الدولتين المتنازعتين. ففي وقت يرى فيه مسؤولون جنوبيون أن الرئيس السابق لجنوب أفريقيا -الذي يقف على رأس لجنة حكماء القارة- غير جدير بالتوسط بين دولتهم والسودان، يعتقد مسؤولون سودانيون افتقاده لمبدأ الحياد في بعض القضايا المهمة. وبالرغم من الاتهامات التي ساقها المسؤولون الجنوبيون لأمبيكي في يناير/كانون الثاني الماضي باعتقادهم أنه يحاول إجبار بلادهم على دفع أموال وحصة من الإنتاج النفطي للسودان، إلا أن ذلك كله لم يمنع حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان من إعلان تجديده الثقة فيه. وأبدى القيادي بالحركة الشعبية لوال دينق -في تصريحات صحفية بداية الشهر الحالي- قلقه تجاه "مصداقية ونزاهة الرئيس أمبيكي"، مقترحا تولي الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) عملية الوساطة بين الخرطوموجوبا. لكن احتجاج السودان لدى مجلس الأمن الدولي وتحفظه على الخارطة الإدارية التي قدمها أمبيكي للطرفين والتي أدخلت منطقة من المناطق المتنازع عليها ضمن خارطة دولة جنوب السودان، قد أثار كثيرا من التساؤلات حول الحياد الحقيقي للوسيط الأفريقي في معالجة المشكلة بين البلدين. غير أن مسؤولا في الحزب الحاكم أكد أن حزبه ظل يجدد الثقة في ثابو أمبيكي كوسيط "لقدرته على الاختراق الحقيقي في كافة الملفات العالقة بين البلدين"، مبديا حرص الحزب على آلية الوساطة الأفريقية حتى الآن. عقبات ومن جهته، قال نائب أمين الإعلام بالحزب ياسر يوسف للجزيرة نت "نظراً للتجارب السابقة فإن الأمر يحتم أن نضع الحصان أمام العربة حتى تكون المسيرة سلسلة وسهلة". بينما رأى محللون سياسيون أن الاحتجاج السوداني في مجلس الأمن هو مواصلة لرأي سلبي مسبق أشار إليه -ولو بطريقة غير مباشرة- مسؤولون سودانيون أكدوا من خلاله على عدم رضاهم عن بعض خطوات أمبيكي. وفي هذا السياق، وصف المحلل السياسي الرشيد أبو شامة تاريخ الوسيط الأفريقي بالسلبي "لكونه لم يحقق نتائج إيجابية في كافة القضايا العالقة حتى الآن"، وقال إن تراجع الجنوب عن كثير من المواقف قلل من أهمية خطواته وسيؤثر على نجاحها. وذكر للجزيرة نت أن الجنوب لن يوافق على بدء المفاوضات المقبلة بالترتيبات الأمنية، لأنها عملية كبيرة بالنسبة له وستكلفه فقدان الفرقتين التاسعة والعاشرة في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. كما شكك المحلل السياسي في قدرة أمبيكي على إيجاد مخرج حقيقي للأزمة بين الخرطوموجوبا، "لأنه فقد زخمه كوسيط ناجح بسبب طريقة الجنوب في التفاوض"، مستبعدا في الوقت عينه قدرة الوسيط الأفريقي على "تخطي ضعفه في مواجهة جوبا بأخطائها". أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية مهدي دهب، فلفت إلى ضرورة وجود مواصفات خاصة لنجاح الوسيط في المفاوضات، معتقدا بأنها لم تتوفر في أمبيكي حتى الآن. وقال للجزيرة نت إن بإمكان أمبيكي التأثير على حكومة الجنوب "بعكس حكومة السودان"، مشيرا إلى أنه فشل في تقريب وجهات النظر بين الطرفين. ورأى دهب أن اتهامات بعض مسؤولي الجنوب للوسيط الأفريقي بعدم الحياد دفعه لقبول الخريطة التي احتج عليها السودان لدى مجلس الأمن الدولي "في محاولة لإرضاء الجانب الجنوبي أولا".